إنها مأساة تهدّ الجبال لعائلة فقيرة تعيش بالمنحة الجزافية للتضامن الاجتماعي التي لا تتجاوز 3 آلاف دينار جزائري للفرد الواحد، يتقاضاها ثلاثة أشقاء وهم البنت البكر سامية، 27 سنة، فتحي، 25سنة، حامل شهادة الليسانس في الحقوق، وزينة، 19 سنة، التي توقفت عن الدراسة في السنة التاسعة أساسي، يفتقدون إلى نعمة البصر، يتألمون في اليوم الواحد مائة مرة، يقطنون في أدغال سكيكدة، وبالضبط في منزل غير مهيأ كان مغطى بصفائح "الترنيت" قبل أن يتدخل أهل البر والإحسان ويتكفلون بتهيئة السطح بالاسمنت المسلح، والذي غادرناه على التوّ من شدة البرودة. هو بيتٌ يقع بقرية بئر أسطل ببلدية الحروش جنوب الولاية حيث يكون للمعاناة طعم فريد من نوعه، لا يجدون يوميا ما يأكلونه، حيث أصبحت مائدة الغذاء والعشاء هاجسا كبيرا بالنسبة للعجوز عمتي صليحة التي ترعاهم في ظل تخلي معيلها الوحيد عنهم بسبب مشاكل عائلية وهو يعيش بقرية خندق عسلة التابعة لبلدية زردازة، العجوز التي حملت المشعل تحرص دائما على تحضير حبات الزيتون مع الكسرة والماء لأبنائها المكفوفين، حيث تقول إحداهن "نحن محرومون من أبسط الأشياء أحيانا نشتهي بعض المأكولات لكننا لا نستطيع اقتناءها ولهذا نعيش دائما على طبق الزيتون وأحيانا أخرى على الماء والخبز، أما الفاكهة أو اللحم فيبقى حلما بالنسبة لنا". وأضافت الأخرى "نحن نشتهي أكل التفاح والموز، لكن ليس لنا المال الكافي لاقتنائهما". وأكدت عمتي صليحة أن العائلة لم تتحصل على أيّ إعانة باستثناء قفة رمضان من البلدية مرة في السنة حيث تلين خلال الشهر الكريم القلوب القاسية لمدة 30 يوماً، وأخرى من اتحاد المكفوفين، وعليه تناشد ذوي القلوب الرحيمة لتقديم يد المساعدة المادية من أجل رفع الغبن عن أبنائها المكفوفين، وقالت أيضا:"لقد جفت دموعهم بعد نواح طويل حسرة على وضعهم، إنهم يكابدون مرارة الحياة، حيث تظهر علامات الفقر على أجسامهم الذي تتميّز بالنحول والشحوب والحزن، ورغم ذلك تخفي ملامحها الذابلة المتمثلة في اللوعة والحزن على حالة أبنائها، تنام إلى جانبهم لكي تتابع وضعهم الصحي، لم تنعم بالراحة مند ولادتهم، إنها قواسم مشتركة بينهم، يكتوون بنار المعاناة يوميا، رغم ذلك فالابتسامة لا تفارق الشاب فتحي وكلُّه أمل في أن تتحسن وضعيتهم الاجتماعية، ويتحصل على منصب عمل محترم يعيل براتبه الشهري الذي يحلم به عائلته الفقيرة، المنزل المذكور يمكن أن يحمل أي اسم آخر غير منزل يؤوي بني البشر، لكن الظروف جمعت العائلة بداخله، أفرشة مبتلة ورثة، ووجوه غاضبة يعلوها السواد والترقب، إنها حالة صعبة تنطق بلسان فصيح عن كل مظاهر الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي. العجوز المسكينة موزعة بين معاناة أبنائها وبين أشغال البيت، تطلب من السلطات المحلية لبلدية الحروش، وذوي القلوب الرحيمة النظر لحال الأسرة أن ترقَّ قلوبهم لحالة أبنائها حيث قالت إن هذه المعاناة أصبحت جزءا مثل فصول السنة، نحن نعيش بصدقات وإعانات المحسنين، فلا يعقل أن تكفي منحة 3 آلاف دينار، في زمن صار هذا الرقم لا يغطي أبسط مصاريف الشخص الواحد في يوم واحد، فما بالك بعائلة من 4 أفراد يتجرَّعون مرارة الآلام والمآسي كل لحظة وكل ثانية وكل دقة قلب، في ظل عدم وجود أدنى متطلبات الحياة مع هذه الظروف المعقدة الملمة بهم، إنها حالة موجعة لعائلة تترجى من كل الضمائر الحية التدخل وبسرعة من أجل تقديم كل مساعدة ممكنة من أغطية وألبسة ومدفأة لمكابدة برد الشتاء القارس.