تعيش هذه الأيام فرنسا على وقع مأساة إنسانية غير مسبوقة، ضحيتها الطفل الجزائري "محمد"، وبطلتها امرأة جزائرية، أخذته من الجزائر بغرض التبني، لكنها تخلت عنه عندما ذهبت إلى فرنسا، ليبقى بعد ذلك الطفل هائما في شوارع مدينة مرسيليا من دون مأوى. * وتعود فصول هذه القصة الدرامية، إلى الخامس من أوت الماضي، عندما تلقت شرطة مدينة مرسيليا، بلاغا من مواطنين، بوجود طفل قاصر بدون مأوى في أحد شوارع هذه المدينة المترامية. * عندها باشرت الشرطة الفرنسية تحقيقا حول الحادثة، وقامت بنشر صور الطفل "محمد" عبر صفحات الصحف، توصلت إلى معلومات أولية تشير إلى أن أم الطفل جزائرية، وقد سافرت إلى مسقط رأسها، لحضور جنازة والدتها، حيث وضعت الشرطة الفرنسية "محمد" لدى مصالح الشؤون الاجتماعية لمدينة مرسيليا، وقررت الاستماع لوالدته، فتبين أن المرأة تركت الطفل في حضانة بعض أقاربها بمدينة مرسيليا، إلى غاية عودتها من الجزائر. * وفي سياق سعيها لتطويق هذه الفضيحة التي هزت المجتمع الفرنسي، جراء نشر الصحافة لصور الفتى الضائع، وهو في وضعية هستيرية من الخوف، عمدت إلى القيام بتحاليل حول "ADN" للتأكد من علاقة المرأة بالطفل، فتبين أنها ليست الأم البيولوجية، ما دفع بالمرأة للاعتراف بأنها أمه بالتبني، وقد جلبته من الجزائر، غير أنها لم تتمكن من اصطحابه في زيارتها للجزائر، كونه لا يتوفر على وثائق الإقامة بفرنسا. * وقد وُضعت الآنسة "فاطمة" تحت الرقابة القضائية، في انتظار استكمال التحقيق، ورفضت السلطات الفرنسية تسليم الطفل "محمد"، للمرأة الجزائرية بحجة أنها ليست أمه البيولوجية، وقررت الإبقاء عليه لدى مصالح الشؤون الاجتماعية لمدينة مرسيليا، في انتظار التوصل إلى عائلته الشرعية، وهو أمر يبدو بالغ الصعوبة والتعقيد، لأن المتهمة جلبت الطفل من الجزائر وعمره سبعة أشهر، وفي ظروف غامضة، بحيث يرجح أن يكون الفتى ابن غير شرعي، في حين يبقى من المستبعد أن يعاد للمرأة التي تدعي أمومته بالتبني، بعد الإهمال الذي مارسته في حقه.