تخلت بعض النسوة عن تحضير المعجنات والخبز، بما أن الكثير من الرجال احترفوا هذا التخصص وأصبحوا يحضِّرون "المطلوع" و"المحاجب" باحترافية عالية، وبعد أن كان الأمر يقتصر على فئة العاملات هاهن الماكثات في البيت يفضلن اقتناء "المطلوع" و"المعارك" من محلات يقوم فيها رجل بتحضيرها، وبين مرحِّب بهذه الفكرة ومعارض لها، ترحّم كثير الرجال على الأيام الخوالي التي كانت فيها ربة البيت تعدّ كل شيء بنفسها وتوقد أصابعها العشرة شموعا لتوفير كل شيء لزوجها وأبنائها. وعلى الرغم من أن كثير النساء العاملات يكن مضطرات إلى هجران المطبخ في بعض الأحيان نظرا لارتباطاتهن العملية، وعدم قدرتهن على تحضير بعض المعجنات والأكلات التقليدية التي تستغرق وقتا طويلا لإعدادها، إلا أن الغريب في الأمر أن الظاهرة انتقلت إلى النساء الماكثات في البيت، اللواتي يفضلن الراحة في بعض الأوقات على المكوث طويلا في المطبخ الذي لازمنه كثيرا، لذا وجدت نساء في محلات بيع المعجنات والأكلات التقليدية متنفسا لاقتناء بعض "المطلوع" و"الكسرة" فضلا عن "المعارك" و"المحاجب". هي ظاهرة شاعت كثيرا في الآونة الأخيرة إلا أن الجديد في الأمر، هو قيام عديد الرجال بتبني هذه الفكرة والإشراف بأنفسهم على إعداد بعض الأكلات الشعبية، بل ويبدعون في تحضيرها، حيث ذهبت بعض النسوة اللواتي التقينا بهن في سوق "ميسونيي" بالعاصمة إلى أن بعض الرجال العاملين في هذه المحلات، يتقنون إعداد الكسرة والمحاجب أفضل من بعض النساء اللائي يقضين معظم أوقاتهن في المطبخ، وهو رأي خالتي "مريم" التي كانت تقف أمام محل لبيع المعجنات، حيث كان أحد الشبان يضع الكسرة على الطاجين، فقالت إنها تقصد المحل يوميا لاقتناء قطعتين من الكسرة "السخونة" التي يبدع هؤلاء الشبان في تحضيرها، مؤكدة أنها لم تصبح قادرة على تحضيرها بنفسها وابنتها الوحيدة عاملة، لذا تفضل شراءها بمبلغ قالت عنه إنه معقول وهو 30 دج للواحدة. وقد مدحت الكثير من النسوة المعجنات التي يقوم بإعدادها هؤلاء الشبان، إلا أن بعض الرجال الذين التقيناهم في سوق باش جراح كان لهم موقف مغاير تماما، حيث علق أحدهم على بعض النساء اللواتي كن يجلسن داخل مطعم يأكلن "المحاجب" التي يقوم بإعدادها أحد الرجال هناك، حيث قال "الراجل يطيب والنسا ياكلو ياخي زمان وصلنالو"، فيما عقب آخر "انقلبت الآية.. هذه من علامات القيامة"، حيث انتقد كثير الرجال الذين تحدثنا إليهم تخلي المرأة عن تحضير هذه المعجنات التي تعدّ من رموز المطبخ الجزائري التقليدي، ورفض الكثيرون منهم فكرة أن تعتمد النساء على رجال مختصين في تحضير مثل هذه الأكلات، لتغطية جهل بعض النساء بأمور المطبخ على حدّ تعبيرهم. وبين موقف مؤيد للفكرة وآخر معارض لها، استغل رجال مختصون في هذه الحرفة الفرصة للربح السريع، في ظل عزوف كثير النساء عن تحضير "الكسرة"، "المطلوع"، "المعارك" و"المحاجب" واقتنائها جاهزة من هذه المحلات.