رد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، الأربعاء، على تصريحات الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بمناسبة الذكرى ال71 للانتصار على النازية في 8 ماي 1945، بقوله "ما نلاحظه للأسف اليوم هو أن ذهنيات بعض المسؤولين السياسيين والبرلمانيين - من حسن الحظ أنهم ليسوا كثرا في الضفة الشمالية للمتوسط - لم تهضم فكرة الجزائر المستقلة". وأوضح بن صالح في كلمة افتتاحية ليوم دراسي حول مجازر 8 ماي 1945، بقوله "لا تتحرج إلى اليوم من إطلاق نداءات على شبكة التواصل الاجتماعي تدعو الشعب الفرنسي فيها إلى الاعتزاز والفخر بتاريخه بمناسبة 8 ماي، بل وجدنا من هؤلاء من تجرأ على مناشدة الفرنسيين بالاعتزاز بالدور الإيجابي للاستعمار في الجزائر!". وكان الرئيس الفرنسي قد كتب على صفحته الشخصية في "الفايسبوك"، في ذكرى الإحتفالات بعيد النصر على النازية، "أريد أن يعتز الفرنسيون ببلادهم ويرفعون صوتهم بالقول أن لنا تاريخ كبير.. 8 ماي". وتجاهل الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، مطالب فرنسية وجزائرية، دعته إلى "قول الحقيقة حول مجازر 8 ماي 1945 في الجزائر"، وبالمقابل أطلق تصريحات استفزازية على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حول هذا التاريخ بشكل خلّف موجة استنكار في صفوف المعلقين على صفحته الشخصية". وقال رئيس مجلس الأمة، "إننا في نفس الوقت لا نزال نفاجأ بين الحين والآخر ببروز توجهات من أنصار الفكر الاستعماري الاستعلائي الحاقد لا تزال تحن إلى اليوم على ذلك الماضي الاستعماري الغابر". واعتبر أن "الاستقلال لم يكن منحة مجانية وأن من حق الجزائريين التذكير بالحقائق والتعريف ببشاعتها حتى تبقى راسخة في الأذهان"، مضيفا: "وإذا كان المستقبل يعتبر هاما في العلاقة ما بين الدول فإن هذا المستقبل يجب أن يبنى على أرضية صحيحة وصلبة خالية من التجاويف التحتية". قبل ذلك، أكد عبد القادر بن صالح، أن مجازر 8 ماي 1945 التي ارتكبتها فرنسابالجزائر "تعد من أبشع الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الجزائري وضد الإنسانية قاطبة"، مضيفا، "إنها جرائم إبادة جماعية حقيقية لن نكون مبالغين إذا وصفناها بهذه الأوصاف". وشدد رئيس مجلس الأمة قائلا أن تنظيم هذا اليوم الدراسي جاء "لكي يعلم أولائك الذين من وراء البحر يريدون طمس الحقيقة والتستر على ماضيهم الكئيب في الجزائر من خلال سعيهم تبييض صفحات سلوكاتهم المجرمة". وتتمثل هذه السلوكات - يقول بن صالح - "بوجه الخصوص في تزييف أعمالهم النكراء ضد الشعب الجزائري وسعيهم المتواصل لطمس الحقيقة الاستعمارية والتستر على أفعالهم التي لا تزال إلى اليوم تصرخ بقوة في وجه الراغبين في طي صفحة الماضي عبر سعيهم تلميع مشهده المقيت". واعتبر أن هذه المجازر كانت "لحظة حاسمة في تاريخ الجزائر كونها فجرت الغيظ والحقد الاستعماري على الشعب الجزائري وبنفس الوقت مهدت الطريق لسياسة غير محسوبة العواقب وجرتها في وحل حرب إبادة حقيقية دفع شعبنا فيها الثمن غاليا"، مشيرا إلى أن "هذه السلوكات وهذه السياسة أعطت درسا للشعب الجزائري وجعلت نخبته تفكر في مراجعة النفس والتحضير لثورة نوفمبر الخالدة وخوض الكفاح المسلح لانتزاع الاستقلال الوطني". وفي نفس السياق، اشترط "أن تبقى المصارحة بالحقيقة لازمة ولا تتقادم مع الأيام ولا تمحى بالتصاريح الظرفية التي سرعان ما يأتي ما يعاكسها، إذا كنا حقا نريد أن نبني مستقبلا واعدا في فائدة الطرفين وبالمناسبة أكد بن صالح على ضرورة "حماية التاريخ والذاكرة ومحاربة النسيان" الذي يتطلب - كما قال- "مساع دؤوبة ومثابرة تبذل في إطار برامج وخطط ناجعة تكفل تطوير مناهج البحث التاريخي والتوثيق على أوسع نطاق". وذكر في سياق ذي صلة بأن الدستور الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة جاء ليكرس احترام رموز الثورة التحريرية ويدعو إلى صيانة الذاكرة العامة للشعب ويؤكد على ترقية كتابة التاريخ الوطني وترسيخه في أذهان أجيالنا القادمة".