لا حلّ في ليبيا إلا بالانتخابات    إحباط محاولات إدخال 5 قناطير من الكيف    حيداوي يشرف على تنصيب اللجنة التنظيمية المحلية    150 مؤسسة تشارك في معرض بالدوحة    إمكانية طرح مشاريع للاستكشاف عن المحروقات في البحر    بداني يستقبل نائبا عن ولاية تيارت    الجزائر توجّه صفعة دبلوماسية للكيان الصهيوني    وصمة عار في جبين فرنسا    مجازر أكتوبر فضحت وحشية الاستعمار    8 منتخبات تضمن رسميا تأهلها    والي بومرداس تعد بالتّكفل بانشغالات السكّان    إقبال كبير للنسوة على تخليل الزيتون    684 مليار.. ديون سونلغاز الجلفة لدى زبائنها    فرنسا تسمم زعماء إمارة أولاد سيدي الشيخ    الابتلاء من الله تعالى    الحل في ليبيا لن يكون إلا عن طريق الانتخابات    الصحراء الغربية: "ميثاق المستقبل يكرس حق الشعوب في تقرير المصير"    17 أكتوبر شاهد على التضحيات العظيمة للشعب الجزائري    رئيسة الهند تزور تيبازة    اليوم العالمي للتغذية: الأمن الغذائي يمثل خيارا استراتيجيا ثابتا ومحورا رئيسيا في جهود التنمية بالجزائر    الاتحاد البرلماني الدولي : استجابة لدعوة الجزائر .. بلدان عربية تقاطع كلمة ممثل الكيان    غليزان.. منح أكثر من 300 رخصة لحفر آبار للسقي الفلاحي    معسكر.. ترقب استلام أزيد من 660 مسكن عدل نهاية السنة المقبلة    رئيس البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد يزور قصر المعارض الجديد الجاري إنجازه بالعاصمة    رئيسة الهند تنهي زيارة دولة إلى الجزائر : اتفاق على ترقية التعاون في مختلف المجالات    المجلس الشعبي الوطني: لجنة الشؤون الخارجية تضبط جدول عملها للدورة البرلمانية الحالية    مولوجي تبرز جهود الجزائر في سبيل تعزيز التقارب والتعاون بين الدول الإفريقية    بن جامع : حان وقت "التحرك الحاسم" لمجلس الأمن لوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة    الفريق أول شنقريحة يتباحث مع قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية    ناباك 2024: إبرام عدد كبير من اتفاقيات التعاون    المنظومة الدولية الحقوقية والقضية الفلسطينية, موضوع ندوة بجامعة قسنطينة    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية: مسرحية "تيرا مادري" للفرقة الإيطالية "تياترو بلو" أو نداء نجدة الطبيعة    افتتاح المهرجان الثقافي الدولي السابع "الصيف الموسيقي" بالجزائر العاصمة    شركة فلاوسرف الأمريكية تعزز حضورها في الجزائر بالتعاون مع سوناطراك    عون يستقبل الرئيس المدير العام لشركة "ايلينك" الصينية    النعامة.. وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    رئيسة جمهورية الهند تغادر الجزائر بعد زيارة دولة دامت أربعة أيام    النعامة : وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    هذا سجل مشاركات الجزائر في كأس إفريقيا    فتح باب الترشح للانضمام إلى قائمة الوسطاء    هذا ما قالته أديداس عن قمصان الخضر ..    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اليوم الدولي للنساء الريفيات: التأكيد على دعم الدولة لتعزيز النتائج المحققة    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    صحة: منصة رقمية لتسيير وتنظيم جميع مصالح الاستعجالات الطبية    كرة القدم: وفاة الحكم الدولي السابق بلعيد لكارن    سايحي يشرف على لقاء حول "الرقمنة والاستعجالات الطبية والتلقيح ضد الدفتيريا"    كرة الطاولة/بطولة إفريقيا: المنتخب الجزائري يتوج بالميدالية الفضية    الكونفدرالية الافريقية "كاف" تشيد بتألق "الخضر" في تصفيات ال"كان"    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    صادي سيقدم ملف ترشحه بعد حصوله على موافقة السلطات.. الجزائر في طريق مفتوح للعودة إلى المكتب التنفيذي للكاف    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية : رقصة السماء.. مزيج ساحر بين المسرح، السينما والفيديو    تنظمه جامعة باتنة.. ملتقى وطني حول التعددية اللغوية في المنظومة التربوية والجامعية    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ساركوزي يعود إلى بلاده سالما غانما
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 12 - 2007


عابد‮ شارف
أثبتت زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الجزائر عدم التوازن بين نظام جزائري عاجز وفاشل، ونظام فرنسي عصري، يتميز بفعالية كبرى. فالنظام الجزائري لا يحدد سياسته، ولا يعرف أين يتجه، ولا يستطيع تجنيد طاقاته للوصول إلى أهدافه، بل أنه يحول سلاحه إلى سلاح لصالح‮ خصومه‮. أما‮ الآلة‮ السياسية‮ والدبلوماسية‮ الفرنسية،‮ فإنها‮ تحرك‮ كل‮ طاقاتها‮ لتحقيق‮ أهدافها،‮ وتعرف‮ كيف‮ تحول‮ وضعا‮ صعبا‮ إلى‮ انتصار‮ باهر‮.‬
فقبل أسبوع من زيارته إلى الجزائر، كان نيكولا ساركوزي في وضع صعب جدا. إنه رجل يمين متشدد، يتعامل بقسوة مع المغاربة والأفارقة، وهو من أنصار إسرائيل، كما أنه يساند الموقف المغربي في قضية الصحراء الغربية. إضافة إلى ذلك، إنه يحمل رموزا تعاديها الجزائر، مما دفع رئيس منظمة المجاهدين إلى القول إنه لا يرحب بمجيء الفرنسي إلى الجزائر، لأنه عضو بارز في الحزب الذي صادق على قانون يمجد الاستعمار، ويتمسك بموقف رافض لإعادة النظر في الماضي الاستعماري، كما أنه يريد أن يضع الضحايا في نفس الميزان.
وما يزيد موقف ساركوزي ضعفا، أنه جاء يبحث عن اتفاقيات اقتصادية لدفع النمو في بلاده، ولضمان تزويد فرنسا بالطاقة في وقت أصبحت المحروقات مادة ثمينة. وبالمقابل، كانت الجزائر في موقع قوة لا مثيل له، فهي لم تجد نفسها في وضع كهذا منذ ربع قرن، حيث أن البلاد خرجت من مرحلة دموية، وأصبحت في وضع مالي يغنيها عن اللجوء إلى المديونية أو طلب المساعدة الدولية. وفي علاقتها تجاه اليمين الفرنسي، كانت الجزائر في موقع لا مثيل له، حيث أن فرنسا أرادت أن تمجد ماضيها الاستعماري، ما أثار غضبا شرعيا في الجزائر، وغضبا مماثلا في الشارع الفرنسي‮.‬
وبناء على كل هذا، كان يكفي الجزائر أن تنتظر ساركوزي بهدوء، وتتركه يتكلم، ويجول في البلاد، وتضغط عليه بكل هذه الأوراق لتحصل على كل ما تريد. وإذا أراد أن يبرز عضلاته، كان عليها أن تغلق الأبواب وتتركه في قفصه.
لكن الآلة السياسية والدبلوماسية الجزائرية ماتت، وأصبحت مختلف مكوناتها تعمل بطريقة عشوائية، وكل طرف يثرثر في مكانه بمعزل عن الآخرين، ولا يوجد تنسيق وانسجام بين مختلف الأجهزة. ولعل هذا ما أدى بوزير المجاهدين إلى تصريحاته حول الأصل اليهودي لساركوزي، فاستغلت الآلة السياسية الفرنسية الفرصة، وركزت على هذه النقطة، وتحركت كل مكوناتها لتضغط على الجزائر، وتدخل ممثلو اليسار، وقال رئيس الكتلة البرلمانية في الحزب الاشتراكي إنه على ساركوزي أن يلغي زيارته إلى الجزائر...
وكانت النتيجة غريبة، فبينما كان الحديث في أول الأمر عن ضرورة اعتذار فرنسا للجزائر بسبب جرائم الاستعمار، انقلبت الآية وقدمت الجزائر اعتذارها لفرنسا، واضطر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن يكلم نيكولا ساركوزي ليطمئنه ويرحب به. وجاء نيكولا ساركوزي إلى الجزائر في‮ موقع‮ قوة،‮ ولم‮ يتكلم‮ أحد‮ عن‮ سياسته‮ ولا‮ عن‮ تصرفاته،‮ وفتحت‮ له‮ الجزائر‮ المنابر‮ ليخطب‮ أمام‮ أهل‮ المال‮ والبيروقراطية‮ والشباب،‮ ويعطي‮ دروسا‮ في‮ التاريخ‮ وطريقة‮ التعامل‮ معه‮.‬
ولم تكتف الجزائر بذلك، حيث فرض هذا الانقلاب في الجو السياسي والبسيكولوجي على كل من يعادي ساركوزي أن يسكت، والتزم كثير الصمت فعلا، سواء لأنهم لا يريدون أن يزيدوا الطين بلة، أو أنهم كانوا يخشون أن يرتكبوا أخطاء جديدة. وفتحت خزائن الأموال أمام ساركوزي، وتحصل على عقود بلغت خمسة ملايير أورو، وعاد إلى بلاده سالما غانما، وعادت الجزائر إلى جروحها الماضية وأمراضها الحاضرة. فهي لم تنجح في جلب الخصم لإعادة النظر في الماضي، ولا عرفت كيف تستغل نقاط ضعف الخصم لبناء المستقبل.
وغاب عن كثير أن أبرز مستقبلي نيكولا ساركوزي، وهما الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ووزير الداخلية يزيد زرهوني، كانا قبل مدة قصيرة يعالجان في مستشفيات فرنسية، تحت رحمة نيكولا ساركوزي. ولا نعرف هل أن هذا العمل كان له وزن في تصرف كل طرف قبل الزيارة وأثناءها، لكن لا‮ شك‮ أن‮ هذه‮ الورقة‮ كانت‮ هي‮ كذلك‮ بين‮ أيدي‮ الطرف‮ الفرنسي،‮ لكنه‮ تعالى‮ عن‮ استعمالها‮ لندرك‮ مدى‮ ضعفنا‮...‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.