أخيرا وبعد حوالي 57 سنة، وصلت رسالة الشهيدة حسيبة بن بوعلي، التي بعثتها لوالديها شهر سبتمبر من عام 1957، وقبل 20 يوما عن سقوطها في ميدان الشرف، ومن المفارقات أن رسالة الشهيدة التي كتبتها من مخبئها السري بحي القصبة، وتمكنت السلطات الاستعمارية من قطع مسارها، وصلت إلى الجامعة التي تحمل اسمها (جامعة حسيبة بن بوعلي) بالشلف، وتحديدا إلى كلية العلوم الإنسانية الأسبوع الماضي، بمناسبة الندوة التاريخية بعنوان "التاريخ والذاكرة" التي نشطتها المجاهدة زهرة ظريف، والباحثة مليكة قورصو. خلال هذه الندوة التي حضرها المئات من الطلبة والأساتذة، عرضت الباحثة مليكة قورصو، رسالة الشهيدة بن بوعلي، التي حصلت عليها من الأرشيف الفرنسي، والمؤلفة من أربع صفحات كتبت باللغة الفرنسية وبخط جميل وأسلوب راق، قال عنه أستاذ جامعي في اللغة الفرنسية، إن أسلوب الشهيدة في الكتابة يفوق مستوى بعض أساتذة اللغة الفرنسية، وهو ما يعكس المستوى الفكري والثقافي للشهيدة حسيبة، التي سألت في الرسالة عن أحوال الأسرة، وأبلغتهم عن مشروعها في الالتحاق بصفوف جيش التحرير بالجبال والعمل كممرضة، وترجّت والديها بعدم البكاء عليها في حال استشهادها لأنها ستكون في قمّة السعادة إن كتبت لها الشهادة في ميدان الشرف. وبدورها روت المجاهدة ظريف، في محاضرتها جوانب من حياة الشهيدة بن بوعلي، التي لم تذكرها في مذكراتها ومنها على الخصوص قصة العرافة التي رفضت أن تلس يد الشهيدة "حسيبة"، حيث قالت المجاهدة إنها كانت رفقة زميلات لها ومن بينهن حسيبة، في زيارة مدرسية إلى إسبانيا لما كن تلميذات بمقاعد الدراسة، وبينما كن يتجولن في الشارع لفتت انتباههن عرافة تقرأ الحظ للمارة، فاقتربن منها وقرأت لهن الحظ إلا حسيبة بن بوعلي، حيث رفضت العرّافة أن تلمس يدها، وقالت لها "يدك ملطّخة بالدماء"، وهو ما أثار استغرابهن ، كما روت المجاهدة زهرة بيطاط، قصة أخرى مثيرة عن الشهيدة التي رأت في منامها وهي مختبئة معها بالقصبة، أنها زارت الشهيد العربي بن مهيدي، في بيته وطلب منها البقاء معه قائلا لها "مكانك معي". وعقب الندوة وجّه الحضور من أساتذة وطلبة التماسا إلى وزير التربية الوطنية، لقراءة الرسالة في أول درس يقدم في السنة الدراسية المقبلة، لما تحمله من رمزية، وقد التزم رئيس الجامعة و عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بقراءة الرسالة مع بداية كل سنة جامعية.