يقسمون إيمانا مغلظة بأن لا يعودوا مرة ثانية عبر الباخرة.. يضربون كفا على كف.. يطلقون زفرات طويلة.. لكن يجدون أنفسهم مضطرين لأن ينتظروا ساعات تصل أحيانا إلى 12ساعة لآخر واحد فيهم يمر على فرقة الجمارك المكلّفة بالتفتيش. الشروق تقاسمت معاناتهم ووقفت على الوضع المؤرق للكثير منهم.. إنهم القادمون عبر الباخرة "دانيال كزانوفا" من مارسيليا إلى ميناء الجزائر العاصمة..الكثير منهم مغتربون جزائريون جاؤوا محملين بالأمتعة والسلع في سياراتهم التي يفوق عددها 300مركبة. عندما وصلت الباخرة "دانيال كازانوفا" يوم 11نوفمبر الجاري الموافق ليوم الأربعاء الفارط، كانت الساعة حوالي الثامنة صباحا، بعد دقائق خرج منها بعض الركاب والذين لم يصحبوا سياراتهم معهم.. قاعة الانتظار كانت مملوءة عن آخرها.. الكل في ترقب وقلق.. ينتظرون أقاربهم القادمين على الباخرة، ولكن الوقت يمر دون أن يخرج المسافرون أصحاب السيارات.. وإن خرجت إحدى المسافرات تقود سيارتها وهي شابة في 30سنة بعد أن خضعت للتفتيش في حدود الساعة منتصف النهار، إلا أن أغلب المسافرين لم يتم تحريرهم إلا بداية من الثانية زوالا. الشروق تسللت إلى مكان تواجد عشرات السيارات بسائقيها، حيث يبعد أمتارا عن مدخل الميناء ويقع في الطابق العلوي..الإعياء والإرهاق باديان على وجوه المسافرين حيث فضل بعضهم الخروج من سياراتهم والبقاء واقفين في انتظار دورهم. كانت الأمتعة فوق الطاولات وبعضها مبعثرة، وفي الجانب الآخر أمتعة أخرى تمر على جهاز السكانير..الوقت يمر ولا تزال عشرات السيارات في انتظار دورها. أعوان الجمارك يتصببون عرقا وهم منحنون على أكياس كبيرة وحقائب في غالب الأحيان محملة ب"الخردة" و "ملابس البالة" حيث قال أحدهم "لا شيء يصلح ..تريدون إتعابنا فقط". وعلمت الشروق من بعض الجمركيين، أن أعوانهم يقومون بعمل مضاعف حيث لا يتم تفتيش القادمين على باخرة دانيال كازانوفا الفرنسية في ميناء مرسيليا لأن الجمارك هناك لا يعنيهم ما يدخل للجزائر. المغتربون الجزائريون الذين يأتون بسياراتهم يحملون معهم أشياء وسلعا وأجهزة قديمة وعلى الجمارك مهمة تفتيش كل شيء بدقة لأن الإجراءات القانونية تتطلب ذلك. ولا يمكن أن يمر أحد دون أن تخضع سيارته وأمتعته لفحص دقيق.