إلتقى أول أمس الرقص والغناء، واحتضنهما الفن الرابع بذراعي عباس محمد إسلام المفتوحتين على الإبداع المسرحي أداء وإخراجا، العمل هذه المرة كان وفق ما صممته أدامي نوارة من عرض وكوريغرافيا. جعلت من خلال تفاصيلهما خشبة بشطارزي لوحة فنية جمعت عدة عوالم صنعت ولا تزال الهوية الجزائرية من طبوع ثقافية مزجت بين الشكل والروح. كانت روحا شعبية غارقة في الأصالة متشبعة بالتراث تجسدت في إحدى الحكايا الشعبية "عرس المحروسة" أين يقرر حاكم الجزائر في مطلع القرن التاسع عشر أن يزوج ابنه حمود، وبعد الإعلان عن الخبر يتوجه ممثلو القبائل مباشرة إلى القصر أين يستعرض كل منهم جمال ما يملك، وضمن أحداث هذه الرحلة عبر تأشيرة سينوغرافيا مراد بوشهير وسليمان بدري وبمساعدة الطالب اليمني عبد المجيد وملابس كل من نون موسى، نادية، سالم، منيرة وفايزة، هذا العمل الجماعي الذي استطاع أن يبعث تقاليد الجزائر من خلال تصاميم لعبت دور المرآة العاكسة لثراء المحروسة. كان الابن حمود دائم الالتقاء بفتاته في القبائل، أولاد نايل، الطوارق، قسنطينة، الشاوية والعلاوية، كان اللقاء في كل مرة تأكيدا على أن المحروسة كما قال مؤلف العمل حسين طايلب "هي الخير الذي ينبذ الشر، هي الوفاء الذي اجتث الخيانة من رحم أرضها، هي الولود لكل آيات الحب، هي إن أحبت أخلصت، وإن احتلت انتفضت، وإن رقصت أغرت، وإن فرحت أفرحت، هي الرقصة الأبدية لعاشقين جددوا العهد مع الحياة... عرس المحروسة، هي ألوان تراثنا الموغل في التاريخ، أردناه أن يكون عرسا جامعا لفسيفسائنا التي نحتت الجمال في أبهى صورته". يجد حمود المحروسة ويدرك قيمتها من أول يوم، ذلك أن رحلة البحث كانت شاقة وسط ذلك الكل الثقافي الذي لا يتجزأ. اجتهد كل من الفنان جمال قرمي في دور الحاكم، فارس فتان في دور حمود، سماح سميدة في دور حوسة، سمير سايح في دور القرقوش، فتحي كافي في دور الحفصي، سوالم عديلة في دور نرجس، شردوح بلعيد في دور الوزير، لعرابي احمد نزيم في دور شيخ أولاد نايل، بوزيدة وائل في دور مبروك ،عبد المؤمن ياسمين في دور زوينة، مراد مجرام في دور شيخ الشاوية، أمير محمد فريك في دور شيخ الغرب، رضا عمراني في دور القبائلي، محمد بن عبد الله في دور التارقي، عمر خلوس في دور القسنطيني، ايدير بن عيبوش في دور العاصمي والسوري إبراهيم عبد المؤمن في دور شيخ العرب والذي أبدع في آخر رقصة هي الدبكة رفقة زملائه الذين أكدوا على أنهم حملة مشعل المسرح دون منازع، فرغم بعض الهفوات في الرقص وضعف أداء البعض إلا أنهم لم يبخلوا باستعراض لغة الجسد وهم عبد الرؤوف خضراوي، قنيش أمين، بختي فاطمة الزهراء، بوزينة زهير، زماني إيمان، ايت الحاج وليد، لونيس زيهار، قادري نادية وهناني عيسى. استطاع هؤلاء خلق تناغم بين مساحة الحوار وفضاءات موسيقى أمين دهان وغناء الفنان رشيد كريماش، تجاوب معه جمهور المسرح الوطني ساعات قبل حلول العام الجديد. آسيا شلابي