اغتالت إسرائيل، الأسير اللبناني المحرّر، سمير القنطار، في غارة نفذتها طائرتان على مبنى في مدينة جرامانا قرب دمشق، فجر أمس الأحد، أدت إلى تدمير المبنى بالكامل واغتيال 6 أشخاص كانوا بداخله، منهم سمير القنطار، وكذا إصابة 12 آخرين لا تزال جهود الإغاثة تحاول انتشالهم من تحت الأنقاض. وتعالت في إسرائيل أصواتٌ تعبّر عن الفرح باستشهاد القنطار، واعتبرت أن اغتياله جاء انتقاما للعملية التي نفذها في نهريا في عام 1979 حينما كان في ال16 من عمره، وقتل خلالها 5 إسرائيليين . ورحبت إسرائيل باغتيال القنطار دون أن تعلن مسؤوليتها عن العملية، وقال يؤاف جلانت، وزير البناء والإسكان الإسرائيلي لإذاعة إسرائيل: "من الأمور الطيبة أن أشخاصا مثل سمير القنطار لن يكونوا جزءا من عالمنا". من جهتها، أعربت وزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شيكد عن سعادتها لاغتيال القنطار، وقالت للإذاعة الإسرائيلية إنه "إرهابي كبير قتل طفلة بتحطيم جمجمتها" على حدّ زعمها، مضيفة أن "مقتله نبأ سارّ". وقال الجنرال المتقاعد ياكوف اميدرور، إن إسرائيل بعدم إعلان مسؤوليتها تقلل من احتمال القيام بعمليات انتقامية ضدها. ولكنه أضاف "إذا قام أحد بقتله فهذا نبأ سار لإسرائيل" لأن سمير القنطار "كان يقوم بدور محوري في جهود حزب الله لتنفيذ عمليات جديدة من هضبة الجولان". وكان سمير القنطار أقدم سجين لبناني في إسرائيل، وهو قيادي في حزب الله، وعندما كان في ال16 ونصف من عمره، قاد مجموعة من أفراد جبهة التحرير الفلسطينية عبر الانطلاق بحرا بزورق مطاطي إلى مدينة نهريا عام 1979 ونفذ عملية أدت إلى مقتل 5 إسرائيليين. إلى ذلك، قال عضو "الكنيست" إيال بن رؤوفين، من كتلة "المعسكر الصهيوني" والنائب السابق لقائد الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلي، إن إسرائيل تستعدّ لرد فعل حزب الله على اغتيال القنطار. ووفقا لبن رؤوفين، فإن "المسؤولين في الجيش الإسرائيلي والاستخبارات وسلاح الجو وآخرين يستحقون كل المديح بعد تصفية سمير القنطار وقيادي آخر في حزب الله بعملية عسكرية شائكة ومعقدة". وتابع بن رؤوفين أنه "لا شك في أن الجيش الإسرائيلي يستعد لرد فعل محتمل، وعلى الأرجح أن ردّ فعل كهذا، إذا حدث، سيكون مدروسا وليس من أجل إشعال المنطقة بحرب شاملة". وسمير القنطار من مواليد بلدة عبيه اللبنانية، لعائلة درزية عام 1962. واعتقلت الشرطة الإسرائيلية القنطار في 28 جانفي 1980 وحكمت المحكمة الإسرائيلية عليه بخمس مؤبدات مضافا إليها 47 عاما، إذ اعتبرته مسؤولا عن موت 5 أشخاص وعن إصابة آخرين في عملية نهريا. وتم الإفراج عن سمير القنطار يوم الأربعاء 16 جويلية 2008 في صفقة تبادل أسرى وجثث بين حزب الله وإسرائيل.
تراوحت بين قصف جوي وبري ثلاثة سيناريوهات لاغتيال القنطار برزت خلال الساعات الأخيرة، التي تلت اغتيال عميد الأسرى اللبنانيّين المحرّرين، سمير القنطار، عدّة سيناريوهات مختلفة لطريقة الاغتيال، تراوحت بين قصف جوّي أو قصف صاروخي بري. السيناريو الأول: هو الإعلان الأول الذي أعلن عنه حزب الله في وسائل إعلامه والصحف المقرّبة منه، حيث قال إن طائرتين إسرائيليّتين اخترقتا الأجواء السوريّة، فجر أمس، وأطلقتا أربعة صواريخ طويلة المدى نحو المبنى المكوّن من ستّة طوابق ويقطنه القنطار وعددٌ من جنود وضبّاط الجيش السوري في جرمانا، وتسّبب القصف في انهيار المبنى بأكمله. السيناريو الثاني: وهو السيناريو الذي نقلته وسائل إعلام مقربّة من النظام السوري، حيث قالت إن الطائرات الإسرائيليّة لم تخترق الأجواء السوريّة، إنما حلّقت فوق بحيرة طبريا، وأطلقت صواريخ بعيدة المدى موجّهة نحو المنزل الذي يقطنه القنطار، ما أدى إلى تدمير المنزل واستشهاد القنطار فورًا جرّاء الغارة، لا متأثرًا بجراحه كما قالت مواقع سوريّة محليّة. أما السيناريو الثالث، الذي أعلن عنه محللون عسكريون إسرائيليون، فهو استهداف المنزل بصواريخ أرض – أرض من العمق الإسرائيلي أو من القواعد العسكرية في الجولان السوري المحتل. وتحدّث عسكريون إسرائيليّون أن المخابرات الإسرائيليّة "رغم الفوضى في المنطقة، مازالت قادرة على ملاحقة أعضاء حزب الله وإلحاق الأذى بهم، في استهداف شخصي موضعي مركّز في سوريا ولبنان".