رافع أمس النائب العام محمد زرق الراس، أمام هيئة محكمة الجنايات لمجلس قضاء البليدة مطولا، حيث عاد بالقضية إلى بداية التحقيق، معددا التهم التي توبع بها المتهمون وعلى رأسهم عبد المومن رفيق خليفة الذي حضر لأول مرة، وحاول تحديد أوجه "المتابعة" في كل تهمة وعلى كل متهم، حيث دامت المرافعة طيلة الفترة المسائية واستمرت إلى ما بعد الساعة السابعة، دون أن يشير إلى "دور هيئة بنك الجزائر" في عملية المراقبة. وقال: "نحن اليوم في صدد محاكمة في جرائم ينص عليها قانون العقوبات وكذا القانون التجاري ولكن ألفنا أنه عندما يتعلق الأمر بجرائم السرقات البسيطة فقط، لكننا الآن في مواجهة سرقة بشكل جديد وهي سرقة عن طريق "البنك"، نصب وخيانة الأمانة وتكوين جمعية أشرار، أدت إلى إفلاس لا يمكن أن يوصف بالعادي بل هو عبارة عن تدليس، وأنا أقول: "لما توافد تقنيون لهم تجربة كبيرة في تسيير البنوك للاستماع إليهم أما هيئة المحكمة الموقرة أجمعوا كلهم أن الإفلاس كان في أشد صوره الرهيبة". وأضاف ممثل الحق العام: "أكيد أن الاقتناع الشخصي لا يبنى من الفراغ فمنذ بداية المحاكمة وكل يوم تترسخ عندنا قناعة إثبات التهم في حق المتهمين، فعملية سرقة الأموال بدأت عن طريق الأكياس، وأصبح التدرج في الإجرام ليصل بعدها إلى ما يمكن أن يسمى "فيضانات وطوفانا من الأموال تسرق". وبخصوص ضم القضيتين في قضية واحدة قال النائب العام: "بعد ضم القضيتن في قضية واحدة فإن عبد المومن خليفة الذي استنفد المعركة القضائية التي خاضها في الخارج وبالضبط في بريطانيا وفرنسا وبعد أن سلم إلى الجزائر، أقول اليوم إن محكمة الجنايات في إطار معالجة قضية جديدة على خلاف القضية التي عالجتها سنة 2007، وخاصة أن المحكمة العليا فصلت في بعض النقاط، مما يؤكد أن عبد المومن خليفة سيحاكم من جديد". أما بالنسبة إلى التهم في قضية الحال، فيقول ممثل الحق العام: "هي تختلف من متهم إلى آخر" انطلاقا من عبد المومن خليفة إلى آخر متهم متابع بخيانة الأمانة، فهناك جريمة تكوين جمعية أشرار، هناك تخطيط واستعداد وإنشاء لبنك خليفة وهذا من أجل تنفيذ السرقات و"الانقضاض" على أموال المؤسسات العملاقة، وبعدها تأتي جريمة التزوير بالنسبة إلى مومن خليفة في العقد التأسيسي وقليمي في عقدي الرهن وكل هؤلاء متابعون بظرف مشدد"، مؤكدا على أنه "حتى قانون القرض الصادر في 1999 قد ألغي بسبب التجربة الفاشلة لبنك خليفة". وأضاف النائب العام أن المتهمين المتابعين بالجنايات لهم خصوصيتهم الجزائية، فمثلا عبد المومن خليفة وجمال قليمي وإيسير إيدير مراد هم النواة الرئيسية لإنشاء بنك خليفة وهم المسؤولون عن تكوين جمعية أشرار وبعدها الإطارات المسيرة في الدرجة الثانية على غرار شعشوع عبد الحفيظ ومير عمر وتوجان مولود الذي تورط في إهمال واضح أدى إلى ضياع الأموال وزروقي وإيغيل أمزيان، وهناك مستفيدون على غرار ياسين أحمد ودحماني نور الدين والعربي سليم الذين استفادوا من مزايا والمتابعون بالإخفاء، ثم المتابعون بالجنح على غرار خيانة الأمانة حيث يوجد متهمون استفادوا من امتيازات. وأشار إلى خيانة الأمانة عن طريق عقد الإيجار، أضف إلى ذلك، يقول النائب العام، المتهمون الذين احتفظوا بأجهزة الإعلام الآلي متابعون بخيانة الأمانة والإخفاء. ويردف ممثل الحق العام قائلا: "إلى جانب كل هؤلاء يوجد متهمون متابعون بالرشوة واستغلال النفوذ على غرار إطارات وكالة بنك خليفة بوهران وكذلك 3 مديرون من تعاضديات البريد والموصلات الذين أودعوا أموالهم ل 10 سنوات، وكذالك العديد من مديري المؤسسات الوطنية وكذلك الصندوق الوطني للتقاعد". وأشار إلى أنه لا يمكن الخوض في قضية الحال دون الرجوع إلى تاريخ إنشاء البنك، "فجمال قليمي اقترح في سنة 1998 على عبد المومن إنشاء بنك خليفة، ولكن بعد أن خطط جيدا منذ سنة 1992، وهذا ما يثبت أن عبد المومن خليفة ومن معه يشكلون النواة الرئيسية لإنشاء بنك للسرقة والنهب وإنفاق الأموال، يعني يمكن أن نقول إن بنك خليفة هو من تأسيس عصابة عبد المومن وجمال قليمي". وقال النائب العام إن عبد المومن خليفة لم ينشئ أي شركة للاستثمار وليس لديه أي نية في ذلك ولم ينشأ أي شركة مساهمة بل حتى شركة الطيران التي اشتراها من عند المدعو إيجرويدن حولها إلى شركة ذات الشخص الوحيد، "سيدي الرئيس نحن أمام عصابة بنك، المتهم اختار أن يستثمر في قطاع حساس، ولو استمر في الاستيلاء على الأموال لكان قد أدى إلى اختلالات مهمة ستؤدي لا محالة إلى تحطيم الاقتصاد الوطني". قضية اليوم، أي خليفة بنك، يضيف النائب العام زرق الرأس محمد، ليست الوحيدة المطروحة بل هناك قضايا أخرى رفعت على مستوى المحاكم الأخرى، حيث إن هذه الجمعية التي كانت تحت رئاسة عبد المومن خليفة وجمال قليمي خططت منذ 1992، والانطلاقة كانت من شركة الدواء التي كان يملك صاحبها حسابا في وكالة بنك التنمية في سطاوالي وبتواطؤ من قليمي تم إعداد عقدين مزورين". ويضيف ممثل الحق العام: "المتهم عبد المومن خليفة كان لديه كل الإمكانات لإنجاح استثماره من خلال تطوير شركة الدواء "إيغروماد"، ثم خليفة بنك ثم الخليفة للطيران، لكن عندما تنظر إلى الأموال التي بددت في الفنانين والفنانات والممثلين في فنادق 5 نجوم، تصل إلى نتيجة أن من يجب بلده لا يمكن أن يفعل ذلك". وتساءل النائب العام قائلا: "من خلال الاستجواب لفت انتباهي تسمية بنك "خليفة": ب "أل خليفة"، نسبة إلى محمد العيد آل خليفة، لكن أنت يا مومن لا علاقة لك به، لأن محمد العيد آل خليفة، مؤسس جمعية العلماء المسلمين، وأنت مؤسس لجمعية صرف الأموال في الليالي الحمراء، وهو ما يؤكد أن تسمية "آل خليفة" هي مجرد نصب واحتيال للاستيلاء على الأموال"، مؤكدا على أن "عبد المومن خليفة خطط للاستيلاء على أموال المؤسسات العمومية لأنها كانت من أكبر الضحايا، والدليل أن المؤسسات والشركات الخاصة كانت إيداعاتها قليلة". وجزم النائب العام بأن "إنشاء بنك خليفة لم تكن النية فيه الربح، بل كانت النية هي السرقة عن طريق الإيداع والقرض، ونسبة الفوائد، واستغلال تلك الأموال في الخارج". وبخصوص أملاك خليفة بنك ذكر النائب العام أنها كلها مستأجرة، وهذا بناء على التقارير الواردة من بنك الجزائر، من جهة، وأشار من جهة أخرى إلى أن البنك دخل في تمويل شعبوي على غرار تمويل الفرق الرياضية دون اللجوء إلى اتفاقيات ودون سياسة راشدة، وقيامه بشراء السيارات كهدايا للاعبين والمتزوجين الجدد، قبل أن يتساءل هل هذا بنك سيدي الرئيس؟ قبل أن يتطرق إلى تصريحات خليفة بخصوص تمويل فريق مارسيليا، حيث قال إن التمويل كان من أجل المغتربين، "مع أن هذه الأموال هي أموال فيضانات باب الوادي والتليطون والدواوين، ومؤسسات الدولة"، كما ذكر التعيينات في بنك خليفة وقال إنها كانت تتم بعشوائية مطلقة إذ لم تستثن حتى المسبوقين قضائيا الذين أصبحوا مديرين لوكالات، نفس الشيء حدث عندما تم تعيين بوقادوم مديرا عاما للخليفة للطيران وهو لا يمت بعلاقة لهذا المنصب، يقول ذات المسؤول. "أنا أقف، يقول ممثل الحق العام، عند كلمة قالها أحد المتهمين "الله يرحمو"، "أنه عندما دخلت عائلة شعشوع إلى بنك خليفة خسرت وتعفنت الأمور"، لماذا لأنك عندما تتمعن في الفواتير التي كانت تخرج من بنك خليفة وتبدد في فندق الهلتون والشيراتون، و"عندما تتطلع على مضمون الرسالة المجهولة التي تقول إن شعشوع عبد الحفيظ انقض على العقارات والسيارات والأموال، هنا تعرف الطريقة التي كان يسير بها بنك خليفة، ففواتير تبديد الأموال ظهرت في الفنادق الفخمة فمثلا بلغت فاتورة فندق الشيراتون 430 مليون دينار أي ما يعادل 43 مليار سنتيم وفندق الأوراسي 18 مليون دينار وسوفيتال 15 مليون دينار"، يقول النائب العام، مشيرا إلى البطاقات المجانية التي كانت تمنح بالجملة، والتداخل الرهيب للصلاحيات على شاكلة الدور الذي كان يؤديه شعشوع عبد الحفيظ الذي كان كثير التنقل بغرض تهريب الأموال إلى الخارج، حسب القناعة التي كونها النائب العام من متابعة القضية. وتحدث النائب العام عن طريقة تسيير خليفة بنك من خلال الوكالات المستأجرة والطائرات "ليزينغ"، وامتلاك المتهمين لعقارات في أرقى الأحياء خلال فترة نشاط البنك، بعد أن كانوا يقطنون في "سكن وظيفي"، وبعض المتهمين الذين أسسوا شركات خاصة من بنك خليفة ومنهم قليمي جمال "فيقوريس" و"اينوديس" لاستيراد الخمور التي قامت باستخراج 12 مليارا، والأولى أخرجت 29 مليار سنتيم. وتطرق النائب العام محمد زرق الراس إلى عملية تعيين محافظ الحسابات الذي قال إنه تم تعيينه من قبل الرئيس المدير العام، رغم أن القانون يمنح الحق للجمعية العامة، وربط عملية التعيين ب"حاجة في نفس يعقوب"، وقال إن محافظي الحسابات لم يبلغوا لأن الكل متواطئ، واعتبر أن مومن خليفة أجهض محاولة لفتح الاقتصاد وتسبب في خيبة كبيرة، ووصف منح الأموال في الأظرفة بتوزيع "أموال البايلك". وذكر أن خليفة حضر مهرجان "كان" "فداخ"، وهناك جاءته فكرة شراء الفيلا، وانتقد تسيير مومن خليفة للبنك الذي قال إنه لو كان لديه محل للمواد الغذائية لسيره بطريقة أفضل، واصفا البنك "بالبنك العائلي". ووصف ممثل الحق العام محاولة منح عبد المومن خليفة "محطات تحلية المياه" بالهدية المسمومة، ذلك أن المحطات كانت تعمل منذ 20 سنة ولا تصلح حتى لغسل الملابس، واعتبر أن مومن حقيقة "سرق" ولكن ليس وحده بل كان معه شركاء، مشيرا إلى أنه تسبب في نزيف للمؤسسات العمومية من قبيل الجوية الجزائرية، والبنوك التي تضررت من "نسبة الفوائد المرتفعة". وعدد النائب العام الخروقات التي تلت عملية التصفية في عدد من الوكالات المشبوهة وخلال التصفية، واعتبر أن سحب الاعتماد مكن من تجنب كوارث أكبر.
النائب العام: "خليفة لم يسلم نفسه بل تم تسليمه.. وهرب لأنه لم يكن لديه ما يقابل به" وبإنهاء المرافعة العامة، شرع النائب العام في تحديد الوقائع التي بنى على أساسها التهم الموجهة إلى كل المتهمين، بداية بالمتهم رفيق عبد المومن خليفة (موقوف): قال إنه لم يحضر التحقيق القضائي لأنه اختار الفرار على المواجهة، وأنه لم يأت طواعية بل تم تسليمه في إطار نزاع قضائي واستنفاد آجال الطعن، وأنه ما كان ليعود لأنه "ليس لديه ما يقابل به"، وأنه قبل أن يهرب منح الوثائق الخاصة بمختلف الفروع لشعشوع بدر الدين، وأحمد، وأن النصب والاحتيال بدأ بالاسم "آل خليفة"، ثم معاودة تحرير القانون الأساسي، وبعد الحصول على الاعتماد، يقول النائب العام، قام بتعديل القانون الأساسي للبنك، ليصبح مومن خليفة صاحب الأغلبية في الأسهم، مشيرا إلى الخبرة التي قام بها الخبير فوفة حول الخزينة الرئيسية والوكالات والثغرات المالية، وكذا قيمة العمولات التي تم منحها، وفي التزوير تحدث عن عقود الرهن التي أثبتت الخبرة أنها مزورة، "المتهم إضافة إلى تكوين جمعية أشرار والتزوير وجهت إليه تهمة الرشوة واستغلال النفوذ بالنظر إلى أن الأموال لم تكن تودع بطريقة عادية بل برشاوى من مختلف الأنواع". وعاد النائب العام إلى عقد تأسيس البنك ومن ثم عدم إيداع مبلغ التأسيس، والإشعارات ال 11 التي قال إنها كانت في بداية نهاية البنك، ومنع المفتشين من القيام بعملهم الذي قال إنه تم لأنه كان يريد إخفاء أمور، وتحدث عن تصريحات عبد المومن خليفة في جلسة 6 ماي وإنكاره للوقائع، كما تحدث عن تمويل الفرق الرياضية بما فيها الفرق الجهوية، معتبرا أن عملية تمويل بعض الفرق الجهوية كانت "سوء تسيير مجسدا" ومن ذلك فريق "شراقة" الذي حصل على مبلغ مليار.