السؤال: أريد أن أستفسر عن أمر حيرني، وهو أن الشياطين تربط في رمضان، غير أننا نشاهد الكثير من الشرور والعصيان خلال شهر رمضان، فكيف تكون الشياطين مسلسلة وهي توسوس للناس وتدفعهم إلى معصية الله تعالى؟ الجواب: صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال: "إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ"، الوساوس الشيطانية موجودة في رمضان وغيره، وكون الشياطين تسلسل في شهر رمضان لا يعني ذلك أنها لا توسوس للناس، وذلك لعدة أمور، منها أن قوله صلى الله عليه وسلم: "وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" في تفسير بعض العلماء على المجاز لا على الحقيقة، أي أن الله تعالى يعصم الصائمين من المعاصي فتعجز الشياطين عن إغوائهم وتزيين الشهوات لهم كما تفعل في سائر السنة، والأمر الثاني: أننا إذا قلنا بأن الشياطين تسلسل حقيقة، فإن المراد بالشياطين هنا هم المردة، أما غيرهم فتبقى طليقة غير مسلسلة، ودليل هذا ما جاء في رواية الحديث عند الإمام النسائي بلفظ: "وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ"، ورواه ابن خزيمة وابن حبان بلفظ: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ مَرَدَةُ الْجِنِّ"، وبهذا اتضح أن الوساوس الشيطانية لا تنقطع في رمضان كسائر شهور السنة، وما على الإنسان إلا أن يجاهد نفسه والشيطان كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ".
السؤال: امرأتي حامل في شهرها السادس، ويمكنها أن تصوم غير أنها تجد في ذلك مشقة وإرهاقا شديدا بسبب ضعفها فهل يجوز لها أن تفطر؟ الجواب: الحامل إذا كانت لا تطيق الصيام إلا بجهد ومشقة وخافت على نفسها أو على ولدها، جاز لها أن تفطر في رمضان، بدليل الحديث الصحيح عند أحمد وأصحاب السنن عن أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّومَ وَشَطْرَ الصَّلاَةِ، وَعَنِ الحُبْلَى والمُرْضِعِ الصَّوْمَ"، وإذا خشيت بصومها الهلاك أو شدة الضرر وجب عليها الإفطار، لأن حفظ النفس واجب لقوله تعالى: "وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، وقوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا"، ويجب عليها القضاء بعد ذلك كالمريض. السؤال: أجرى أبي عملية جراحية قبل شهر رمضان، وهو الآن طريح الفراش لا يقدر على الصوم، ويسألكم هل يلزمه إخراج الفدية الآن أو يؤخرها حتى يشفى ويخرجها مع القضاء؟ الجواب: ليس على والدك فدية، لا الآن ولا بعد رمضان، لأن المريض الذي يرجى برؤه لا يلزمه إلا القضاء فقط بعد الشفاء، لقوله تعالى: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".
السؤال: أنا عاجز عن الصيام لكبر سني، وكذلك زوجتي لا تصوم لأنها مصابة بمرض مزمن، ولما أدفع الفدية يؤثر ذلك على مصروف البيت لأن دخلي ضعيف، فما هو العمل في هذه الحال؟ الجواب: العاجز عن الصيام لكبر أو مرض دائم يفطر ويفدي لقوله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"، وهذه الفدية يطالب بها القادر عليها، أما الفقير الذي يتأثر بدفعها وتسبب له ضيقا ماديا فتسقط عنه، لقوله تعالى في آخر آيات الصوم: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ".
السؤال: عندي سؤلان أريد منكم فتوى، امرأة أفطرت في رمضان الماضي لأنها كانت نفساء، ولم تقض ما عليها من الأيام حتى أدركها رمضان الحالي، نظرا لأنها تصاب بالدوار والتعب الشديد كلما حاولت الصيام، فما رأي الشرع في هذا الموضوع؟ وكيف تقضي أو تكفر؟
الجواب: القضاء واجب قبل دخول رمضان الجديد بشرط القدرة عليه، فإن عجزت لمرض أو غيره سقط عنها الوجوب، لقوله تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"، وبحصول الدوار والتعب الشديد من العجز، لا إثم في تأخير القضاء حتى تتعافى من هذا المرض، ولا يترتب عليها شيء من الفدية لعدم تفريطها، والفدية كفارة لمن فرط وتهاون.