طالبت عدة جمعيات محلية بورڤلة من رئيس الجمهورية ضرورة التدخل العاجل لإنقاذ مشروع القرن الذي خصصت له الحكومة 21 مليار دينار من الضياع وإيفاد لجنة تحقيق مركزية للوقوف على أشغال الشركات الأجنبية العاملة في مجال الري المكلفة منذ سنوات بالقضاء على ظاهرة صعود المياه التي أرقت المنطقة منذ نصف قرن. ويأتي هذا الاستياء الحاصل منذ بداية الشهر الفضيل بعد أن غمرت مياه "الزيڤو" نقاط مختلفة وأحياء بالكامل الأيام الأخيرة، مما يوضح أن أعمال الحفر والردم قد تفشل ميدانيا، وهو ما عبر عنه عدد من أساتذة الجامعة وخبراء في ذات التخصص أثناء دعوتهم من طرف المجلس الشعبي الولائي مؤخرا لتدارس هذا الملف الغامض، حيث عبروا صراحة عن عدم جدوى الأشغال الجارية التي تشرف عليها شركات غربية متخصصة، وبالتالي ذهاب الملايير في مهب الريح، في إشارة إلى "بيتاك" اللبنانية و"فانسي" الفرنسية وكذا "ديفي داق" الألمانية، وكشفوا حينها عن سلبيات في الإنجاز وصفت بالكبيرة، غير أن الجهات المعنية أدارت وجهها لانتقاداتهم ولم تبالِ بالملاحظات المسجلة، الشيء الذي وضع والي الولاية في موقف محرج بعد مراهنته على نجاح المشروع الضخم، حيث ينظر أهل الاختصاص محليا إلى نسبة الإنجاز على أنها غير موفقة تماما ولا تعكس حجم الأموال المرصدة بسبب بروز مشاكل جمة في عمليات ربط التجمعات السكانية بقنوات الصرف وأخطاء بالجملة، ناهيك عن إعادة الأشغال مجددا في أكثر من موقع رغم انتهائها ومرور أشهر قليلة عن إنجازها بطرق وصفت بالجيدة وفق معايير نعتت بالعالمية، ففي حي بوغفالة الشعبي وسط المدينة لا زالت عائلات بأكملها تصوم على وقع التذمر من الأوضاع المزرية بعد أن صعدت المياه القذرة وغمرت بيوتهم في مشاهد كارثية ظلت تهدد بأمراض التفوئيد والكوليرا أمام عجز المصالح المختصة على احتواء الموقف، ونفس الحالة تعيشها مناطق أخرى كسكرة، بني ثور، حي بوزيد، المخادمة والقصر القديم، وهي عبارة برك مائية ملوثة شوهت وجه المدينة وتركت العديد من الاستفهامات حول جدية مشاريع قنوات الصرف الصحي ومدى نجاحها على المنظور البعيد في منطقة صحراوية معقدة. وفي السياق ذاته طالبت نفس فعاليات المجتمع المدني في وثيقة تلقت "الشروق اليومي" نسخة منها في وقت سابق الشركات المذكورة بوجوب تقديم ضمانات فعلية فيما يتعلق بنجاح الإنجازات مع مقربة انتهاء الآجال المحددة نهاية الشهر الجاري، سيما وأن الدولة رصدت غلافا ماليا يعادل 300 مليون دولار ضمن برنامج رئيس الجمهورية لتنمية مناطق الجنوب بغية الخروج من أزمة ما بات يعرف على الصعيد المحلي بمشكل "مياه النز". هذا وقد شكك غالبية رؤساء الأحياء في طبيعة الأعمال المنجزة منذ انطلاقها من خلال الرقابة المضروبة عليها، إذ ظلت الجمعيات تنادي بتسجيل تسربات للمياه والحديث عن عيوب تقنية في المشاعب الجديدة ومحطات دفع المياه المستعملة المقدرة ب 25 محطة وتزايد المخاوف من فشل المشروع برمته. لتجدر الإشارة إلى أنه سبق لأعضاء في المجلس الشعبي السابق السنة قبل الماضية أثناء زيارة وزير الموارد المائية أن طالبوا بتشكيل لجنة لمقابلة المسؤول ذاته قصد الاطلاع على دفتر شروط المشروع الكبير ومدى التزام نفس الشركات العاملة في حوض ورڤلة بالاتفاقات المبرم.