بهذه المناطق يشتركون في المعاناة، فالكثير من الصغار لم يسعفه الحظ للجلوس على كرسي الدراسة، والغريب أن البعض من هذه المناطق تبقى مدارسها أو شبه المدارس بها، مغلقة طوال السنة الدراسية، رغم علم الوصاية بذلك بما فيها مديرية التربية التي تلتزم الصمت مادامت تلك المدارس تقع في مناطق بعيدة عن أعين السلطات بإيليزي، ولا يهم إن عم الجهل والأمية المرتفعة جدا، وهي المتسبب في ظهور الكثير من الانحرافات والمظاهر التي لا تليق بمقامهم كبشر، إذ تصادف أطفالا صغارا يقتاتون من المزابل وحتى البعض من الكبار. أما الشباب فهم يشتكون الإجحاف والمحسوبية في تشغيلهم ضمن العشرات من المؤسسات البترولية العاملة بمناطقهم، والبطالة تبقى تصنع يومياتهم وهم في انتظار منصب عمل مؤقت، يسمح لهم ضمان مستقبلهم المظلم، كما هو حال الظلام الحالك الذي يحيط بمناطقهم التي تبقى الكثير منها دون كهرباء، و تبقى عدة مناطق شاهدة على ذلك، إذ لا يزال سكانها ينتظرون وعود سونلغاز وسونطراك بإيصال الكهرباء إلى سكناتهم، وهم يعيشون ضمن أكبر منطقة لإنتاج الطاقة، ولكن متى تضيء بيوتهم وشوارعهم التي تنعدم فيها التهيئة، في ظل انعدام الطرقات الحضرية والأرصفة، والغياب التام لشبكات صرف المياه، وهم عرضة لمختلف الأمراض التي تساهم فيها المواد السامة الناتجة عن تكرير المواد البترولية، حتى حيواناتهم لم تسلم من ذلك، إذ أدت تلك المواد السامة الناتجة عن تكرير المواد الطاقوية، إلى هلاك المئات من رؤوس الإبل التي تعد الثروة الوحيدة التي تعيلهم على مواجهة مصاعب الحياة للبعض من أسعفهم الحظ لامتلاكها وراثة عن آبائهم وأجدادهم، أما السواد الأعظم من السكان، فهم في انتظار القليل من المساعدات الاجتماعية التي تصلهم لسد رمقهم في المناسبات، وحسبهم فإنها لا تكفي لسد حاجياتهم من الغداء والغطاء، في ظل الظروف الطبيعية التي لا ترحم صغارهم في الشتاء وشيوخهم جراء الحرارة المرتفعة في الصيف، ومن ذلك فإنهم يأملون دائما في غد أفضل، ولم يتغلغل بعد اليأس إلى أنفسهم القوية بإيمانهم بالقضاء والقدر، إلى أن يستفيق ضمير من هم مسؤولون عنهم، وعن الأموال المخصصة لتنمية مناطقهم لتحسين وضعهم المعيشي المزري. وفي انتظار أن يتحقق ذلك؛ تبقى مناطق الغاز و البترول بولاية إيليزي، يعيش سكانها العزلة والحرمان ويبيتون في الظلام، فمتى يرون النور ويعيشون ما تبقى من حياتهم أفضل مما هم عليه اليوم.