تفاجأ الباحث بن إبراهيم الطيب ابن عاصمة أولاد سيد الشيخ في البيّض، وهو يتصفّح موقع جامعة ميتشغان الأمريكية بتعرّض كتابه "الاستشراق الفرنسي وتعدد مهامه خاصة في الجزائر"، الذي اعتمده المجلس الإسلامي الأعلى مرجعا أساسيا في دراسات الاستشراق في الجزائر وتكفل بتخريج طبعته الثانية سنة 2009، إلى الاستنساخ والطبع الإلكتروني دون إذن من صاحبه. فقد قام مهندسو موقع الجامعة المذكورة بإعداد طبعة رقمية وتسويق طبعة الكتاب الأولى التي نشرتها دار المنابع سنة 2004، دون إذن أو ترخيص من المالك الأصلي للكتاب، حيث كشف ل "الشروق اليومي" بأنه قضى في تأليفه قرابة 10 سنوات كاملة في البحث والتأليف حول موضوع الاستشراق الفرنسي وتعدد مهامه القديمة المتجددة، التي شملت المكان والزمان والإنسان والثقافة، مستشهداً بالأدلة والبراهين على أن مهام الاستشراق في مرحلته الأخيرة لا تختلف عن مهامه في المرحلة الأولى التي بدأ بها، حيث خصص الكاتب فصلا كاملا من فصول الكتاب الأربعة لتأكيد علاقة الاستشراق بالاستعمار. وذكر أن فرنسا في استعمارها كانت تراهن على مستشرقيها ودورهم بقدر ما كانت تراهن على جيوشها. من جهة أخرى اعتبر الأستاذ بن إبراهيم انعقاد مؤتمر المستشرقين الرابع عشر في الجزائر عام 1905 حلقة من حلقات التكامل والتعاون الاستراتيجي القائم بين الاستشراق والاستعمار الفرنسيين، وفيه حاول الفرنسيون إضفاء طابع "الجزائر الفرنسية"، التي كان قد مضى على احتلالها حينذاك أكثر من سبعة عقود. وأصدق من عبر بوضوح وصراحة عن السياسة الثقافية الاستعمارية تجاه الجزائر، الكاتب الفرنسي أوغست برنارد عندما قال: "إننا لم نحضر إلى الجزائر لإقرار الأمن، بل لنشر الحضارة واللغة والأفكار الفرنسية... وليست الجزائر مستعمرة كالهند الصينية... ولكنها جزء من فرنسا كما كانت أيام روما... إننا نريد أن نجعل هناك جنسا يندمج فينا عن طريق اللغة والعادات... وسيتم هذا بعد نشر لغة فيكتور هوغو". ليتوصل بن إبراهيم في خاتمة كتابه إلى أن الاستشراق الفرنسي كان أكثر أنواع الاستشراق الغربي تجنيدا للغزو الثقافي و"التبشير" الديني، كما أن فرنسا اعتمدت عليه في جميع جبهات صراعها الرئيسي مع الشرق، سواء الجبهة العسكرية أم الدينية أم الثقافية أم الاقتصادية، ووظفته حليفا رئيسيا للتنصير والاستعمار والثقافة الفرنكفونية. الأستاذ الباحث وفي لقاء مع "الشروق اليومي"، الذي التقته بعد فراغه من إلقاء محاضرة حول "الجراح موريس بوكاي وكتابه القرآن والعلم الحديث" في ملتقى العلوم العقلية في الإسلام، الذي نظمه المجلس الإسلامي الأعلى، كشف عن مشروعه الجديد الذي يعري ويفضح فيه حقائق وممارسات حصرية قام بها المنصرون بمدينة الأبيض سيد الشيخ وكل مناطق الجنوب الغربي والتي لمح إلى بعض منها في مداخلة سابقة له حول زيارة "لويس ماسينيون رفقة زوجته إلى مدينة الأبيض سيد الشيخ ومشروع تلامذة شارل دي فوكو".