رفع المخرج المسرحي احمد خوذي سقف الجرأة عاليا في سماء بشطارزي ، من خلال اشتغاله على نص الكاتب الصحفي والشاعر ارزقي مترف الذي أبدع في نسج خيوط الشك وتعميقه في النفوس المريضة والضعيفة باللعب على وتري "الطمع" و"الخوف" داخل فندق قديم قررت السلطات هدمه عن آخره وهدم كل الذكريات الجميلة والعلاقات الإنسانية الراقية. في ظاهر سينوغرافيا مراد بوشهير، الفندق قديم وآيل للسقوط وفي باطن قاطنيه هو صرح مقدس لا يجب أن يهدم أو يسقط.. هو الوطن بالنسبة لحارسه الهارب من واقع عائلي مؤلم ووطن لأرملة تنظف الأرضيات وتغسل الملابس لتضمن قوت أبنائها ووطن لبائع السمك المتجول بين الأحياء يجمع رزق يومه، ووطن لحفار القبور الذي يدفن مع كل جثة الكثير من مشاعر الحياة والأمل .. وهو وطن أيضا للمحتال والمتلون المتسلق على ظهور الغير لتحقيق أطماعه، كما لا يمكن أن يكون إلا وطنا للأستاذ الذي يعلم الأجيال ثم يفترش العراء في زمن أضيف "السكن" فيه إلى قائمة عجائب الدنيا السبع. فندق مترف كان وطنا محملا بالأثقال والآهات والصراعات ،يحاول قاطنوه أو "مواطنوه" اختراع عوالم خيالية للفرار من مرارة الواقع بالضحك تارة والرقص تارة أخرى . الواقع المر لمن يسكن الفندق والوضع المزري لبناية الفندق لم يحولا دون أن يمارس "حراس الديمقراطية" مهامهم التفتيشية والرقابية، مهام تعدت معرفة هوية قاطني الفندق إلى البحث في خصوصياتهم والتدخل في تحركاتهم وسكناتهم وهو ما أخرجهم عن الصمت إلى محاربة العنف بالعنف. تحرك الممثلون الستة: ريميلي حكيم وحميد بوحايك وناصر موحاوش وعبد النور يسعد ومفتاح منصوري ومحمد هلالي وعلاوة زقرارة، على ركح بشطارزي ورقصوا وغنوا وعلى اختلاف مستويات الأداء بينهم تمكنوا من إيصال رسالة العمل الجريئ الذي تطرق لمحدودية حرية التعبير وفوضى المعارضة والعشرية الحمراء ومقتل بوضياف والسمسرة السياسية وأزمة السكن وغيرها من المواضيع التي طرحت على "محكمة الشعب" وهذه الأخيرة لم تنطق بالحكم وتركت النهاية مفتوحة لأن واقع الجزائر كذلك مفتوح على كل السيناريوهات.