اليوم عيد وقد ارتفعت رايتنا تعانق كبد السماء وتهدي الحيارى والمظلومين إلى دروب العزة.. اليوم عيد وقد خرجت الجزائر عن بكرة أبيها تعلن حريتها وتلقي بالاستعمار الفرنسي الغاشم إلى مزابل التاريخ وتوقع على وجوه القتلة مجرمي الحرب أن لعنة الأجيال تلاحقهم.. * * في مثل هذا اليوم ينسحب كلام اللسان ليضخ القلب دمه حارا دفاقا يهتف للشهداء ويحيي الرجال الذين اجتمع لهم اليقين والوعي وإرادة الشعب فبارك الله الدم وحقق الانتصار... وهنا لا بد من الغناء الذي يشبه البكاء فلنغن جميعا في مهرجان الشهداء لهم ولنا وللأجيال. * قافلتهم تنهض من جديد تبث الأمل والدم.. وتوزع الابتسامات والياسمين.. يعودون هذا الصباح (أمير) و(إمام) و(فرسان)... * أفسحوا لهم الشوارع والبيوت المنكوبة.. تروهم يخرجون من خواني القمح والماء.. يتقدمون.. نحو الانحناءات العظمى فيلغون معادلة الطغيان والظالمين.. يثبتون على الدرب بقية من دمهم فيشتعل المجد مشاعل.. * أصمتوا أيها الفقراء الطيبون قليلاً.. إقتربوا من خرير الدم.. واهتفوا: يا زمن المذابح والمجازر دلنا على سبب النصر أهو السيف أم الدم؟.. انه الدم.. الدم المنتصب كالمارد يرد الأشرار ويدحر الغزوة عن الأطفال والشمس. * يا شهداءنا أيها الأحباب.. عودوا هذا الصباح.. عودوا إلى منازلكم واحملوا الحلوى لأطفالكم الذين شبوا على فواصل الدم.. أطفالكم ينتظرونكم كل صبح.. يكبرون فيكبر الحلم فتأتون ليكبر الانتصار.. عودوا أيها الأحباب فالمواقد لم تنطفئ.. والخيل تدك الأرض وما توقفت عن التحمحم لحظة.. وسيوفكم لم تصدأ بعد. * أما انتم أيها الفقراء، أيها المسلمون الطيبون فرويدا رويدا.. لاتتزاحموا إنهم يكرهون الضجيج.. واسمحوا قليلا لعواطفكم أن تزف دموع الفرح.. وتمترسوا على بدايات الطرق فإنهم سيمرون.. تمر قافلتهم.. حيُوهم فردا فردا في هذا العرس.. قولوا: سلاما سلاما يا أمير وقبلوا منه اليدين.. سلاما سلاما يا إمام و قبلوا منه الجبين.. سلاما سلاما يا ابن مهيدي يا زيغود يوسف يا باجي مختار يا ابن بولعيد يا ديدوش يا عميروش يأكل الرجال الرجال، وقبلوا منهم جراحهم. * سلاما سلاما للدم المشرع على بوابات الجزائر قوس انتصار.. سلاما لأخوات الشهداء وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم.. سلاما سلاما.. قافلتهم تسير في موكبها الوضيء ونحن نلملم أحرف الوعي علّنا نركب جملة واحدة في مستوى دمهم.. في مستوى جهادهم ضد الصليبية.. فيما يواصل نهر الدم تدفقه!! فيا فواصل الدم في أعمارنا دلّينا على بوابة القدس!