* اندلاع الحرائق نتيجة انتشار الأحراش في المناطق "المحرمة" قالت مصادر مسؤولة تشتغل على التحقيق في الحرائق الأخيرة التي تشهدها العديد من ولايات الوطن، أن الوضع الأمني المتردي في بعض المناطق الغابية والمعزولة كان من بين أسباب ارتفاع الحرائق في ظل عدم قيام مصالح الغابات منذ عدة سنوات بقطع الأحراش والحشائش الضارة مما أدى الى تناميها واتساعها ومنها اتساع رقعة الحرائق التي اندلعت بسبب موجة الحر غير المسبوقة في الجزائر والتهمت آلاف الهكتارات، خاصة وأن مصالح الحماية المدنية والغابات لم تتمكن من الوصول الى بؤرة الحرائق في العديد من المناطق الغابية بسبب تلغيمها من طرف الجماعات الإرهابية في وقت سابق لمنع زحف قوات الجيش في عمليات التمشيط. * * وقال مسؤول في مديرية الغابات ل"الشروق"، أن المهام كانت مقتصرة على المناطق الآمنة "وكنا نتفادى التدخلات لتطهير وتشجير بعض الغابات التي تعد معاقل الإرهاب حفاظ على حياة الموظفين"، وأضاف أنه تم توجيه تعليمات لأعوان الغابات والحماية المدنية لاتخاذ الحيطة في التدخلات لإخماد النيران في هذه المناطق الملغمة، حيث لايستبعد استهداف أفراد الأمن والحماية المدنية والغابات أثناء أداء مهامهم من طرف أتباع التنظيم الإرهابي المسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" لمنعهم من الوصول الى المخابئ الرئيسية للإرهاب، وحاول التنظيم الإرهابي استغلال هذه الحرائق لاسترجاع الدعم الشعبي خاصة بمنطقة القبائل لتدارك تلغيم حقول الزيتون في وقت سابق. * * إجراءات أمنية في محيط الحرائق لإحباط فرار الإرهابيين * اعتمدت قيادة الجيش في الأيام الأخيرة حواجز أمنية ثابثة تابعة لأفراد الجيش بمحيط الغابات والمناطق التي تشهد سلسلة من الحرائق بفعل موجة الحر الشديدة في الأسابيع الماضية، كما تقوم مروحيات تابعة للجيش باستطلاع هذه المناطق بعد رصد تحركات ارهابيين حاولوا الفرار من الحصار الأمني، مستغلين هذه الحرائق، وقالت مصادر تشتغل على التحقيق في أسباب هذه الحرائق، أنه لا يستبعد أن تكون بعض الحرائق قد تسبب فيها إرهابيون عمدا لضمان فرارهم الى مناطق أكثر أمنا وأيضا لتنفيذ اعتداءات إرهابية في مناطق أخرى لفك العزلة والخناق على الجماعات المحاصرة، كما لايستبعد إضرام حرائق في هذه المناطق لاستدراج أفراد الأمن واغتيالهم لتضليل مصالح مكافحة الإرهاب وتشتيت قدرات الأفراد. * ويستند هؤلاء المحققين بالبيانات التحريضية التي أطلقتها مؤخرا قيادة التنظيم الإرهابي المسمى "الجماعة السلفية" باتجاه سكان منطقة القبائل لدعوتهم إلى الانتفاضة على إتلاف مزارعهم وحقولهم في موجة الحرائق لإدراكه ارتباط سكان منطقة القبائل بأراضيهم، حيث ورد في البيان ما قبل الأخير للتنظيم الإرهابي تحريض علني بالقول "لا تنسوا قتلاكم الذين التهمتهم ألسنة النيران في العام ما قبل الماضي ببني دوالة وضواحيها ولا تنسوا أملاككم وآلاف الهكتارات من زياتينكم"!. * وهو ما يتناقض مع ما قامت به قيادة "درودكال" في وقت سابق عندما قامت بتلغيم حقول ومزارع الزيتون بمنطقة القبائل، وتعد مصدر أرزاق العائلات هناك التي اضطرت الى التراجع عن جني المحصول بسبب مخاوف من انفجار هذه الألغام بعد فقدان شاب ساقيه في انفجار قنبلة تقليدية عندما كان يسعى لجني الزيتون، وقامت قوات الجيش بحملة "تطهير" واسعة لتفجير الألغام المزروعة بناء على معلومات أدلى بها الإرهابي المدعو "محمد.ب" المكنى "طلحة" الذي ينحدر من منطقة برج منايل بولاية بومرداس، والتحق بالنشاط الإرهابي عام 2004 تحت لواء سرية برج منايل التابعة لكتيبة "الأنصار" قبل تسليم نفسه نهاية السنة الماضية، وكشف عن خريطة زرع هذه الألغام بحقول الزيتون لتحصين مخابئ الإرهابيين المتواجدة بها، ومنه يعلق بعض سكان تادمايت على البيان بالقول "الجهة التي قامت بتلغيم حقول الزيتون لا يستبعد أن تكون نفسها هي التي قامت بإضرام النار في الغابات... الإرهاب مزدوج الخطاب، وأعتقد أنه لا يمكن اليوم إقناع الشعب بغير الواقع"، وأضاف "من قام بتلغيم الغابات؟ طبعا الإرهابيون، وبسبب ذلك لا يمكن أن نرافق أعوان الحماية المدنية لإخماد النيران"، و تدخل آخرون "عند اندلاع النيران سمعنا دوي انفجارات وعلمنا لاحقا أن الألغام المزروعة انفجرت بفعل النيران". * * توظيف ورقة النيران لاسترجاع ثقة وهمية * ويرى متتبعون للشأن الأمني، أن قيادة "درودكال" تراهن كثيرا على الحرائق التي أعلنت في وقت سابق أنها تضررت منها كثيرا، في الاستراتيجية التي اعتمدتها مؤخرا لاسترجاع الدعم الشعبي، حيث أوردت في بيانها ما قبل الأخير خبر اغتيال شابين بضواحي عين الدفلى بحجة أنهما كانا يقومان بإضرام النار في إحدى الغابات في محاولة برأي متتبعين للشأن الأمني لتأكيد "وقوفها" مع المواطنين، لكن الخرجة الأخيرة لسكان واسيف وواضية بتيزي وزو وانتفاضتهم على الاختطافات التي تستهدف رجال الأعمال بمنطقة القبائل من طرف نشطاء التنظيم الإرهابي "الجماعة السلفية" مقابل طلب فدية، وطلب المحتجون بتغطية أمنية فعالة وشاملة للمنطقة التي تعيش اليوم تداعيات أحداث الربيع الأسود. * وعلمت "الشروق"، أن قوات الجيش تقوم بمحاصرة منافذ المعاقل الإرهابية بالمناطق الغابية التي تشهد موجة من الحرائق وتم تطويقها بحواجز أمنية ثابثة مع تغطية جوية بعد رصد محاولات خرق الطوق الأمني والفرار من النيران باتجاه مناطق أكثر أمنا، كما أفاد مصدر قريب من العمليات العسكرية، أنه تم رصد تحركات "جماعية" لإرهابيين تسللوا من معاقلهم الرئيسية باتجاه مناطق أخرى لتفعيل النشاط الإرهابي وأيضا فرارا من الملاحقات الأمنية التي أصبحت تتم جوا بعد تجنيد مروحيات، وعلم أيضا، أن الفريق احمد قايد صالح رئيس أركان الجيش يتابع شخصيا سير عمليات التمشيط وطالب أفراده بتقارير عن الوضع الأمني وتطبيق الخطة الأمنية.