البداية كانت بسهرة خمر تخللها اعتداء جنسي خلف بعدها حقدا دفينا في قلب الشاب الضحية، ففكر وبدون سابق إنذار في الانتقام لشرفه فجلب سكينا من بيته غرسه في ظهر المعتدي ليرديه قتيلا. هذه الرواية ليست من نسج الخيال أو قصة من قصص السينما وإنما هي الواقع المر الذي أضحى يستفحل وسط الشباب الجزائري الذي حاد عن دينه وتملكته الغريزة، انه شبح الشذوذ الجنسي الذي قضى على أحلام القاتل، فأصبح مجنونا وهو الآن يقبع بمستشفى الأمراض العقلية بدريد حسين، وخلف قتيلا ترملت زوجته وتيتم أولاده. هذه الجريمة النكراء وقعت أحداثها في صائفة جوان 2003، عندما التقى المتهم (ب،ا) بالضحية (غ،ع) حوالي الساعة الرابعة والنصف مساء بنواحي شارع لوني ارزقي بباب الواد وطلب منه هذا الأخير الذهاب إلى الكوخ الذي يقطنه بشاطئ قاع الصور لاحتساء الكحول، وهناك بقي الضحية يشرب حتى الثمالة إلى أن فقد وعيه وفي تلك اللحظات طلب من المتهم (ب،ا) أن يمارس معه الفعل المخل بالحياء وكان له ذلك بالقوة، وهكذا فقد المتهم الذي راح ضحية اعتداء جنسي صوابه وأسرع متجها إلى منزله جالبا سكينا لينتقم به من صديقه الذي غدر به، وفعلا رجع إلى الكوخ واستل سكينه وطعن به الضحية في ظهره وولى هاربا باتجاه شارع عمارة رشيد. وفي تلك الأثناء كان هناك شخصان بالقرب من الكوخ شاهدا الوقائع، فقام احدهما بالجري وراء القاتل لكن بدون جدوى، فيما تنقل الآخر لإسعاف الضحية، غير أن هذا الأخير لفظ أنفاسه الأخيرة قبل إسعافه. وبعد وصول عناصر الشرطة تم فتح تحقيق في الأمر بعدما بيّن تقرير الطب الشرعي أن الوفاة غير طبيعية، على اثر ذلك تم إلقاء القبض على المتهم الذي كان في حالة جنون تامة وتبين بعد الفحوصات التي أجريت له انه كان فاقدا للعقل لحظة وقوع الجريمة وهكذا تم إدخاله لمستشفى المجانين بدريد حسين الذي مكث فيه لمدة معينة وخرج بعد تحسنه النوعي، غير أن زوجة الضحية استأنفت في الحكم سنة 2005 ليعاد فتح تحقيق قضائي وإيداع المتهم بسجن سركاجي بتهمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد وهكذا تمت إحالته على محكمة الجنايات بالعاصمة. ولدى مثوله أمام القاضي، نهاية الأسبوع الماضي، كان في حالة ذهول تام ورفض الكلام نهائيا والإدلاء بأي تصريحات، في حين أن ممثل الحق العام طالب بتسليط أقصى عقوبة على المتهم وهي الإعدام باعتبار انه اعترف أثناء التحقيق معه بكل الوقائع المنسوبة إليه، إلا أن محامي الدفاع عنه طالب بإعادة إدخاله لمصحة عقلية لان حالته سيئة جدا وكان بحالة جنون لحظة ارتكابه للوقائع مستندا إلى تقرير الطبيب المنتدب من طرف المحكمة الذي أكد انه مصاب بمرض عقلي. وبعد مداولات محكمة الجنايات بإشراك المحلفين قضت بإعفاء المتهم من العقوبة وإحالته في إطار الحجز القضائي على المؤسسة الاستشفائية دريد حسين . الهام بوثلجي