مائة عام تمر على حلم ولد من رحم الشدة والأزمة..مائة عام تمر على إنطلاق مغامرة ذاع صيتها في العالم وعلا نجمها في سماء التاريخ ولم تكن في الحقيقة إلا مخيم لأسبوع واحد عقده عشرين شابا على جزيرة 'براون سي' بقيادة اللورد 'بادن باول'.. وإن فارق الحياة المؤسس والرئيس الأول للمنظمة الكشفية العالمية بعد تحقيق حلمه بعالمية المنظمة، فإن الكشافة اليوم وبعد مائة سنة من بزوغها تنبض بأحلام وأهداف ومشاريع نستشرفها من خلال قراءة كتاب ماضيها، حاضرها ومستقبلها في حوار مع 'إدوارد مسيوني'، الأمين العام للمنظمة الكشفية العالمية، الذي خص الجزائر بزيارة عمل في إطار الإحتفال بمئوية الكشافة العالمية. الشروق:تمر مائة عام على ميلاد فكرة الكشافة والتكشيف، ماذا قدمت الحركة الكشفية للعالم طيلة المائة عام الماضية ؟ إدوارد: الحركة الكشفية تسعى منذ مائة عام إلى تقديم الأفضل للمجتمع وللعالم، حتى أن فكرة اللورد 'بادن باول' لتأسيس الحركة الكشفية كانن نتيجة لحاجة المجتمع الإنجليزي لشباب أكثر ثقة بالنفس واكثر عطاء إنطلاقا من إدماج البرامج التربوية الرسمية و قواعد التربية غير الرسمية كتربية الأولياء والمجتمع بمنهجية تعليم مميزة وهي التعليم في الهواء الطلق قصد تكوين فرد يفيد ذاته وغيره ويخدم مجتمعه.. نحاول تكوين جيل أكثر نضجا واكثر مقدرة على 'تغيير العالم للأفضل' وهو شعار الحركة اليوم التي تدفع العالم للأفضل رغم المشاكل الكبير والكثيرة التي يتخبط وكل بمقدوره والكشافة قدمت وتقدم مافي وسعها. الشروق: في آخر رسالة وجهتموها لأفراد الكشافة في العالم تحدثتم بإسهاب عن السلام والسلام العالمي، هل هو الهدف الرئيسي الذي تسعى لتحقيقه خلال عهدتكم وأنتم على رأس التنظيم الكشفي العالمي، وهل بإمكان الكشافة حقيقة أن تحقق هذا الهدف؟وكيف ؟ نحن كأفراد في التنظيم الكشفي قطعنا على أنفسنا العهد بالولاء لله ثم الوطن ومن ثم الرقي بالوطن والعالم أجمع من خلال المبادئ والقواعد الأساسية للتنظيم الكشفي التي تقوم على أساس الإخوة والإحترام المتبادل ومن خلال كل المشاريع التي نعمل على أن تعمم في كامل دول العالم كمشاريع هدايا السلام ونعمل قبل كل هذا على غرس ثقافة السلام والوئام في أطفالنا بتربيتهم على فهم الآخر والتعايش معه في كل الظروف..حقا هو تحد كبير على أن نواصل هذا العمل وأن نحفز الآخرين أن يشاركوننا إياه.. ولابد أن يكون السلام والسلام العالمي هاجس كل قائد وكل حاكم لأي مجموعة أو أي تنظيم، ولربما سفري المتكرر لمناطق الحروب والنزاعات كممثل لمنظمة اليونسيف وبطبيعة عملي السابق كطبيب متطوع في المناطق الساخنة والنائية يجعلني أركز على السلام العالمي وبقوة. الشروق: كيف هو التكشيف في دول الحروب أو ما يُعرف بالمناطق الساخنة؟ الكشافة أو التكشيف ضرورة ملحة خاصة في وقت الحروب والنزاعات فضلا عن الدور المعنوي والمادي الذي يقوم به من خلال كل أعماله التضامنية والإرشادية. ورغم أن المعيقات كثيرة جدا في مثل هذه المناطق، إن كانت معيقات من الجانب المالي أو حتى من جانب التأطير البشري فإن سياسة المنظمة العالمية تعمل على تقديم مساعدات وبرنامج خاصة بهذه الدول حتى نستطيع أن ننهض بالحركة الكشفية في هذه المناطق وحتى يكون في مقدورها أن تساعد الآخرين.. ومن جانب آخر فإن الكشافة لطالما قدمت أمثلة رائعة في أزمنة الحروب وفي الأماكن الساخنة إذا إستطاع أعضاء من الكشافة أن يتوسط بين طرفي الحرب الأهلية في سلفادور . الشروق:قمتم طيلة اليومين الماضيين بجولات تفقدية لعدة أفواج ومرافق كشفية،كيف وجدتم التكشيف في الجزائر؟ الكشافة الإسلامية الجزائرية بشفافية ووضوح ماقرأناه عنها وبحقيقة وصدق ماشهدناه بأم أعيننا هي الماضي المشرف والحاضر النشط والمستقبل الواعد خاصة وعلى رأسها القائد النشط "بن براهم" إلا أن التحدي كبير كبر هذه الأرض وكبر طموحات شبابها وقدراتهم وأنا اشد على يدهم للمضي قدما لأنهم جعبة من الأفكار والنشاطات والمبادرات وأدعو المجتمع المدني والهيئات الرسمية ان تدعمهم وأن تكون لجانبهم والواقع أن هناك علاقة وشراكة بين الكشافة الإسلامية ومختلف الهيئات حيث وقعنا اليوم مع ممثل اليونسيف في الجزائر إتفاقية شراكة لمدة أربع سنوات خاصة وأن تاريخ الجزائر والثورة التحريرية مرتبط بالكشافة ورجال الكشافة الذين كانوا في مجلس الثورة من اجل الحرية والسلام الشروق اليومي: قامت الكشافة الإسلامية الجزائرية مؤخرا بمبادرة طيبة وهي برنامج إدماج الأحداث في المجتمع، ماتعلقيكم على المبادرة؟ هي مبادرة طيبة بالطبع وقد عاينت من قبل مبادرة ممثالة في هونغ كونغ ومناطق أخرى من العالم لكن أظنها الوحيدة عربيا. وعند معاينتي للتجربة في أول دولة عالميا دعوت لتعميمها والإقتداء بها من قبل التنظيمات الكشفية الوطنية في باقي الدول، هاأنا أدعو اليوم من هذا المنبر الدول العربية للإقتداء بالتجربة الجزائرية في هذا المجال وأن تسهل الوصاية للقيادات الكشفية العمل داخل السجون ومتابعة الأحداث قصد إدماجهم للمجتمع، إذ النظرة العامة لخريجي السجون قاسية نوعا ما خاصة في المجتمعات العربية ولابد من مساعدة هذا الحدث الجانح بطريقة أو أخرى للخروج من التقوقع الذي يمكن أن يصيبه نتيجة هذه النظرة فضلا عن العمل على توجهيه توجيها كشفيا حتى ينهل من مشرب الكشاف لنضمن جيلا سليما ويكون الحدث الجانح قد استفاد حقيقة من إقامته في المؤسسة العقابية. الشروق اليومي:وماذا عن التكشيف في المنطقة العربية بشكل عام؟ ربما الإجابة الأدق تجدونها عند المدير الإقليمي للمنطقة العربية، إلا أنه يمكن القول أن التكشيف العربي يشهد له بالريادة في عدة مبادرات كشفية كما هو حاضر وفاعل في النشاط الكشفي العالمي وكان له حضور قوي في الجمبوري العالمي بلندن شهر جويلية. ومن جانب آخر فهو يحاول أن يقدم ترجمة للثقافة العربية وأضنه وفق إلى حدبعيد في ذلك كما اتطاع أن يعكس المجتمع العربي بكل ميزاته في المحافل الدولية فضلا على التوازن الذي يسعى لخلقه بين المحافظة والعصرنة. الشروق اليومي:في رايكم ماهي المشاكل التي يمكن أن تعيق تقدم الحركة الكشفية العالمية إلى الأمام بعد مئوية الكشفية أي بعد 2007 ؟ أظنها النزاعات أو الخلافات السياسية خاصة بين دول الجوار لأنها شكلت عائقا في التواصل بين التنظيمات الكشفية الوطنية بين الدول المتنازعة بدافع الوطنية والحساسيات التي تكون مبررة وطبيعية في مثل هذه الظروف إلا ان التجربة كشفت لنا أن رباط الأخوة الكشفيةأذاب هذه الحساسيات كما حدث في القرن الأفريقي ونسعى دائما في ذات المنطقة أن نصل إلى حلول ترضي جميع ألطراف بوساطة كشفية من أعضاء كشافة الكونغو و روندا بعد ان تمكنا من أن نجتمع مرة أخرى أخوة وأصدقاء تحت راية الكشفية..الصراعات هي عائق لأننا نهدف للسلام و حل الصراعات والنزاعات بإجتماع الشمل الكشفي رغم الصراع بين الدول هو طموحنا المستقبلي لأننا نهدف للسلام أيضا. الشروق : كلمة أخيرة ؟ شكرا للجزائر وسلامي للكشافة الإسلامية الجزائرية ولجميع أعضاء الكشفية العالمية أينما وجدوا وربما نسيت طموح لم أذكره ونهدف لتحقيق بعد 2007 وهو إدماج أكبر عدد من الشباب والأطفال في الكشافة. حاوره:زين العابدين جبارة