..ويسلبون الناس ممتلكاتهم وأرزاقهم قامت عناصر الجماعات الإرهابية مع انطلاق موسم جمع الزيتون بجني ثمار عديد من أشجار الزيتون بالغابات الممتدة من بجاية إلى عين الدفلى مرورا بجيجل وتيزي وزو والبويرة وبومرداس، حيث تفاجأت عديد من العائلات التي تقيم في المدن وتملك أراضي واسعة بضواحي الغابات بأن حقول أشجار الزيتون تم جنيها، وأنها عثرت على الأشجار خالية والأغصان مكسرة. * وأكدت عشرات العائلات التي تحدثت إليها "الشروق اليومي" بأن الأشجار التي عثر عليها خالية من الثمار، تتواجد بمناطق أبعد ما يكون عن القرى والمداشر، ويقدر عددها بمئات الأشجار، في كل ناحية، رغم أن موسم جني الزيتون لم يكد ينطلق، حيث عثرت العائلات على عدد من أشجارها خالية من الثمار، لاسيما في غابات تيزي وزو، بجاية، البويرة، وبومرداس، التي تعتبر معاقلا تختفي الجماعات الإرهابية في أدغالها، تختار الشجيرات الصغيرة السهلة الجني، حيث يمكنها ذلك من جني كميات كبيرة من الزيتون في مدة قصير، كما تقوم بجني الثمار الموجودة في الأغصان المتدلية من الأشجار الكبيرة، وهو ما يفسر أن عديدا من العائلات تجد دوالي الأشجار خالية من الثمار، في حين أن قمة الأشجار تبقى وافرة الثمار، ثم يقومون بعصره بالأقدام، داخل براميل، للحصول على زيت الزيتون، الذي يحرصون على تناوله بكثرة لتقوية أجسادهم، حيث يتناولونه مع الخبز، صباحا ومساء، ويستعملونه في طهي الطيور والأرانب التي يصطادونها ويقومون بذبحها ويحضرون منها حساءات ساخنة يتناولونها لمقاومة البرد القارص في الغابة، كما كشفت شهادات تحصلت عليها "الشروق اليومي" أنهم يجنون كميات هائلة من الفطر البري غير السام الذي ينبت في الغابة، ومن نبتتي الترفاس والفليو والكرّاث، وأنواع أخرى من النباتات البرية التي تنبت في الغابة، وهي نباتات غير سامة، كان أجدادنا يقتاتون عليها في الأيام العصيبة من خلال طهيها بزيت الزيتون، وما زالت عديد من الأسر الفقيرة تعتمد عليها في غذائها اليومي إلى يومنا هذا في القرى والمداشر النائية عبر مختلف الولايات. * ويحتفظ الإرهابيون بمئات الأكياس من الزيتون ليقدموها إلى عناصر الدعم والإسناد التي تقوم بنقلها للمعاصر، من أجل استخراج الزيت، ويحتفظ هؤلاء بالزيت في منازلهم ويموّلون منه الجماعات الإرهابية كلما احتاجت لزيت الزيتون. * وأكدت تلك العائلات بأن الإرهابيين كانوا في السابق يجنون محاصيل المزارع التي هجرها أصحابها وتخلوا عنها خوفا من الإرهاب، وهو ما جعلهم يتجنبون المخاطرة، ويكتفون بجني ثمار الأشجار الموجودة في الغابة. * وحسب شهادات بعض سكان المداشر في ولاية البويرة فإن الجماعات الإرهابية تستنجد كثيرا بهذه المأكولات البرية عندما تجد نفسها بعيدة عن الكازمات التي تخفي فيها المؤن التي تجمعها استعدادا لفصل الشتاء، أو عندما تمر بأزمات غذائية بسبب تضييق الخناق عليها من طرف عناصر الأمن، فلا تتمكن من الإتصال بعناصر الدعم والإسناد التي تمدها بالمؤونة. * وكشفت العائلات التي تحدثت إليها "الشروق اليومي" بأن الجماعات الإرهابية قامت بجمع كميات هائلة من الفحم الناتج عن حرائق الغابات وقامت بتخزينه في أكياس من البلاستيك، لتستعمله في طهي الطعام، ويتجنبون تماما إشعال النار إلا في الضرورات القصوى وبحذر شديد، لأن النار يتصاعد منها الدخان مما يمكّن مصالح الأمن من اكتشاف مناطق تواجدهم. * وتستنجد الجماعات الإرهابية كذلك بمختلف أنواع الثمار البرية التي تنبت في الغابة وخاصة ثمار الضرو والبلوط، والصنوبر، والتين، والتوت، والسيسنو أو الأرنج، كما يسميه سكان بعض المناطق، ويعتمدون على شرب منقوع النعناع البري، ومنقوع نبتة "الزعتر" الطبية التي تنبت في الجبال، وهي نبتة معروفة لدى العائلات الجزائرية، تنبت بكثرة في الجبال، وتباع لدى بائعي الأعشاب في المدن، لمقاومة البرد والجليد ليلا، وبعث الحرارة في أجسادهم. * وأسرت بعض العائلات "للشروق" أن هناك بعض الحقول تزرع بمختلف أنواع الخضار الخاصة بموسم الشتاء في أرياف تيزي وزو والبويرة، يعتني بها عناصر من جماعات الدعم والإسناد، ويوجه محصولها كله للجماعات الإرهابية، إضافة إلى أن بعض عناصر الدعم والإسناد يقومون بتربية الكباش والدواجن في إسطبلاتهم، ويأخذون قطعان الغنم للرعي في الغابة حيث يتواعدون مع الجماعات الإرهابية لتسليمهم كبشا أو كبشين حسب طلبهم، وحسب حاجتهم، وبعض سكان القرية يعلمون ذلك، لكن لا يتجرأ أحد على تبليغ مصالح الأمن خوفا من الإرهابيين، وهو أسلوب لجأ إليه الإرهابيون لأنهم لم يعد بإمكانهم إلزام الفلاحين أو مربي الدواجن والكباش على منحهم جزءا من المحصول أو بعض الكباش والدجاج تحت التهديد مثلما كانوا يفعلون في السابق، بل أصبحت تعتمد أكثر على عناصر الدعم والإسناد فقط.