عبد الناصر نكاد نحفظ هذه الأيام أسماء الطامحين للكرسي "الأبيض" أكثر من حفظنا لأسماء رؤساء أحزابنا وحتى قادتنا من المحيط إلى الخليج، وتكاد الصحف والفضائيات تخصّص لهذا الحدث الذي مازال موعده بعيدا مساحة تنافس الأحداث المحلية والوطنية، وكل هذا يؤكد أن إسم هذا الرئيس المستقبلي يهم الجميع في كل المعمورة وخاصة في العالم العربي والإسلامي، فبيده مصير أفغانستان بلد جمال الدين الأفغاني، وبيده مصير العراق بلد المعتصم بالله وبيده أيضا مصير لبنان وفلسطين والسودان وبقية الأمصار، لأجل ذلك تعيش الأمم هذه الانتخابات، وقد تخفق قلوبها "لباراك أوباما" أو "هيلاري كلينتون" وقد ينقبض لاسم "جون ماكين" رغم أن هؤلاء جميعا لا تهمهم إطلاقا مشاعر هاته الشعوب، ولا يعلمون أصلا بوجودها. خليفة جورج بوش هو حدث ليس أمريكيا فقط وإنما عالميا، ومع أن السياسة الأمريكية الخارجية ثابتة لا تتغير، إذ تعددت الأسماء التي قادت القوة العالمية الأولى منذ نصف قرن ولكنها تشابهت في تعاملها مع قضية الأمة الأولى وأكثر من ذلك، أضافت إلى ظلم الشرق الأوسط نقاط ألم أخرى في الخليج وشرق آسيا وكانت باعتراف الأمريكيين أحد المساهمين في عجن "القاعدة" التي تضرب الآن في شرق الأرض ومغاربها. العودة إلى رأي الرئيس الأمريكي في قضايا داخلية بحتة واضحة للعيان في عدد كبير من الدول مثل لبنان والسودان وكينيا ويتحوّل الرأي في غالب الأحيان إلى تطبيق لأوامر تصل من دون إعطاء أي قيمة لإرادة الشعوب، بحثا عن مصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها الإستراتيجيين وهم بالتأكيد ليسوا دولا إسلامية. ولأن اللوبي الإسرائيلي مازال يشتغل لوحده في غياب لوبي عربي أو إسلامي، فإن المترشحين لحرب المنافسة على البيت الأبيض، يزايدون هاته الأيام في مزيد من الوعود لإسرائيل ولا أحد يذكر العرب والمسلمين الذين يتجرعون الآلام الأمريكية في أفغانستان والعراق، ويبقى أمل بعض رجال الأمة هو محافظتهم على ملاييرهم المكتنزة في البنوك الأمريكية، أما الشعوب، فتتابع المعركة الانتخابية، كما تابعت دائما أفلام الوسترن والغونغستار والمافيا التي قدمتها هوليوود، آملة في أن تشارك بورقة انتخابية تدسّها في الصندوق لأجل اختيار الأسمر "أوباما" أو "السيدة هيلاري".. لكن هيهات، فحتى لو طلبنا المشاركة في هاته الانتخابات فسيكون الرفض، لأن المترشحين لا يعرفون شعوبا أخرى ودولا أخرى غير الولاياتالمتحدة وحلفاءها في الدم والعقيدة والمصير!