الجنرال محمد ولد عبد العزيز..المنقلب على الرئيس الموريتامي المنتخب جاء الموقف الجزائري من الإنقلاب العسكري في موريتانيا، دعما للمسار الديمقراطي والتأسيس لمؤسسات دستورية نابعة من إرادة الشعب، وقد "رفض" الرئيس بوتفليقة الأربعاء المنصرم، استقبال "الإنقلابيين" الموريتانيين كموقف رسمي يقرأ رفض الجزائر التعامل مع هيئات غير منتخبة أو الاعتراف بها كبديل وممثل آخر للسلطة والحكم في بلد تربطه بالجزائر علاقات دبلوماسية متميزة، ما جعل رسول "الإنقلابيين" يفشل في مهمته الفاشلة، وأفقد "السلطة الإنقلابية" حبات الشرعية من سبحة الجزائر. * "الرفض" الجزائري قرأه "موقف" الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كلّف الوزير المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية، عبد القادر مساهل، باستقبال "ممثل الإنقلابيين" في موريتانيا، ثم أكده أيضا تصريح وزير الخارجية، مراد مدلسي، الذي أكد أن الجزائر ضد الإنقلاب على إرادة الشعب والإستحواذ على السلطة بالقوة وخارج الأطر القانونية، وهو الموقف الذي يستمد جذوره من المواثيق الدولية وميثاق الإتحاد الإفريقي، وكذا من التوجه الديمقراطي للجزائر التي تتخذ من الشرعية الشعبية سبيلا وبديلا للتداول السلمي على الحكم. * * والحال أن الجزائر تنطلق من مبدإ وقاعدة غير قابلة للتنازل أو التفاوض، مفادها رفض التعامل مع أي نظام سياسي قام على الإنقلابات العسكرية واستعمال العنف والقوة للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها، وهي "المسلّمة" التي تؤمن بها الجزائر في بنائها الديمقراطي وتشييدها لمؤسساتها الدستورية، وعملت على حمايتها وضمانها والحفاظ عليها حتى في عز سنوات الدم والإرهاب. * * وتسجل أوساط مراقبة أن الموقف المعارض للجزائر من انقلاب موريتانيا وإدانتها له، بوسعه أن يغيّر في مجرى الأحداث على المستوى الموريتاني والإقليمي والإفريقي، على اعتبار أن كلمة الجزائر تبقى مسموعة وفاصلة، خاصة على مستوى الهيئات التي تجمع دول الجيران (إتحاد المغرب العربي، الإتحاد الإفريقي)، ما يجعل "الإنقلابيين" في موريتانيا في "حرج" ديبلوماسي مستقبلا، خاصة فيما يتعلق بتعاطي السلطات الجزائرية مع "النظام" الموريتاني "الجديد". * * وإذا كانت الجزائر قد وقفت ضد منطق الإنقلاب العسكري والإستحواذ على السلطة في موريتانيا بالقوة، فإن المملكة المغربية اختارت السباحة عكس التيار، حيث أوفد الملك مؤخرا رئيس جهاز المخابرات للقاء "قائد الإنقلابيين" في موريتانيا، ما اعتبره مراقبون اعترافا "بالسلطة الجديدة" والوضع القائم (..)، وذلك طبعا لحسابات ديبلوماسية ومصلحية يخطط البلاط المغربي لجنيها والإستثمار فيها، في وقت نددت فيه منظمات حقوقية في المغرب بالإطاحة بالرئيس الموريتاني محمد الشيخ ولد عبد الله. * * ويُدرج ملاحظون "قائد الإنقلابيين" الجنرال ولد عبد العزيز ضمن قائمة "أصدقاء" النظام المغربي، علما أنه ضابط متخرج من الاكاديمية العسكرية بمكناس، ما قد يفسر بأنه "تقارب" مستقبلي أو حتى "تحالف" بين "الحكم الجديد" في نواقشط والمخزن!