10 آلاف نسمة يفترشون الأرض ويبيتون في الظلام دون ماء ولا دواء يشكو سكان مناطق البترول والغاز بولاية إيليزي من معاناة حقيقية في مجالات عديدة، بحيث لا يزال غالبيتهم يسكنون بيوتا من القصدير في ظروف اقل ما يقال عنها إنها لا تليق بمقامهم ويفترشون الأرض في ظل انعدام الكهرباء والماء وقاعات العلاج المغلقة والندرة في الدواء . وهم الذين يجاورون مناطق تعد من اكبر المناطق إنتاجا للذهب الأسود رصدت لها أموال طائلة تجاوزت 200 مليار سنتيم سنة 2007 فقط بهدف النهوض بها وتحسين المستوى المعيشي لسكانها الذين لا يتجاوز عددهم 10 آلاف نسمة ببلديات عين امناس وبرج عمر إدريس والدبداب. أكثر من 450 مليار سنتيم سنة 2007 للتنمية دون جدوى السكان بمناطق برج عمر إدريس وتيفتي وأوهانت وعين امناس وتمر ولين والدبداب ومركسن وضعهم المعيشي والاجتماعي لا يوحي بأنهم يسكنون ضمن خريطة أغنى مناطق الغاز والبترول، إذ لا يزالون يسكنون بيوتا من الطوب وأخرى من القصدير وبقايا الخردوات والخشب، وهم بذلك عرضة لكل أنوع الأمراض الوبائية جراء الغياب التام في أغلبية ما يسمى بالأحياء السكنية الفوضوية لشبكات الماء والصرف الصحي كما هو بمناطق أوهانت وتيفتي ومركسن وتمر ولين والبعض من أحياء بلدية برج عمر إدريس خاصة زاوية سيدي موسى ومحمد بوضياف والطابق والعين والحدب، حتى المشاريع السكنية التي تم بناؤها بطرق اقرب من التحايل والغش لا تستجيب لمواصفات السكن المرغوب فيه من قبل السكان بهذه المناطق والأحياء الذين سئموا من وضعهم الحالي رغم أنهم وجهوا العشرات من نداءات الاستغاثة لمختلف الجهات والسلطات بما فيها شركات البترول والغاز العاملة هناك ومنها سوناطراك، لكن وحسبهم لا حياة لمن تنادي ولا فرق عندهم في حلول فصول السنة يجيء الصيف بمتاعب الحرارة والنقص في التزود بالكهرباء لمواجهة الحر والشتاء ببرودة البيوت التي صنعوها من الكارتون والخشب وبقايا الخردوات من شركات البترول لا تقيهم من شدة البرد، ومن ذلك فإن الأمراض يسهل عليها اختراق أجسامهم النحيفة في ظل سوء التغذية وانعدام العلاج؛ كون الغالبية من قاعات العلاج مغلقة والطبيب قد يجيء يوما ويغيب شهورا دون الحديث عن الدواء الذي لا يزال الغالبية منهم يعتمدون في تداوي مرضاهم على الأعشاب والطرق التقليدية في جبر الكسور وتوليد النساء وختان الأطفال، أما دفن موتاهم فيتم في صمت ولا يزعجون في ذلك أحدا لإيمانهم القوي بربهم الواحد والوحيد الذي يرفعون له شكواهم. أطفال يقتاتون من المزابل وأحياء مظلمة ومدارس مغلقة طوال العام الشباب والأطفال بهذه المناطق يشتركون في المعاناة، فالكثير من الصغار لم يسعفه الحظ للجلوس على كرسي الدراسة، والغريب أن البعض من هذه المناطق تبقى مدارسها أو شبه المدارس بها مغلقة طوال السنة الدراسية رغم علم الوصاية بذلك بما فيها مديرية التربية التي تلتزم الصمت ما دامت تلك المدارس تقع في مناطق بعيدة عن أعين السلطات بإيليزي ولا يهم إن عم الجهل والأمية المرتفعة جدا وهي المتسبب في ظهور الكثير من الانحرافات والمظاهر التي لا تليق بمقامهم كبشر، إذ تصادف أطفالا صغارا يقتاتون من المزابل وحتى البعض من الكبار، أما الشباب فهم يشتكون الاجحاف والمحسوبية في تشغيلهم ضمن العشرات من المؤسسات البترولية العاملة بمناطقهم والبطالة تبقى تصنع يومياتهم وهم يوميا في انتظار منصب عمل مؤقت يسمح لهم ضمان مستقبلهم المظلم كما هو الظلام الحالك الذي يحيط بمناطقهم التي تبقى الكثير منها دون كهرباء، وتبقى منطقة اوهانت شاهدا على ذلك إذ لا يزال سكانها ينتظرون وعود سونلغاز وسوناطراك بإيصال الكهرباء إلى سكناتهم وهم يعيشون ضمن اكبر منطقة لإنتاج الطاقة. ولكن متى تضيء بيوتهم وشوارعهم التي تنعدم فيها التهيئة في ظل انعدام الطرقات الحضرية والأرصفة والغياب التام لشبكات صرف المياه وهم عرضة لمختلف الأمراض التي تساهم فيها المواد السامة الناتجة عن تكرير المواد البترولية، حتى حيواناتهم لم تسلم من ذلك إذ أدت تلك المواد السامة الناتجة عن تكرير المواد الطاقوية إلى هلاك المئات من رؤوس الإبل التي تعد الثروة الوحيدة التي تعيلهم على مواجهة مصاعب الحياة للبعض من أسعفهم الحظ لامتلاكها وراثة عن آبائهم وأجدادهم، أما السواد الأعظم من السكان فهم في انتظار القليل من المساعدات الاجتماعية التي تصلهم لسد رمقهم في المناسبات، وحسبهم فإنها لا تكفي لسد حاجياتهم من الغذاء والغطاء في ظل الظروف الطبيعية التي لا ترحم صغارهم في الشتاء وشيوخهم جراء الحرارة المرتفعة في الصيف. ومن ذلك فإنهم يأملون دائما في غد أفضل من اليوم ولم يتغلغل بعد اليأس إلى أنفسهم القوية بإيمانهم بالقضاء والقدر إلى أن يستفيق ضمير من هم مسؤولون عنهم وعن الأموال المخصصة لتنمية مناطقهم لتحسين وضعهم المعيشي المزري. وفي انتظار أن يتحقق ذلك تبقى مناطق الغاز والبترول بولاية إيليزي يعيش سكانها العزلة والحرمان ويبيتون في الظلام، فمتى يرون النور ويعيشون ما تبقى من حياتهم أفضل مما هم عليه اليوم. مهدي أكسور