توفي وزير الداخلية المغربي الأسبق إدريس البصري صباح أمس الاثنين في مستشفى بباريس عن عمر يناهز 96 عاما .وأكد أحد المقربين من البصري لوكالة الأنباء الفرنسية أن الأخير مات اثر مرض عضال "السرطان" . وقد أكدت وكالة الأنباء المغربية الرسمية من جهتها نبأ الوفاة في بيان مقتضب وعرضت سيرته الذاتية بدون تعليق. ويرجح نقل جثمانه إلى المغرب ليدفن في مسقط رأسه في إقليم السطات .. والبصري كان يعرف بالرجل القوي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني ، حيث ظل يشغل منصب وزير الداخلية على مدى عشرين عاما ، أي من 1979 إلى غاية تنحيته من طرف محمد السادس في التاسع من نوفمبر 1999 بسبب موقفه من قضية الصحراء الغربية . وكان البصري الذي اختار باريس مكانا لمنفاه قد تمتع بنفوذ واسع النطاق في العديد من المجالات وخاصة المجال الأمني وملف الصحراء الغربية ، وهو ما جعل الملك محمد السادس ينقلب عليه بعد توليه العرش خلفا لوالده عام 1999 ، باعتبار أن الملك كان يملك رؤية أخرى للملف غير رؤية والده ...غير أن القطرة التي أفاضت الكأس وفجرت غضب القصر الملكي وكذلك الصحافة المغربية على الرجل كانت تأييده لعملية استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي ، حيث عبر عن هذا الموقف لأول مرة في نوفمبر 2004 في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة "لاراثون " الاسبانية . وبعد هذه المقابلة شن الإعلام المغربي هجوما كبيرا على البصري واتهم ب "الخيانة" . وتواصلت الحملات الإعلامية والسياسية المغربية ضد البصري بعد أن جدد موقفه المؤيد لعملية الاستفتاء حوار مطول أجرته معه صحيفة "الشروق اليومي " في جانفي 2007 من مقر إقامته من باريس ،حيث قال " أنا شخصيا كمغربي مع صحراء مغربية، غير أنني أريد أن يكون استفتاء، أي حل عادل في نطاق الأممالمتحدة، من خلال تنظيم استفتاء ". وأضاف قائلا " نحن أول من طالب بإجراء استفتاء العام 1967، يجب أن نجري استفتاء حول قضية الصحراء " . كما انتقد البصري في ذات المقابلة موقف فرنسا والولايات المتحدة : " وأقول حان الوقت لأخذ زمام أمرنا بيدنا، وإيجاد الحل بيدنا نحن في المغرب والجزائر " .وأعرب أيضا في نفس المقابلة عن أمله بزيارة الجزائر التي اعتبرها بمثابة بلده الثاني .. وبالإضافة إلى موقفه المؤيد لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم ، فقد تحول البصري إلى معارض رقم واحد في نظر القصر الملكي بسبب انتقاده للسياسة الحكومية في التعاطي مع ملف التعذيب خلال ما يعرف ب "سنوات القمع " "1960 1990 "،حيث كان قد أعلن في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية من أن الشهادات المتلفزة التي يدلي بها ضحايا التعذيب بإشراف "هيئة العدالة والمصالحة" الحكومية ليست سوى "عملية دعائية وترويجية" من أجل حجب الواقع السياسي والاقتصادي المتدهور في المغرب .. ولكن من جهة أخرى ،فقد استقبل بعض المغاربة وخاصة المدافعين عن حقوق الإنسان وفاة إدريس البصري بمزيد من الأسى ليس حبا في هذا الرجل ،ولكن خوفا من أن تطوى " سنوات القمع" دون أن يحاسب أي من المسؤولين والمتورطين فيها .وقد علق أحد الحقوقيين المغاربة بعد إعلان نبأ وفاة البصري قائلا " ستدفن معه بعض الحقائق التي تخص الانتهاكات السابقة ".ويذكر أن إدريس البصري الذي كان ابن حارس في سجن كان قد بدأ مشواره كمفوض مركزي في الرباط ثم أصبح عام 1973 مدير جهاز الاستخبارات قبل ان يعين وزيرا منتدبا للداخلية عام 1974. وبعد خمس سنوات تولى منصب وزير الداخلية ويستمر فيه حتى وفاة الملك الحسن الثاني عام 1999 . ليلى//ل