كذب الإعلام المصري مرة أخرى عندما وضع زيارة عبد الفتاح السيسي إلى الجزائر في سياق العلاقات الوطيدة التي تربط الشعبين المصري والجزائري. فالعلاقة بين الشعبين لا تحتاج إلى شهادة الشاهدين أو مرافعة الإعلاميين ليقال أنها وطيدة وتاريخية، فهذا في حكم المؤكد والمؤبد. الصحيح أن الزيارة التي قادت الفريق (ولا أقول الرئيس المصري) سياقها الوحيد أنها تدخل في إطار الإنسجام والتناغم التام بين منظومتي الحكم في البلدين. ولولا هذا، وهذا فقط، ما كان للسيسي أن يكونا ضيفا على الجزائر إلا برتبته العسكرية في إطار تنسيق وبحث مع القيادة الجزائرية لتعزيز التعاون العسكري (مثلا) بين البلدين بناء على توجيهات رئيس الجمهورية الحقيقي والقائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أقسم السيسي أمامه بأغلظ الأيمان ثم حنث، قبل أن ينقلب عليه بحجة حماية الوطن من الإنهيار، ثم ما لبث أن حل محله في منصب رئيس الجمهورية تحقيقا لرؤياه القديمة عندما رأى نفسه في المنام رئيسا لأرض الكنانة.. ولا غرابة أن تتحقق الرؤيا مثلما تتحقق رؤيا الأنبياء، وقد جعل بعض الجهّال والمتملقين في مصر من السيسي نبيا ورسولا بعد خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد قال قائلهم لقد أرسل الله إلينا عبد الفتاح السيسي (الذي تواترت الرؤى بنصره هو ومن معه على مذهب مفتي مصر السابق علي جمعة) ومحمد ابراهيم (وزير داخليته). لو استطلع الإعلام موقف الجزائريين من زيارة قائد الإنقلاب العسكري الدموي في مصر لوجد أن من قد يرحب به نسبة لن تبلغ حتى ما حصل عليه في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، أو "انتخابات الأشباح" التي قاطعتها أطياف الشعب المصري قاطبة. لا أعرف رئيسا يكرهه شعبه يحظى باحترام الشعوب الأخرى، وطبعا لا يستطيع السيسي أن يصنع الإستثناء حتى ولو ارتقى إلى رتبة مشير ثم رئيس وقبل ذلك رسولا من رب العالمين. ! سيستفيق السيسي من أحلامه يوما ما، ويدرك أن طريق الدم نهايته الحسرة والندم، والخزي في الدنيا (رغم كثرة المنافقين من حوله) والهلاك في الآخرة (حيث لا ينفع مال ولا بنون).