يتعرض مرضى مصابون بأمراض مزمنة لحالات وفاة مفاجئة باستعجالات المؤسسات الاستشفائية، بعديد مدن الجنوب، بعدما ضاقت أقسام الاستعجالات الطبية بالمؤسسات الاستشفائية خلال هذه الصائفة بمرضاها بالنظر إلى محدودية الفضاء وضيقه بهذه الأقسام، فمعظم هذه المستشفيات لا تتوفر إلا على قاعات استقبال واحدة وغرف للأطباء والممرضين المناوبين وأخرى لمعالجة الكسور وغرف إنعاش صغيرة. لا تملك هذه المرافق سوى قاعات انتظار للمرضى لاتتعدى مساحاتها الثلاثة أمتار مربع، ويتوافد على هذه المؤسسات التي أصبحت عاجزة بحسب أطباء عاملين بها عن توفير خدمات صحية لجميع مرضاها، في ظل العجز المسجل على مستوى رفوف صيدليات أقسام الاستعجالات، بالنظر للأعداد الوافدة من المرضى ومرافقيهم على امتداد ساعات النهار والليل، آلاف المرضى نصفهم مصاب بأمراض مزمنة، وتعيش هذه الهياكل الطبية حالة من الفوضى والتشنج جراء كثرة الإزدحام وغياب الخدمات اللازمة، وما يحدثه مرافقو المرضى من مشاكل تصل في بعض الأحيان إلى اعتداءات لفظية، وحتى جسدية ضد الأطباء والممرضين، خاصة من قبل بعض المنحرفين والسكارى الذين تقودهم أقدامهم إلى تلقي الإسعافات، أو أفراد عائلات جرحى حوادث المرور نتيجة انفلات أعصابهم، ورغبتهم في إعطائهم الأولوية على حساب من سبقهم وبعض الممارسات، وما زاد الطين بلة إقدام عدد من العاملين بالمرافق المذكورة تفضيل معارفهم وأقاربهم، كما يسعون إلى تقديم أفضل الخدمات لهم والإستعانة بأطباء من خارج القسم لمباشرة حالتهم، في حين يبقى غيرهم في انتظار قدوم الطبيب لساعات في بعض الأحيان، وإن حضر فإن الفحص يكون سطحيا وينتهي عادة بتقديم أدوية، لا تتوفر في صيدلية الاستعجالات فيضطر المرضى إلى اقتنائها من الصيدليات الخاصة، وبلغ عدد المرضى الوافدين إلى المؤسسات الاستشفائية العمومية بولايات الجنوب في الفترة الممتدة بين 01 جوان إلى 31 جويلية حسب مصادرنا أكثر من 150 ألف مريض، تزامنا وموسم الصيف الحار هذه السنة بولايات الجنوب، أين بلغت درجات الحرارة ذروتها، ما سبب للمرضى مشقة وعطش شديدين قبل الوصول إلى أقسام الاستعجالات، وتبدأ رحلة البحث عن الدواء الشافي لحالات مرضية مستعصية، إذا تعلق الأمر بالمرضى المصابين بالأمراض المزمنة كداء الربو والسكري، هذا الأخير الذي تتعدد مشاكله بين الصحية والاجتماعية والنفسية التي تلاحق المريض أثناء فصل الصيف، مما يضاعف خطورة حالة المصابين بالسكري خصوصا في الصيف، ويعيش ألاف المصابين بأمراض مزمنة في مناطق الجنوب تحت رحمة خطورة المرض المزمن، خاصة إذا تعلق الأمر بالوضع القائم باستعجالات مستشفيات الجنوب، أين يقع المريض في حرج كبير بين رغبته في الشفاء وبين ظروف استقباله التي تزداد خطورتها، إذا تضاعف عدد المرضى الوافدين لتلقي العلاج، وشتان بين من يأتي لمداواة جرح بسيط وبين من ينقل إلى المستشفى في وضع حرج بسبب نوبة مفاجئة لمرض مزمن، بعد ساعات طويلة من الانتظار المصاحب لمضاعفات غير مسيطر عليها طبيا، خصوصا عند استقبال جرحى حوادث المرور، التي تكاثرت منذ بداية الصائفة وخلفت العديد من القتلى ومئات الجرحى بطرقات الجنوب.