حرصت قيادة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" التأكيد على تمسكها بمطالبها بالإفراج عن أتباعها المعتقلين في الجزائر وتونس في بيان أصدرته الاثنين بعد انتهاء المهلة التي حددتها لتصفية الرهينتين النمساويتين، وجددت تهديدها التقليدي في حال انقضاء المهلة دون تلبية مطالبها. وجاء البيان مقتضبا، واكتفت فيه بالرد على ما وصفته "مزاعم الصحافة" حول الهدف الحقيقي من خطف السائحين، مؤكدة أنها لاتزال تتمسك بمطلب الإفراج عن أتباعها المعتقلين في الجزائر وتونس، وهو ما دفع مؤسسة القذافي إلى "انسحاب" بعد التأكد من عجزها في تسوية القضية ماديا، وحاولت مجددا إقحام النظام الجزائري بالقول إنه يتحمل المسؤولية في مصير الرهينتين ولم يحمل البيان أي تفاصيل جديدة بل كان برأي مراقبين "بيانا إعلاميا" لا أكثر.ويقول مراقبون للشأن الأمني إن "تمديد المهلة لم يكن مفاجئا"، وتكون قيادة درودكال قد لجأت إلى تمديد المهلة "لتمديد عمر الأزمة" وهو ما سيطيل معها عمر حضورها الإعلامي والجدل الواسع الذي تثيره، ولا يستبعد مراقبون تمديد هذه المهلة مرة ثالثة في حال عدم وجود حل للأزمة، وقد تمتد لأشهر أخرى حيث يخدم تواجد النمساويين في معاقل "القاعدة" أتباع "أبو عمار" أمير الصحراء وجماعته ويحميها أكثر من أي تدخل عسكري وهذا ما سيسمح لهم بإعادة ترتيب البيت وتجديد وتفعيل وسائل الاتصال والشبكات النائمة في الجزائر خاصة، كما لا يمكن بحسب متتبعين للقضية تجاهل ما يمكن أن يثمره تهديد بن لادن وبعده مساعده أيمن الظواهري باستهداف أوروبا والمصالح الغربية. وهو ما سبق أن أشارت إليه "الشروق" في عدد سابق. وقد تكون قوات الجيش الجزائرية أدركت ذلك من خلال نشر أفرادها عبر الحدود ومسح المناطق المشبوهة كتأكيد على عدم الرضوخ لمطالب الخاطفين.ويفسر خبراء أمنيين إعلان مؤسسة القذافي نفيها الوساطة مع المختطفين رغم تأكيد السلطات النمساوية ذلك في وقت سابق على أن موقف مؤسسة القذافي "دلالة واضحة على أن الأمر يتجاوز الخطف ولا يمكن حل المسألة بالمال" وأن "القاعدة" مصرة على الإفراج على معتقليها، كما أشارت إلى ذلك في البيان الأخير ونفت تنازلها عن هذا المطلب. وعليه يكون نجل القذافي قد حاول تسوية القضية بالمال لكنه عجز أمام المطالب "السياسية" الأخرى خاصة وأن السلطات الليبية لم تقم بتسوية مشكل المساجين الليبيين في سجونها ولا يمكن لها أن تتدخل في الشؤون الجزائرية، كما أن قيادة درودكال لن تفوت هذه الفرصة المتوفرة لها لتحقيق مكاسب إعلامية أكثر خاصة وأنها استفادت من تجربة خطف 32 سائحا في صحراء الجزائر وتحريرهم مقابل فدية، ومهندس العملية عبد الرزاق البارا يتواجد رهن الحبس ولذلك يسعى أبو عمار لعدم تكرار تجربة "البارا". كما أن هذه العملية تتزامن مع ظروف صعبة يعيشها التنظيم الإرهابي من حيث نقص المؤونة وانعدام الدعم وقلة الأفراد.على صعيد آخر، لا يستبعد محاولة تحويل الرهينتين إلى الأراضي الجزائرية في محاولة للضغط على السلطات الجزائرية وتوريطها وهو من الأهداف الأساسية لتنظيم ما يسمى "القاعدة"، خاصة في ظل تصريحات المسؤولين الجزائريين التي تذهب في اتجاه أن الجزائر غير معنية بالقضية مما يؤدي إلى إحباط أهداف العملية.