السؤال: أخطأ المؤذن حيث ظن الغروب فأذن قبل الوقت بعشر دقائق، فأفطر بعض الناس اعتمادا على أذانه، ثم تبين لهم أنهم أفطروا قبل الوقت، فهل يجب عليهم إعادة اليوم؟ الجواب: من أفطر قبل دخول الوقت وجب عليه القضاء، لأن من شرط صحة الصوم إتمامه إلى الغروب لقوله تعالى: "ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ"، ولا إثم عليهم في ذلك، لأن المخطئ معذور شرعا لقوله تعالى: "رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا"، وما حصل لكم حصل أيضا للصحابة رضي الله عنهم، فأمرهم عمر بن الخطاب بقضاء اليوم، روى مالك والشافعي عن خالد بن أسلم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَفْطَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ عُمَرُ: "الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدِ اجْتَهَدْنَا"، وفي رواية.
السؤال: هل حلق الشعر وقص الأظافر ممنوع في نهار رمضان؟ الجواب: لا يوجد دليل يمنع من حلق الشعر وقص الأظافر في نهار رمضان، والأصل الإباحة حتى يرد المنع. السؤال: في بعض الأحيان أتوضأ في البيت في غرفة الاستحمام، فهل الوضوء جائز وصحيح؟ الجواب: إذا كان المقصود بغرفة الاستحمام الحمام المخصص للاغتسال فيه فإن الوضوء جائز وصحيح، أما إذا قصدت بغرفة الاستحمام المرحاض فإن الوضوء فيه يصح مع الكراهة، ويدل على الكراهة الحديث عند الترمذي عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي مُسْتَحَمِّهِ، وَقَالَ: "إِنَّ عَامَّةَ الوَسْوَاسِ مِنْهُ". السؤال: عندي قيمة من الزكاة من المفروض أن أخرجها في وقتها، لكن كانت في ذلك الوقت ظروف ودين، والحمد لله توسع أمري، وحل شهر رمضان وأريد أن أخرجها ما حكم ذلك؟ الجواب: الزكاة من فرائض الإسلام، والتقصير في أدائها جريمة، ويحرم تأخيرها عن وقتها، لأن الله تعالى أمر بأدائها إذا حلّ أجلها فقال: "وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ"، وهل كنت تظن أنك تعيش حتى تؤديها، فلو مت قبل أدائها لكنت من الذين قال فيهم رب العزة: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ"، وهي الآن دين عليك، فبادر إلى إخرجها واستغفر الله تعالى لتأخيرها عن وقتها. السؤال: لدي شيب في شعري، وأريد التخلص منه ببعض الدواء أو كريمة مضادة للشيب، هل هذا حلال أو حرام؟ الجواب: لم أفهم معنى التخلص منه، هل تقصد نتفه أو صبغه؟ فإن لكل واحد منهما حكما خاصا به، فأما نتف الشيب أي إزلته من أصله فمكروه وليس حراما، ودليل الكراهة ما رواه أحمد وأصحاب السنن بسند حسن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ، مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَكَفَّرَ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً"، وفي الموطأ عن سعيد بن المسيب قال: "كَانَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ النَّاسِ ضَيَّفَ الضَّيْفَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ الشَّارِبَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا؟ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَقَارٌ يَا إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا"، وأما صبغه فإن كان بغير السود فجائز، لما رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْبَ الْحِنَّاءَ وَالْكَتَمَ"، وروى أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غَيِّرُوا الشَّيْبَ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى"، وأما صبغه بالسواد فمنهي عنه، فعند مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: "أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ"، والراجح عند مالك وأصحابه أن النهي محمول على الكراهة وليس على التحريم، ومن جملة القرائن التي استدلوا بها على صرف النهي إلى الكراهة صبغ جماعة من السلف بالسواد، منهم من الصحابة عثمان بن عفان والحسن والحسين ابنا علي وعقبة بن عامر وأبو بردة رضي الله عنهم، ومن التابعين ابن سيرين ونافع بن جبير وموسى بن طلحة وأبو سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن الحنفية وابن شهاب الزهري، ولو كان حراما ما سودوا شعورهم، والخلاصة أن ترك الشيب من غير صبغ أفضل، وإن صبغه بغير السواد فهو جائز عند جميع العلماء، وصبغه بالسواد مختلف فيه، والاحتياط تركه.