السؤال: في رمضان العام الماضي نهضت من النوم في وقت الأذان الثاني عطشانا فشربت الماء قبل أن ينتهي المؤذن من الأذان، فما حكم الشرع في ذلك بارك الله فيكم؟. الجواب: إذا كان المؤذن ملتزما بالوقت عند طلوع الفجر ولا يقدم الأذان عن وقته وجب على كل من سمعه أن يمسك عن الأكل والشرب، لوجوب الإمساك بطلوع الفجر لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ"، ومن أكل أو شرب ولو شيئا قليلا فسد صومه ووجب عليه قضاء ذلك اليوم عند جماهير الأئمة من السلف والخلف، كما تجب عليه الكفارة إذا كان متعمدا غير متأول، ومعنى التأويل هنا أن يظن جواز ذلك لظاهر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلاَ يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ مِنْهُ"، وهذا الحديث إذا حملناه على ظاهره لكان معارضا لنص الآية وللأحاديث الآمرة بالإمساك بطلوع الفجر، ولذا فهو محمول على من تيقن أن المؤذن أخطأ وأذن قبل طلوع الفجر، ويؤيده حديث شَيْبَانَ رضي الله عنه "أَنَّهُ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعَ صَوْتَهُ فَقَالَ: أَبَا يَحْيَى، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَغَذَّى، فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ الصِّيَامَ، قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، إِنَّ مُؤَذِّنَنَا فِي بَصَرِهِ سُوءٌ، أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ"، وبهذا تتفق الأخبار ولا تتعارض.
السؤال: هناك بعض المصلين يُحْضِرُونَ أبناءهم إلى المسجد وخاصة في صلاة التراويح، وبعض الصبيان يسببون لنا إزعاجا وننشغل بهم عن الإقبال على الصلاة والخشوع فيها، فما هو حكم إحضارهم إلى المساجد؟. الجواب: إن الأباء والأمهات مأمورون بتربية الأبناء على الإيمان والطاعة وترغيبهم في أداء العبادة منذ الصغر، وإذا بلغوا سبع سنين أمروهم بالصلاة وألزموهم بها، وإذا بلغوا عشرا ضربوهم عليها كما جاء في الحديث عند أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ"، ومن لوازم التربية إحضارهم إلى المسجد ليتعلموا الصلاة مع الجماعة وينشأوا على حب المساجد ويتعودوا سماع القرآن وحضور حلقات العلم، وعلى هذا المعنى تُحْمَلُ الأحاديث التي ورد فيها جواز إحضار الصبيان إلى المسجد، مثل الحديث المتفق عليه عن أبى قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنِّي لأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ"، وحتى يكون لحضوره فائدة وخيرا لابد أن يُعَلَّمَ آداب المسجد ويربى على احترامه وعدم التشويش فيه على المصلين؛ جاء في المدونة: "سئل مالك عن الصبيان يؤتى بهم إلى المساجد فقال: إن كان لا يعبث لصغره ويكف إذا نهي فلا أرى بهذا بأسا، قال: وإن كان يعبث لصغره فلا أرى أن يؤتى به إلى المسجد"، ومن كلام مالك رحمه الله يتبين لنا أن الصبي إذا كان طاهرا وهادئا لا يدنس المسجد ولا يثير المشاكل ولا يزعج المصلين يجوز إحضاره إلى المسجد ولو كان صغيرا دون سن التمييز كابن ثلاث سنين وأربع، ويكره إحضاره إلى المسجد وقد يحرم للأسباب التالية: أولا: إذا كان لا يتحرز عن الأقذار والأوساخ ويؤدي ذلك إلى تنجيس المسجد بالبول ونحوه فإنه يمنع من دخوله، لأننا أمرنا شرعا بتطهير المسجد وتنظيفه وتطييبه، كما قال تعالى: "أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي لما بال في المسجد: "إِنَّ هَذِهِ المَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلاَ الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ". ثانيا: إذا كان يؤذي المصلين بصراخه وعويله، لأننا نهينا عن رفع الصوت في المسجد. ثالثا: إذا كان لا ينضبط، بحيث تكثر حركاته ويشوش على الناس بركضه وجريه بين الصفوف وإذا نهي عن العبث لا يكف عنه ولا يهدأ ولا يستجيب، وينشغل به المصلون عن صلاتهم ويلهيهم عن الخشوع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً"، وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلاَتِي"، والحديث دال على إزالة كل ما يشغل المصلي ويصرفه عن خشوعه. السؤال: أنا أعمل سائق حافلة، والمسافة التي أقطعها في الذهاب والإياب تقدر بأربعين كيلومتر، ويتكرر مني الذهاب والإياب عدة مرات في اليوم بحيث إذا حسبت المسافة فإنها تزيد عن مائتي كيلومتر، فهل يجوز لي الفطر؟ الجواب: السائقون داخل المدن ليس لهم حكم المسافر، ويجب عليهم الصوم.