اختار رئيسا الغرفتين العليا والسفلى، عبد القادر بن صالح ومحمد العربي ولد خليفة، مسألتي الاحتجاجات في شمال البلاد وجنوبها وتدهور أسعار البترول، موضوعا لاختتام الدورة الخريفية، ففيما اعتبر ولد خليفة، الاحتجاجات التي تعرفها بعض مناطق البلاد، وخاصة الصحراء "شكلا من أشكال الممارسة الديمقراطية ومؤشرا على حرية التعبير والرأي في الجزائر"، دعا بن صالح الجزائريين إلى "عدم التشاؤم بعد انهيار أسعار النفط". وأوضح ولد خليفة في الكلمة التي ألقاها ، الإثنين، أن ما يحدث من احتجاجات في مناطق من شمال الجزائر أو جنوبها "هو دليل على الممارسة الديمقراطية وشكل من التعبير على الرأي كما يحدث في بلاد أخرى وراء البحر المتوسط والمحيط الأطلسي". وأضاف قائلا إن هذه الاحتجاجات هي "كذلك مؤشر هام على انتشار الثقافة الديمقراطية بخصوصيتها الجزائرية"، مذكرا في نفس المجال بالتوجيهات التي أعطاها رئيس الجمهورية في الاجتماع المصغر الأخير لمعالجة بعض القضايا المطروحة في مناطق الوطن. ودعا المتحدث مختلف الفعاليات إلى الاتفاق حول جملة من الأولويات منها "المحافظة على أمن واستقرار الجزائر وتحريك التنمية المتعددة الأشكال لبعث بدائل أخرى للثروة". وقال إن "الدعوة موجهة لكل الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للعمل في مناخ من التوافق على الأساسيات وعلى الأولويات، وهي المحافظة على أمن البلاد واستقرارها وتحقيق التنمية بإنشاء بدائل للثروة والتحكم في العلوم والتكنولوجيات". وأبرز أهمية "تحقيق مزيد من التجانس في إطار خصوصيات كل منطقة والحرص على الوحدة الوطنية، باعتبارها الحصن للجزائر وقوتها الثابتة والأولى"، مذكرا في نفس الوقت بأنه "لا توجد في الجزائر طوائف ولا أعراق متعادية". كما تطرق ولد خليفة لمواقف الجزائر تجاه القضايا الدولية، حيث أشار إلى "لقاءات أعضاء المجلس مع نظرائهم في اللجان المشتركة والعلاقات الثنائية والجهوية والدولية وشرحهم لمواقف الجزائر واختياراتها الأساسية الداعمة للأمن والاستقرار وحل النزاعات بالحوار السلمي واحترام سيادة البلدان ورفض التدخل الأجنبي الذي أدى في كل مرة إلى تعقيد الأزمات". وذكر رئيس المجلس أيضا بتجربة الجزائر في "مجال مكافحة الإرهاب ونجاحها في التخلص منه وحدها بدون عون أو مساندة من أية جهة بعد أن أدركت أن هذه الآفة ليس لها جنسية ولا دين ولا حدود جغرافية"، مشيرا إلى أن "شرائح واسعة من المجتمع الجزائري أدركت أن أفضل دفاع عن الإسلام هو تطور البلاد واكتساب أسباب القوة المادية والمعنوية". وبعد أن تطرق إلى "مواقف الجزائر الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وكفاح الشعب الصحراوي وحقهما في تقرير مصيرهما"، أكد أن الجزائر "ليس لها أي نزاع ثنائي مع المغرب الذي نحترم شعبه الشقيق وليس لها أي أطماع في الضفة على المحيط أو ثروات على الرغم من وباء المخدرات الذي يدخل إلى بلادنا بمئات الأطنان". من جهة أخرى، أشاد ولد خليفة ب"الدور الإيجابي الذي يقوم به الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الأمن "لحماية الحدود والقضاء على أوكار الإرهاب المعزول في الداخل أو المتسلل من الخارج". من جهته اعتبر رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، لدى جلسة اختتام الدورة الخريفية لمجلس الأمة، أن المطلوب في مثل هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها هو "تفعيل الحوار بما من شأنه أن يوفر أجواء الثقة بين الشركاء الاجتماعيين ويحقق الانسجام الاجتماعي ويعزز الوحدة الوطنية، للوقوف - كما قال- "صفا واحدا في وجه كافة التحديات التي تواجه الوطن". وحسبه، فإن الواجب يقتضي في مثل هذه الأوضاع "مجابهة الروح الانهزامية التي راحت أطراف معروفة تسعى إلى ترسيخها في أذهان المواطنين من خلال الإدعاء بأننا بلد بدون وسائل في حين أن لشعبنا وبلدنا كل المقومات التي تسمح له ببناء بلده وتقوية اقتصاده". ودعا في نفس السياق إلى العمل عل حماية وحدة البلاد، مشيرا إلى أن تعددية الرؤى في الأمور السياسية والاقتصادية "يجب أن تكون مصدر ثراء لشعبنا ومبعث دفع للبلاد نحو الأمام وليس مصدر شد للوراء". كما أكد بأنه "من الضروري اتخاذ الإجراءات الإستباقية المطلوبة من خلال التجاوب مع المعقول من المطالب، التي تطرح هنا وهناك، والتي تستدعي من الوصاية دراستها وإعطائها العناية المطلوبة". وعبر رئيس مجلس الأمة عن اعتقاده بأن ما قامت به الدولة من إجراءات "شجاعة" في إطار التجاوب مع مطالب سكان الجنوب "لدليل على أنها تتحسس مطالب أبنائها أين كان موقع إقامتهم وتعمل على توفير الحلول لها". وأكد من جهة أخرى أن تراجع أسعار النفط "لا ينبغي أن يكون مبعث تشاؤم وإن كان يشكل انشغالا حقيقيا يتقاسمه الجميع". وأوضح أنه إذا كانت التقلبات الاقتصادية، التي عرفتها الساحة الدولية مؤخرا "قد أحدثت تراجعا في الأسعار في السوق العالمية للنفط فينبغي ألا يكون ذلك مبعث تشاؤم وإن كان هذا الوضع الجديد يشكل انشغالا حقيقيا نتقاسمه كلنا". وأضاف بأن هذا الواقع "بقدر ما يؤكد على بروز مؤشرات غير مريحة لأوضاع اقتصادية صعبة ستواجه البلاد مستقبلا فإن ذلك يجب ألا يدفعنا إلى اليأس والقنوط، بل يجب أن يحفزنا أكثر على مضاعفة الجهد من أجل الحفاظ على وتيرة التنمية ومواصلة سياساتنا الاستثمارية المتضمنة في البرنامج الخماسي المعتمد"، كما أكد هذا الواقع "يدعونا في نفس الوقت إلى ترشيد إنفاقنا العام والخاص كذلك"، ودعا بالمناسبة إلى إعطاء المزيد من التشجيع للصادرات خارج المحروقات والاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية المتاحة قصد تطوير وترقية اقتصاد متنوع وتنافسي. وفي تقييمه لحصيلة عمل الدورة الخريفية للمجلس في جانبها التشريعي والرقابي ومن خلال الأنشطة المكملة لها، أكد بن صالح بأن هذه الحصيلة "كانت كلها نشاطات تبعث على الرضا"، غير أنه لفت الانتباه إلى "أهمية" التجسيد العملي لما يتم الاتفاق عليه في مجال البرمجة التشريعية التي هي "أهم لبنات" العمل التكاملي بين غرفتي البرلمان والحكومة. وبخصوص القوانين المصادق عليها خلال الدورة أوضح بن صالح بأن مشاريع القوانين التي تمت دراستها والمصادقة عليها "كانت مهمة"، مبرزا بأن قانون المالية "احتل مكانة مميزة في أشغال الدورة".