موقع أول تفجير في ثورة التحرير بخنشلة تحول النصب التذكاري المتمثل في المولد الكهربائي الذي تم تفجيره في ليلة أول نوفمبر 1954 عند الساعة الصفر وثلاثين دقيقة من طرف الشهيد سي التجاني وبتخطيط من البطل التاريخي مصطفى بن بولعيد إلى فضاء لرمي القاذورات ومرتع لأكياس القمامة والنفايات * تحدث هذه الكارثة التاريخية في أحد أحياء منطقة خنشلة، حيث اعتاد السكان، في غياب سلطة تردع التعدي على حرمة المكان، التخلص من قاذوراتهم عند المولد الكهربائي الذي فجره الشهيد إبراهيم عثماني المدعو سي التجاني، بتخطيط من بطل الولاية الأولى الشهيد مصطفى بن بولعيد، معلنا بذلك عن انطلاق الكفاح المسلح والثورة التحريرية المباركة. * الغريب في الأمر أن ما كتب على حائط المولد يمنع أي شخص عاقل وعارف بتاريخ الجزائر من تدنيس حرمة المكان، حيث دّون للأمانة على جدار المولد وبخط بارز: "في ليلة أول نوفمبر 1954م الساعة صفر وثلاثون دقيقة، هاجمت مجموعة من المجاهدين بقيادة الشهيد عثماني ابراهيم المدعو التجاني، هذا المولد الكهربائي، إعلانا للعالم أجمع عن اندلاع الثورة التحريرية الكبرى، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار". * من جهتنا، تحدثنا إلى ابن أخ الشهيد سي التجاني، الذي كان صوته يفيض حزنا وهو يخبرنا بمرارة عن مصير هذا المعلم التاريخي، الذي كان علامة على انطلاق مسار ثورة مسلحة هزت العالم واستمرت حتى انتزاع الاستقلال، حيث قال إن "الوعي والنضوج الفكري غائب عند أهالي المنطقة، سيما وهم يدنسون بقاذوراتهم كل يوم المكان الذي شهد انطلاق أكبر حدث غير مسار تاريخ الجزائر، ليتحول إلى مزبلة للأجيال"، مضيفا "إن الجزائر تبقى البلد الوحيد الذي لا يولي اهتماما للأماكن التاريخية؛ فبدل أن يحاط هذا المعلم التاريخي بباقات الورود ويكون قبلة للأجيال تزوره فخرا بكفاح الشهداء، باتوا يقفون عنده كل يوم ليحفوه بأكياس القمامة والنفايات". * يذكر أن الشهيد إبراهيم عثماني، المدعو سي التيجاني، من مواليد مدينة خنشلة سنة 1928، من أسرة متواضعة، حيث قادته فطنته منذ صباه إلى الإلمام بمحيطه والانخراط في صفوف الكشافة الإسلامية، كما قاده وعيه السياسي إلى الانضمام إلى مختلف التشكيلات السياسية انطلاقا من حزب الشعب، وصولا إلى أحزاب أخرى تبنت الدفاع عن القضية الوطنية. كما أن تكوينه ضمن التشكيلات السياسية التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية، نتيجة لانتشار الوعي ونضوج فكرة الاستقلال، قاده إلى التحرك الميداني، حيث كلف بجمع السلاح والأموال متنقلا عبر أرجاء الوطن، وحتى خارجه، وذلك عقب عودته من فرنسا سنة 1946 التي هاجر اليها وتعلم اللغة الألمانية، بالإضافة إلى معرفته بالفرنسية والعربية، الأمر الذي ساعده في كتابة المراسلات والمناشير. * وشارك سي التجاني مع القائد مصطفى بن بولعيد في التخطيط لإشعال فتيل الثورة التحريرية، حيث كان من ضمن من كلفوا بقيادة الولاية الأولى وضرب محولات الكهرباء عند الساعة الصفر، إعلانا عن انطلاق العمليات التي كانت تهدف إلى شل حركة المستعمر، حيث تدرج سي التجاني في المسؤولية العسكرية حتى وصل إلى منصب أحد نواب الشهيد مصطفى بن بولعيد، ولقبه العديد من رفاق السلاح بالمنظر. شارك في معارك كثيرة مثل معركة "الماء لبيض" في منطقة الجرف، ومعركة "فم الطوب"، و معركة "الزاوية" و"تافاسور" وغيرها.