أكد شيخ زاوية سيدي علي موسى سابقا ورئيس مشروع زاوية بني ينّي حاليا، نور الدين مشوط، في حديث ل "الشروق"، أن الذين يتحدثون عن التنصير في منطقة القبائل لم يكن هدفهم خدمة الإسلام بالمنطقة بقدر ما كان هدفهم البزنسة السياسية بمنطقة القبائل التي تشكل منطقة استقطاب لهشاشتها السياسية. وقال المتحدث: "إن الذين يروّجون للتمسيح في المنطقة يعملون ولا يتكلمون كثيرا كما نفعل نحن اليوم وإنما يعملون في صمت"، وعلى هذا الأساس دعا المتحدث كل الذين "تهمهم فعلا منطقة القبائل "أن يقوموا بمساعدتنا والعمل من أجل إخراج المنطقة من البزنسة السياسية". وفي هذا السياق، دعا المتحدث من أسماهم بالفاشلين سياسيا بالكف عن التجارة بالمنطقة، قائلا: "إن منطقة القبائل بخير ولها رجالها ونساؤها الذين يتفانون في خدمتها حقا وليس ادعاء"، وأكد، في هذا السياق، المتحدث أن منطقة تيزي وزو هي المنطقة التي تتوفر على أكبر قدر ممكن من الزوايا التي لها نفوذ واحترام كبير في حياة السكان، مستندا في حديثه إلى أرقام جديدة تؤكد وجود 785 مسجد مرسّم أي بإمام يتقاضى أجرا من وزارة الشؤون الدينية و386 مسجد غير مرسّم، إضافة إلى 40 مسجدا في طور الإنجاز وكذا 22 زاوية منها 18 زاوية عاملة. منطقة القبائل منبر لحرية المعتقد ويستطرد المتحدث قائلا إن منطقة القبائل هي المنطقة الوحيدة عبر الجزائر التي تمارس فيها حرية المعتقد طبقا للدستور وقوانين الجمهورية، وهي المنطقة الوحيدة التي ما يزال فيها قانون الحبوس والوقف ساري المفعول ومازال الناس هناك يوقفون أملاكهم على الزوايا وبيوت الله، ولهذا يقول المتحدث: "إن الذين يقفون خلف تهميش دور الزوايا والمساجد في المنطقة والترويج للتنصير هم "الفاشلون سياسيا في الاستثمار في الجوانب الأخرى التي من شأنها أن تحقق التنمية وتحل مشاكل الناس، فأصبحوا يلعبون على وتر العقيدة ويزجّون بالمؤسسات الدينية في قلب الصراع السياسي ولعبة المصالح حتى أصبح كل من هب ودب يتحدث باسم الزوايا". وفي هذا السياق، وبخصوص قانون الزوايا الذي رفعته مؤخرا جمعية الزوايا للرئيس، قال نور الذين مشوط: "وإذا كان لا بد من إصدار قانون للزوايا فذلك من صلاحيات الوزارة الوصية على القطاع والوزير تحديدا، مع إمكانية أن تقترح الوزارات التي لها علاقة بالقطاع منها وزارة التعليم العالي والثقافة والتربية، وهذا طبقا لقوانين الجمهورية التي تبيح أيضا لنواب الأمة أن يقترحوا قانونا ما". هذا ويضيف المتحدث "لم أرَ وقاحة أكبر من التعدي على حرمة المؤسسات والتطاول على الرئيس الذي يعرف جيدا المجال"، مؤكدا أن "الدولة لها مؤسسات وقوانين لا بد من احترامها وفق التدرج المؤسساتي". بعض الزوايا تحولت إلى سجل تجاري ولم يفوّت رئيس مشروع زاوية بني ينّي أن يفتح النار على المتحدث باسم الزوايا عن جهل، والذين حولوا الزوايا إلى سجل تجاري، وأضاف قائلا: "إن التحدث باسم الزوايا من صلاحيات الشيوخ وأهل الزوايا فقط الذين لا يزيد عددهم عن 16 شيخا عبر الوطن و6 طرق صوفية، وما زاد على ذلك هم من تجار المرحلة والفاشلين في النضال السياسي"، وختم قوله بالدعوة إلى إخراج المؤسسات الدينية والزوايا تحديدا ومنطقة القبائل من التجارة والنضال السياسي وإعادتها إلى دورها الطبيعي التربوي والاجتماعي خارج الأدوار المشبوهة التي أفرغت هذه المؤسسات من أدوارها الحقيقية. الإنجيليون الجدد وخطر التنصير القادم من الجنوب رغم تركيز الأضواء الإعلامية على منطقة القبائل في ما يتعلق بحملة التنصير التي تتعرض لها الجزائر، فإن بعض التقارير الإعلامية التي تتداول على نطاق ضيق تؤكد أن الخطر الفعلي قادم ليس من منطقة القبائل ولكن من الجنوب الجزائري، الذي يتعرض سكانه لحملة إعلامية مركزة وقوية، يقودها الإنجيليون الجدد، وسط تعتيم وتجاهل إعلامي كبيرين للمنطقة. وقد أوضح مصدر على علاقة بالموضوع ل "الشروق" أن الإنجيليون الجدد هم جماعة من المتطرفين المسيحيين واليهود والمجوس يستخدمون من قبل مخابر دولية سرية، ومراكز دراسات استراتيجية تعمل لصالح الدول الكبرى. وقد أكدت المصادر نفسها أنها تستند إلى تقارير وبحوث ميدانية وأن هذه الطوائف المتطرفة -وحسب إحصاءات غربية- أن عددهم يصل إلى 20 ألف شخص يتوزعون عبر العالم ويتمركزون خاصة في الدول التي تنتشر فيها الثروات الطبيعية والمواد الأولية، والدول التي هي عرضة للاستهداف الأجنبي والتي تنتشر خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. وأوضح مصدر "الشروق" أن بعض هذه الجماعات تعمل لصالح مخابر عسكرية غربية وأهدافها سياسية وأغراضها أكبر من الدعوة إلى دين جديد بل تعمل على فرض السيطرة على المناطق التي تتواجد بها، وجعلها تحت سيطرتها لأغراض استراتيجية بحتة. زهية. م الزوايا الجزائرية مرجعيات صوفية ومشيخات عالمية لقد ظهرت الزوايا في الجزائر منذ بدايات تشكل التصوف الإسلامي، ولكن تبلورت مع نظرية عبد الله بن ياسين، مؤسس دولة المرابطين، لتزدهر في الأزمنة القادمة، لتعرف ازدهارها مع الوجود العثماني في الجزائر. وبعد قرون من التبلور، ظهرت العديد منها، وفي مقدمتها الطريقة الرحمانية، والتيجانية، والقادرية، والسنوسية، والدرقاوة وأخرى كثيرة. ولكن التيجانية تصدرت قائمة الزوايا من خلال جهود مؤسسها الشيخ أحمد التيجاني الذي لم يكن شيخا صوفيا فقط بل مثقفا كبيرا، وقد ترك آثار ذلك في قصته في قصر كردان. وتعتبر الخلافة العامة بعين ماضي مقرا عاما لأتباع الطريقة التيجانية، كما تتولى الجزائر نيابة القيادة العالمية للطريقة القادرية، وتميزت الطريقة الرحمانية بسجل كبير في مجاهدة الاستعمار منذ زمن البطلة لالة فاطمة نسومر لكون الكثير منها من قادة المثقفين وزعماء المقاومة بداية من الأمير عبد القادر إلى الشيخ الحداد والقائمة طويلة، إلا أن المرحلة الحالية لم تتضح ملامحها بعد تورّط الزوايا في اللعبة السياسية الحديثة. زهية منصر