كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا عند تنقلنا إلى حي الكالتوس ببلدية بوروبة بالعاصمة حيث يقيم الإنتحاري أبو مصعب الزرقاوي العاصمي الذي نفذ الإعتداء على ثكنة حراس السواحل بدلس بولاية بومرداس و كان مرفوقا بشخص ثاني . كانت الوالدة في البيت تقوم بأشغال منزلية تحضيرا لإستقبال شهر رمضان المعظم ، طريقة إستقبالها العادية كشفت جهلها بأن منفذ العملية قد إبنها و كنت تحدثت إليها عدة مرات و تابعت كل تحركاتها و مساعيها لإسترجاع صغيرها و حبيبها المدلل الذي أنجبته بعد عدة سنوات من الزواج و لأنها إمرأة قوية و ثابثة إخترت التأكد منها على زوجها الذي كان نائما في غرفته و أعترف أني كنت أرتعش و أن أطلعها على الصورة المرفوقة في بيان "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " تؤكد فيه أنه منفذ إعتداء دلس للتأكد منها أنها ل"نبيل" و رأيت أمامي أما تصرخ " هو..أنه نبيل ..هو " و أمطرتني بالأسئلة حول مصدر المعلومة التي كانت من موقع التنظيم على الأنترنيت . كان موقفا صعبا و دراميا عندما نادت على الوالد و دخلت الجدة من الأم و إنطلق الجميع في العويل و البكاء و الصراخ و ظلت الجدة تبكي " يا يما وخذونا في العزيز " و هي التي تحدثت لي سابقا أنه قرة عينها و هي من ربته و كان "كبدتي " وساءت حالتها الصحية منذ رحيله و سقطت أرضا مغمى عليها . و لم يتمالك أشقاء نبيل دموعهم و رأيتهم يصرخون "لا ..لا " و إتجه إلي أحدهم "خويا ماشي إرهابي ..ماشي قتال .." قبل أن يهدد بالإنتقام من الأشخاص الذين قاموا ب"إختطافه" مما تطلب تدخل الوالد الذي منعه من الخروج . كان الجميع يبكي حتى الصغيرين "نبيل مات..نبيل مات" و رغم صغر سنيهما كانا يدركان حجم المأساة . والدة نبيل كانت تنتفض باكية "أقسم بالله أن إبني ضحية ، إسألوا الجيران ، إسألوا المعلمين ، كان ملاكا لا يمكن أن يقتل و يرتكب جرما " قبل أن تكشف " لقد وعدني بالعودة ..كنت أنتظره ..ياربي ..ياربي " قبل أن تتساءل "إبني صغير لماذا لم يقم بها الكبار " و كانت الجدة غائبة عن الوعي في هذه الأثناء و كان الجميع قد بكوا أمام شاشة التلفزيون صباح أول أمس عند الإعلان عن تفجير إنتحاري إستهدف ثكنة دلس و قالت الجدة "ربي يخلصهم ، هاذو يهود " لكنها تؤكد أن صغيرها نبيل لا يمكن أن يقوم بهذا الفعل هو الذي أعلن لأهله عن عودته القريبة . و في هذه الأثناء ، يتصل الوالد بمصالح الأمن التي كانت تتابع القضية و ذلك هاتفيا هاتفيا و إضطررنا للإنسحاب بعد أن تنقل الوالدان لإجراء تحاليل الحمض النووي "الآي دي آن " للتأكد علميا من أن المنفذ الحقيقي هو صاحب الصورة . هذا ماقاله نبيل قبل يوم من العملية الصدمة كانت شديدة على العائلة التي كانت قد تلقت إتصالين من نبيل بعد إنقطاع أخباره منذ إلتحاقه رسميا بالجبل ، كان ذلك يوم الأربعاء الماضي عندما إتصل على رقم هاتفه من رقم مجهول و إطمأن على أخباره وطلب منه العفو و السماح على كل ماسبب لهم من متاعب و يقول الوالد "لقد إنتابتني شكوك و أدركت أنه كان سيقوم بعمل ما نهرته لكنه أكد لي العكس " و في اليوم الموالي صباح الخميس إتصل بوالدته التي تربطه بها علاقة قوية و هو قريب جدا منها "أخبرني أنه بخير وأنه "سمن" و هو جاس أمام الواد " و أضافت " تعهد لي بالعودة و قضاء شهر رمضان معنا و تحدث إلى إخوته جميعا ، كان كل حديثه يؤكد أنه سيعود بل أنه شدد على شقيقه الأصغر لعدم البكاء و إلا سيضربه ". و قام والده بعد إتصال نبيل من رقمه الأصلي بتعبئة رصيده ب1000 دج للحديث مع أمه و إخوته وفعلا إتصل بأخواله و حدد لهم موعدا للإلتقاء "إبني كان سيعود لكنهم خدعوه ..خدعوه كما في المرة الأولى " تقول أمه التي إتصلت به لاحقا لكنه كان مقفلا . أسألها : هل كان يبدو عليه أنه كان خائفا أو مرتبكا أو تحت الضغط؟ لكنها تجيب بثقة :لا ، كان يبدو واثقا و آملا و متفائلا كان يخطط للعودة ( تصرخ) :لا..لا ..نبيل وليدي العزيز لم يكن ليقوم بهذه الجريمة .وتصرخ مجددا : لا..أنا لاألد إرهابيين ...نبيل ملايكة ..سأفضح من أخذوه ..لن أصمت ..لن أدعهم يأخذوني مني أولادي مجددا..لا..لا حتى و إن قتلوني ..لكنهم قتلوني اليوم ..قتلوا نبيل ..و الله نبيل ليس إرهابيا ... و تكشف السيدة (ل) والدة نبيل انها إستفسرت منه عن رفقائه الآخرين لكنه أخبرها انهم فرقوا بينهم و هو ما سبق أن أشارت إليه "الشروق اليومي" في عدد الخميس .و سبق لأم نبيل أن إتصلت به هاتفيا عندما إلتحق بالنشاط المسلح عندما وجدت هاتفته مفتوحا و تحدث إليها شخص (إرهابي) توسلت إليه إطلاق سراحه لأنه صغير لكنه أجابها بعبارات جافة " هناك من هم أصغر منه معنا في الجبل " و تقدر مصالح الأمن التي تشتغل على هذا الملف عدد المجندين من المراهقين الذين لا تتجاوز أعمارهم 16 عاما بأكثر من 50 قاصرا إلتحقوا بالتنظيم نهاية ديسمبر الماضي2006 و أفريل 2007 أغلبهم من العاصمة و ضواحيها و كانوا ينوون الإلتحاق بصفوف المقاومة العراقية . و سبق لمصالح الأمن أن قامت بتفكيك شبكة دعم و إسناد ببومرداس تتكون من تلاميذ تتراوح أعمارهم بين 12 سنة و 14 سنة . نائلة.ب