تحلّ، اليوم، بالجزائر وزيرة العدل الفرنسية، كريستيان توبيرا، في زيارة رسمية ليومين بدعوة من نظيرها الجزائري، الطيب لوح، وهي الزيارة الثانية من نوعها لوزير عدل في الحكومة الفرنسية منذ تلك التي قادت ميشال أليو ماري إلى الجزائر قبل أزيد من خمس سنوات. وتلتقي المسؤولة الفرنسية، علاوة على وزير العدل، الطيب لوح، كلا من الرئيس بوتفليقة، والوزير الأول، عبد المالك سلال، وعددا من أعضاء الجهاز التنفيذي، فيما أفاد بيان صادر عن وزارة العدل، أن الزيارة ستشهد التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين، لم يكشف عن حيثياتها . وبحسب بيان صادر عن سفارة فرنسابالجزائر، فإن كريستيان توبيرا، ستشارك في اجتماع عمل يحضره عدد من القضاة الجزائريين، يتعرض إلى الوسائل القضائية الموجهة لمحاربة الإرهاب، قبل أن تقدم محاضرة في المعهد الدبلوماسي والعلاقات الدولية عن "الشباب والتطرف"، لكن من دون أن يشير البيان إلى الملفات التي ستثار في المباحثات الخاصة بالزيارة. وتأتي زيارة الوزيرة الفرنسية في ظرف خاص، فالعاصمة الفرنسية عاشت قبل أزيد من شهر على وقع سلسلة من الاعتداءات الإرهابية، خلفت مقتل وجرح المئات من الضحايا، وهو الحادث الذي أربك سلطات باريس، وصدم الرأي العام الفرنسي. ومن بين الملفات المطروحة للمباحثات، تعزيز سبل التعاون القضائي، لاسيما في شقه المتعلق بتسليم المطلوبين، سواء تعلق الأمر بجرائم الحق العام أم بالجرائم المتعلقة بالإرهاب، وهي القضية التي باتت تشغل باريس أكثر من أي وقت مضى، بعد أن باتت الأراضي الفرنسية مسرحا للعديد من الأعمال الإرهابية في السنوات الأخيرة، في تطور أرجعه الكثير من المتابعين إلى المواقف الفرنسية الرسمية من القضايا العربية الإسلامية. وتعتبر قضية "رهبان تيبحيرين" من أعقد الملفات التي واجهها التعاون القضائي الجزائري الفرنسي في السنوات الأخيرة، وهو الملف الذي ساهم في توتر العلاقات بين البلدين في أوقات سابقة، غير أنه لم يعد كذلك مع وصول الرئيس الفرنسي الحالي، فرانسوا هولاند، إلى سدة قصر الإيليزي في العام 2012، بالرغم من الضغوطات التي واجهتها الحكومة الفرنسية بهذا الخصوص من قبل عائلات الضحايا وبعض الحقوقيين. ويجهل إن كان ملف "رهبان تيبحيرين"، سيكون على طاولة المحادثات بين الوزيرين، غير أن عودة القضية إلى الواجهة الإعلامية في فرنسا بعد أحداث باريس الأخيرة، تدفع إلى التساؤل عمّا إذا كان الهدف من الزيارة هو تحريك مياه هذه القضية الراكدة منذ أن تبادل البلدان الإنابة القضائية في هذه القضية، حيث تنقل قاضيان فرنسيان إلى الجزائر لفحص رفات الرهبان، فيما انتقل قاضيان جزائريان لباريس للاستماع إلى جهات فرنسية على علاقة بالقضية، مثلما أعلن في وقت سابق وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح. ويعتبر ملف "رهبان تيبجيرين" من القضايا الشائكة، التي يأبى الطرف الفرنسي غلقها بالرغم من مرور نحو عشرين سنة على وقوعها.