لوكسمبورغ، هي إحدى دول البنيلوكس، تقع في غرب أوربا بين كل من ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وتعتبر أصغر الدول الأوربية مساحة وسكانا، ولذلك قال لي أحد الأصدقاء إنه توجد ألعاب أولمبية خاصة بالدول الصغرى في أوروبا وهى لا تتعدى سبع دول بالكثير... وكانت لدنيا زيارة للوكسمبورغ أثناء السفر إحدى المرات إلى بروكسل، مقر الاتحاد الاوروبى؛ ومرة أخرى متوجها إلى ستراسبورغ مقر المحكمة الأوروبية؛ واللغة المستعملة في هذه الدولة مشتقة من الألمانية والفرنسية؛ ولكن حسب اعتقادي فإن السكان من حيث عاداتهم وتقاليدهم أقرب للألمان أكثر من الفرنسيين، وعدد سكان اللوكسمبورغ لا يتعدى 500 ألف نسمة منهم حوالي 40٪ أجانب منهم أقليات برتغالية، فرنسية وإيطالية. وكثير من العاملين لا يسكنون بالدوقية، بل بالدول المجاورة، وأكثرهم في فرنسا هروبا من الضرائب وتبعاتها التي تثقل كاهل الموطنين في فرنسا وأوروبا وغالبية السكان يدينون بالمسيحية الكاثوليكية بنسبة 90٪ من مجموع السكان؛ وكذلك توجد جالية مسلمة معتبرة وقد تتساوى مع الجالية اليهودية إلى جانب أقليات أخرى من البهائية وشهود يهوه وجماعات أخرى دينية وفلسفية لسهولة التشريعات وعدم تعقيدها؛ وهى من الاراضي المنخفضة إلى جانب هولندة وبلجيكا وقد كونت اتحاد جمركيا واقتصاديا سمي فيما بعد بالبنيلكوس؛ والدوقية تعتبر كذلك من إحدى دول الاتحاد الاوروبي وقد حاولت أن أسأل بعض المواطنين حول سر تسمية الدوقية فقيل لي إن اللوكسمبورغ هي في الواقع مملكة دستورية يمثلها البرلمان وتسير ديمقراطيا حسب دستور عام 1868 ، فالدوق الكبير هو حاكم الدولة، والبرلمان ذو مجلس واحد، هو المخول بإصدار القوانين، كما يتم انتخاب أعضائه كل خمس سنوات، ورئيس الحكومة يطلق علية وزير الدولة وكذلك يوجد مجلس دولة من 27 عضوا يعينون جميعا من الدوق الكبير... فالنظام السياسي بسيط وغير معقد وشفاف ويتميز بالتحديد المسبق والحصري لعدد الوزراء ب13 عضوا إلى جانب سكرتير للدولة... ولا غرابة أن اللوكسمبورغ من الدول الأولى في العالم من حيث الدخل نظرا لطبيعة الاقتصاد والتعداد القليل للسكان، فالاقتصاد مبني على قطاع الخدمات؛ ولذلك قطاع البنوك من أكثر القطاعات انتشارا ونموا لطبيعته المرنة والسهلة في الإيداع وفتح الحسابات... مما يعجل العديد يهرب لهذه الجنة... لإيداع العديد من الأموال... وأحيانا حسب قناعتي قد تكون مشبوهة في مصادرها، والبلد قد يفتخر بوجود ضمن مواطنيه روبرت شومان المولود في اللوكسمبورغ أحد مؤسسي الاتحاد الاوروبى... وكذلك فإن أهم الجامعات في منطقة ستراسبورغ الفرنسية تسمى بهذه الشخصية - وكانت لنا دورة تدريبية على حقوق لإنسان بنفس الجامعة في مستهل التسعينيات من القرن الماضي. وأثناء زيارتك للبلد قد تلاحظ أن البلاد متأثرة بالدولتين الجارتين الكبيرتين ألمانياوفرنسا... بل أحيانا يوجد صراع ثقافي خفي بين الثقافتين ووصل الأمر لتدريس اللغتين في المدارس إلى جانب اللوكسمبورغية... والبلد يتميز بطبيعة خلابة ومتنوعة قريبة من التضاريس الألمانية ومنطقة الألزاس واللورين. وقد تشترك دولة لوكسمبورغ مع العديد من الدول بتسمية عاصمتها بنفس تسمية الدولة، فالبلاد مقسمة إلى مقاطعات و12 كانتونة و118 بلدية. وأثناء زيارتك البلاد قد تبهر بكون أغلب المزارعين مولعين بزراعة البطاطس والعنب، فهما من أهم المنتجات الزراعية. ومن الغرائب اللكسمبورغية أنه منذ القرن الثامن عشر يتم الاحتفال بعيد ميلاد الملك؛ فأصبحت عادة يتم ذلك يوم 23 يناير من كل سنة. ولكن منذ سنة 1967 ولأسباب مناخية الشتاء والبرد تم تغيير التاريخ إلى يوم 23 جوان من كل سنة. كما للدوافع السياحية والتجارية والاقتصادية سبب أخر... ويعتبر ذلك التاريخ هو اليوم الوطني في الدوقية، فزيارة اللكسمبورغ كانت مفيدة بالتعرف عن إحدى الواحات أكثر تساهلا في المجال الضريبي والجمركي والمالي... وكانت الزيارة ذات طابع استكشافي وسياسي أكثر منه علميا أو ذا طابع إنساني. وقد لا أختتم هذه الزيارة دون أن أتكلم عن الاتجاه المفرط للسكان نحو القراءة وتمجيد الكتب ولذلك منذ سنة 1798 افتتحت أول مكتبة... ويعتبر من الكنوز الأكثر حفاظا في الدوقية انتشار المكتبات الوطنية والعمومية والبلدية والمتخصصة والمراكز الثقافية والتعليم العالي والمؤسسات الأوربية... وهى عديدة... وقد لا يخلو بيت بدون مكتبة وإن لم يوجد يعتبر عيبا وتقصيرا كبيرا... oussedik@hotmail.com