السؤال: هل استعمال الكحل في نهار رمضان حرام أو حلال؟ وهل ثبت حقا أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل وهو صائم؟ الجواب: لا يحرم استعمال الكحل في نهار رمضان إن سلم من وصول شيء منه لحلقه، وهو من جملة ما يكره للصائم، ومن اكتحل نهارا فوصل الكحل إلى حلقه فعليه القضاء فقط بدون كفارة وإن لم يصل شيء من ذلك فلا شيء عليه، وأما إن اكتحل ليلا فلا شيء عليه ولو أحس بهبوطه إلى حلقه نهارا، ففي المدونة قال مالك: "ولا يكتحل أو يصب في أذنيه دهنا إلا أن يعلم أنه لا يصل إلى حلقه، فإن اكتحل بإثمد أو صبر أو غيره أو صب في أذنه الدهن لوجع به أو غيره فوصل ذلك إلى حلقه فليتماد في صومه ولا يفطر بقية يومه وعليه القضاء، ولا يكفّر إن كان في رمضان وإن لم يصل إلى حلقه فلا شيء عليه"، أما عن سؤالك الثاني هل ثبت حقا أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل وهو صائم؟ فنقول: ورد ذلك في حديث رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها "أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اِكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ"، غير أن الحديث ضعيف لا يحتج بمثله، ولذا قال الترمذي في سننه: "لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء".
السؤال: هل يجوز للصائم استعمال معجون الأسنان خلال النهار؟ الجواب: يكره استعمال معجون الأسنان للصائم لسببين: أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصائم عن المبالغة في المضمضة والاستنشاق خشية أن يسبق إلى حلقه شيء من الماء، فإن بالغ ووصل الماء إلى حلقه فسد صومه ووجب عليه القضاء، ففي المسند والسنن بسند صحيح عن لَقِيط بْنِ صَبِرَة رضي الله عنه قال: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الوُضُوءِ؟ قَالَ: أَسْبِغِ الوُضُوءَ، وَخَلِلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا"، وفي رواية صحيحة لأبي بشر الدولابي "إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَبْلِغْ فِي المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا"، ولا شك أن استعمال معجون الأسنان أشد من المبالغة في المضمضة لما فيه من تكثير الماء في الفم، والسبب الثاني: أن الفقهاء كرهوا استعمال السواك الرطب لأنه قد ينفصل منه شيء أو من رطوبته فيدخل جوفه ويبطل بذلك صومه، وإذا استعمل الصائم معجون الأسنان وجب عليه أن يتحفظ من بلع شيء منه وأن يحترز من وصول الماء إلى حلقه وإلا بطل صومه ولزمه القضاء ولا كفارة عليه إلا إذا تعمد.
السؤال: وضعت الحمل منذ ستة أشهر وأنا الآن أرضع ولدي وأخشى إن صمت رمضان من نقصان الحليب، فهل يجوز لي أن أفطر؟ الجواب: المرأة المرضع لها أحوال بالنسبة للفطر في رمضان: أولا: إذا كانت قادرة على الصوم ولا يجهدها الإرضاع، فلا يجوز لها الإفطار، ثانيا: إذا أجهدها الصوم ووجدت مشقة كبيرة جاز لها الفطر ولو لم تخش على نفسها أو على ولدها ضررا، ثالثا: إذا خافت على نفسها أو على ولدها مرضا أو زيادته أو تأخر شفاء جاز لها الفطر، رابعا: إذا خافت على نفسها أو على ولدها هلاكا أو شديد ضرر وجب عليها الفطر، والأصل في إباحة الصيام للمرضع ما رواه أحمد وأصحاب السنن عن أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّومَ وَشَطْرَ الصَّلاَةِ، وَعَنِ الحُبْلَى والمُرْضِعِ الصَّوْمَ"، ويجب عليها إذا أفطرت أن تطعم عن كل يوم مسكينا، عملا بقوله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"، كما يجب عليها القضاء بعد ذلك كالمريض.
السؤال:هل فدية رمضان يجب أن تكون من مال المفطر أو يجوز لأولاده إخراجها عنه؟ الجواب: الفدية تكون من مال المفطر لأنه هو المطالب بها شرعا، فإن تطوع بها عنه أولاده أو غيرهم جازت، لأن النيابة في الأموال تجوز اتفاقا، ويدل عليها ما جاء في خبر الذي أفطر في رمضان عامدا فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما حصل وأنه لا يقدر على عتق رقبة ولا على الصوم وأنه فقير عاجز عن الإطعام أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عَرَقًا فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ".
السؤال: أنا عاجز عن الصيام لكبر سني، وكذلك زوجتي لا تصوم لأنها مصابة بمرض مزمن، ولما أدفع الفدية يؤثر ذلك في مصروف البيت لأن دخلي ضعيف، فما هو العمل في هذه الحالة؟ الجواب: العاجز عن الصيام لكبر أو مرض دائم يفطر ويفدي لقوله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"، وهذه الفدية يطالب بها القادر عليها، أما الفقير الذي يتأثر بدفعها وتسبب له ضيقا ماديا فتسقط عنه، لقوله تعالى في آخر آيات الصوم: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ".
السؤال: عندي موضوعان أريد منكم فتوى، امرأة أفطرت في رمضان الماضي لأنها كانت نفساء، ولم تقض ما عليها من الأيام حتى أدركها رمضان الحالي، نظرا لأنها تصاب بالدوار والتعب الشديد كلما حاولت الصيام، فما رأي الشرع في هذا الموضوع؟ وكيف تقض أو تكفر؟ الجواب: القضاء واجب قبل دخول رمضان الجديد بشرط القدرة عليه، فإن عجز لمرض أو غيره سقط عنه الوجوب، لقوله تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"، وحصول الدوار والتعب الشديد من العجز، ولا إثم عليها في تأخير القضاء حتى تتعافى من هذا المرض، ولا يترتب عليها شيء من الفدية لعدم تفريطها، والفدية كفارة لمن فرط وتهاون.