انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة زراعة "الكيف" في الجزائر، والتي احترفها مدمنون للمخدرات حولوا مزارعهم وحدائق بيوتهم إلى حقول مصغرة لزراعة "الكيف" لتأمين حاجياتهم من المواد المخدِّرة وكذا بيع ما تبقى لمعارفهم وجني بعض الأموال من هذه التجارة المربحة. وفي ظل انعدام أرقام وإحصائيات دقيقة عن عدد المزارع المنتشرة في الجزائر، تبقى هذه الآفة في طريقها للانتشار في الجزائر، خاصة أن المحاكم الجزائرية استقبلت مؤخراً عدداً لا بأس به من قضايا زراعة القنب الهندي "الكيف"، ومنها نذكر قضية تورط فيها أفراد من عائلة واحدة في بجاية حولوا حقولهم المحاذية للمنزل إلى زراعة "الكيف"، حيث مارسوا هذه الزراعة لأكثر من سنتين باعتبارها تدرُّ ذهبا بعد بيع المنتوج لمروجي المخدرات والمدمنين عليها إلى أن تم اكتشفتهم مصالح الأمن، وحولتهم إلى محكمة الجنايات للمحاكمة عن جناية زراعة "الكيف"، حيث ذكر المتهم الرئيس خلال استجوابه بأنه في البداية فكر في زراعة الكيف لتأمين احتياجاته من المخدرات دون اللجوء لشرائها من عند مروجيها بعدما ألقي عليه القبض لعدة مرات وتوبع باستهلاك المخدرات، وأضاف أن نجاحه في الزراعة جعله يفكر في البيع والاستثمار لجني بعض المال من عند المدمنين.
فلاحون يحوّلون نشاطهم إلى زراعة المخدرات هي نفس المبررات التي دفعت ببعض المدمنين إلى تحويل مساحات مصغرة من حدائق بيوتهم الريفية وحتى الفيلات لزراعة "الكيف" هرباً من ملاحقة الشرطة وللاستهلاك بعيدا عن المتابعات القانونية، كما تورط عدة فلاحين في تحويل أراضيهم إلى زراعة "الكيف" بحثاً عن الربح السريع. وتكشف جلسات المحاكم اليومية عن ارتفاع مذهل لعدد مستهلكي المخدرات والقضايا المتعلقة بالاتجار، فيما برزت مؤخرا قضايا زراعة المخدرات والتي غالبا ما تعرض في الدورات الجنائية، حيث كشف المحامون الذين تحدثت إليهم "الشروق" بأن زراعة "الكيف" منتشرة بكثرة في المناطق الجنوبية على غرار تمنراست وأدرار والجهة الجنوبية للبلاد حيث تتسع الرقعة المخصصة لزراعة السموم لحوالي 17 هكتاراً، وهذا بسبب شساعة الأراضي الصحراوية والتي يصعب على رجال الأمن مراقبتها بشكل منتظم، كما تعرف مدينة بجاية وخاصة بأعالي المرتفعات والجبال انتشاراً غير مسبوق للآفة. وفي المدن الوسطى هناك محاولات للزراعة بالبليدة ووسط العاصمة وكذا في تيبازة، وأكد محدِّثونا أن أغلب العمليات التي تم إحباطها بخصوص الزرع تبين أن البذور التي تستعمل في زراعة المخدرات يتم إدخالها عن طريق المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا لبيعها في الجزائر لمن يرغب في زراعة المخدرات والاستثمار فيها.
السجن المؤبد لزارعي المخدرات من الناحية القانونية، يؤكد الأستاذ بوغابة مصطفى، عضو بمنظمة المحامين لناحية الجزائر العاصمة، بأن المشرِّع الجزائري في قانون مكافحة المخدرات يعاقب على الزراعة كما المتاجرة، وتعتبر زراعة الكيف جناية قد تصل أقصى عقوبة فيها إلى السجن المؤبد، وكشف ذات المحامي بأن الجزائر إلى حد اللحظة مصنفة كبلد عبور للمخدرات التي يتم إدخالها من الحدود المغربية، لكن مؤخرا انتشرت بعض الحالات لزراعة "الكيف" والتي ينشط فيها مزارعون وفلاحون على الحدود الجزائرية المغربية، وخاصة في الصحراء حيث تكون المساحات شاسعة ويصعب على عناصر الأمن تتبُّعها، وكشف الأستاذ بوغابة بأنه في السنوات الأخيرة تم إحباط عدة محاولات لزرع "الكيف" في العاصمة، ومنها متهم زرع "الكيف" في حديقة منزله ببوزريعة وتم اكتشاف أمره ليُحوَّل إلى المحاكمة، وقال المحامي إن لجوء بعض المواطنين إلى زراعة القنب الهندي "الكيف" في مزارعهم وحدائق بيوتهم وهذا لتأمين كميات الاستهلاك الشخصي وهربا من المتابعة القانونية ومطاردة الشرطة لهم.
المقدم كرود "الجزائر ليست بلدا منتجا للمخدرات" وفي الموضوع يرى المقدم كرود عبد الحميد، رئيس خلية الاتصال والإعلام بقيادة الدرك الوطني، بأن آفة زرع "الكيف" في الجزائر لا تعدو كونها محاولات تم إحباطها تقريبا من قبل وحدات الدرك أو الأمن وخاصة في الجنوب الجزائري، وأردف قائلا "الجزائر تعتبر بلد عبور للمخدرات والتي تأتي من المغرب، وليست بلدا منتجا" ويضيف "لو كانت هناك مزارع فعلا للقنب الهندي في الجزائر لما ضبطت مصالحنا المخدرات تدخل عبر الحدود" ليعتبر بأنه من غير المنطقي إقناع الناس بأن الجزائر أصبحت بلداً منتجاً للمخدرات، ليقول في السياق ذاته بأن مصالح الدرك أحبطت عدة محاولات بسيطة للزراعة منها واحدة في عين البنيان بالعاصمة ومحاولات بمدينة بجاية وبعض ولايات الجنوب والمساحات المخصصة للزراعة لم تكن بالمساحات الشاسعة.