توجّه عضو لجنة الدفاع الوطني بالمجلس الشعبي الوطني، النائب حسن عريبي، بمساءلة كتابية لنائب وزير الدفاع الوطني الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء، يطلب فيها تفسيرات للعملية الإرهابية التي قَتل فيها إرهابيون 10 جنود من الجيش بعين الدفلى عشية عيد الفطر الفارط، وقال عريبي إن على قيادة الجيش أن تتقدّم بالتفسيرات للشعب. وهذه هي المرة الأولى التي يتلقى فيها الجيش مساءلة من هذا النوع، حيث لم يسبق للبرلمان أن وجّه مساءلات للجيش بخصوص عمليات يقودها أو عمليات تعرّض لها، ما يجعل هذه المساءلة سابقة في تاريخ العلاقة بين البرلمان والمؤسسة العسكرية. انتهج عريبي، وهو نائب عن جبهة العدالة والتنمية الذي يرأسه عبد الله جاب الله، أسلوبا لطيفا في مخاطبة قائد الجيش. فبعد أن عبّر عن ثقته في الجيش وامتنانه لما قدمه للجزائر منذ الثورة التحريرية إلى العشرية السوداء، توجّه إلى نائب وزير الدفاع الوطني قائلا: نريد أن تتوجهوا إلى الشعب الجزائري حتى تشرحوا له الظروف التي أدت إلى مقتل أبنائنا بتلك الطريقة؟ وما هي الإجراءات المتخذة من أجل تأمين وسلامة أبنائنا في مختلف النقاط العسكرية؟ وما هي الأسباب التي تجعل تلك العمليات الإرهابية تختفي حتى نظن أننا استرجعنا أمننا واستقرارنا، ثم تعود بالظهور لتضرب هنا وهناك وكأننا أمام قوة خارقة. وأضاف عريبي "نتساءل - سيدي الوزير- أين هي التغطية الاستخباراتية التي تحمي خطوات وأقدام جنودنا البواسل؟ وكيف وجدوا أنفسهم في مصيدة الإرهابيين (يقصد عملية عين الدفلى) بهذه السهولة؟ وكيف لعملية تمشيطية بسيطة أن تؤدي بنا إلى هذه الكارثة في فقدان شبابنا في ربيع أعمارهم؟ ثم أين كانت التغطية الجوية لأبنائنا حتى لا يقعوا في مصيدة الإجراميين؟ وما يدفعنا إلى التساؤل أيضا سيادة الوزير، أن مسرح العملية الإرهابية كان قريبا من عدة نقاط عسكرية، كان بإمكانها التدخل لإنقاذ الموقف أو على الأقل التدخل للقبض على المجرمين الإرهابيين قبل أن يفروا خارج المنطقة. وانتقل صاحب السؤال الكتابي إلى الحديث عن محاربة الجيش للإرهاب، وتساءل "كل يوم نسمع عن بقايا الإرهاب من المسؤولين المدنيين والعسكريين، سمعنا هذا الكلام مع بداية الألفية الثالثة، وجاءت مختلف التقارير على أن الإرهاب في انحسار واندثار إلى غير رجعة، لكن العملية الإرهابية الأخيرة في عين الدفلى، والتي أودت بحياة عسكريين في يوم العيد المبارك، تجعلنا نطرح السؤال من جديد بدافع الخوف على استقرار البلد، لأن الشعب الجزائري - يا معالي نائب وزير الدفاع- أصبح يخشى على بلاده من العودة إلى ذلك النفق المظلم". وأضاف "هل نحن نواجه بقايا الإرهاب آم نواجه إرهابا عابرا للحدود أصبح ينفذ عملياته بالطريقة التي يريدها في المكان والزمان الذي يريده؟ خاصة وأن بلادنا محاطة ببؤر توتر خطيرة سمحت لمخاطر الإرهاب أن تهدد وطننا من جديد، مخاطر تشكلها جماعات مدربة ومجهزة ولها تواصل عالمي في سياق تفتيت المنطقة وزرع البلبلة في كل مكان، وفي هذه الظروف يحق لنا كجزائريين ان نعرف منكم سيدي سيادة نائب وزير الدفاع حقيقة الوضع وحقيقة التهديدات وقدرتنا كشعب وكجيش على تحصين بلادنا من أية اختراقات إرهابية قادمة قد تستهدف الأرواح مرة أخرى مثلما حدث في عين الدفلى مؤخرا". وواصل "نطرح هذا السؤال سيدي نائب وزير الدفاع لان شعبنا وجيشنا عانوا الويلات مع إرهاب محلي وبقايا إرهاب محلي، أما الآن فقدرنا أن نواجه إرهابا عالميا لديه القدرة الفائقة والدقة المتناهية والأبعاد الدولية الداعمة له، ونريد منكم أن نفهم قدرتنا على تحصين البلاد من هذه مخاطر، ولعل ما يخيفنا ويدفعنا إلى طرح هذه الأسئلة، الوضع الجديد لمؤسسات الجيش والتغييرات المستحدثة على جهاز المخابرات التي نخشى أن تمنع التغطية الاستخباراتية للمناطق الساخنة مثلما تعودنا في السابق أن جهاز الاستخبارات هو اليد الضاربة الأولى التي تهزم الارهاب قبل الرشاشات والمدافع، وهو ربما ما نتساءل عن غيابه خلال العملية الجبانة الأخيرة التي استهدفت أبناءنا في عين الدفلى". وكان بيان لوزارة الدفاع الوطني أكد مقتل 10 جنود في 17 جويلية الفارط، أثناء "عملية بحث وتمشيط بمنطقة جبل اللوح بسوق العطاف بولاية عين الدفلى بإقليم الناحية العسكرية الأولى على الساعة السابعة مساء مفرزة للجيش الوطني الشعبي، تعرضوا لإطلاق نار من طرف مجموعة إرهابية". وتبنى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" العملية في بيان نشر على الإنترنت. وقال التنظيم إن "الغزوة جاءت ثأرا لمقتل إخواننا غدرا، كما كانت ردا على تصريح قائد أركان الجيش الجزائري قايد صالح الذي زعم أنه تم استئصال المجاهدين والقضاء عليهم، فكانت نعم الجواب على تصريحه". وتسبب مقتل الجنود في حالة من التعاطف الشعبي مع الجيش، ما جعل قايد صالح يتوجّه برسالة شكر للشعب عرفانا له بتعاطفه مع الجنود المقتولين، ودعت القيادتان السياسية والعسكرية إلى ضرورة تدعيم اللحمة بين الشعب والجيش.