سلوى ضيفة على منتدى الشروق أكثر ما يفتح الشهية لمحاورة الفنانة الكبيرة سلوى هو إجاباتها الصريحة الخالية من أي دبلوماسية... هي شخصية قريبة إلى القلب تقرأ في شموخها الذي ترفض تصنيفه ضمن خانة »البورجوازية« ألف وجه من وجوه الفن الأصيل ببلادنا، ذهبت بنا عبر »منتدى الشروق« في رحلة بعيدة تتحدى النسيان، وتوقفت بنا عند العنقى أو ال»كاردينال« الذي مات وشعور بالغربة والتهميش يحرق قلبه، كما حدثتنا بكثير الجرأة عن رأيها في راهن الفن ببلادنا، وعن قيمة الفنان الجزائري التائهة بين أولويات المسؤولين. * كشفت الفنانة سلوى لدى نزولها ضيفة على »منتدى الشروق« بأنها ترثي لحال الأغنية الجزائرية اليوم، بعد أن ظلت تسكب من حناجر عباقرة في الفن الأصيل كقروابي والعنقى واعمر الزاهي ونورة ودرياسة لتضيع بين ألوان غنائية جديدة تكرس الرداءة والابتذال. * * * أرغب في الغناء بدعوة من الرئيس * * العنقى مات مهمشا داخل "بنغالو" بمستشفى الشراقة * سلوى مستاءة من سياسة الجزائر الثقافية "التي تروج للفن الهابط" * "رفضت أن أكون حكما في "ألحان وشباب" حتى لا أزكي الرداءة" * * توقفت سلوى في هذا المقام عند أغنية الراي وأغاني سريعة تضلل الجمهور بإقحام تقنية الروبوتيك التي ترفضها بشدة، كبديل مزيف عن الحنجرة المدوية والأداء السليم، مبدية في ذات الشأن أسفها من السياسة الثقافية ببلادنا والتي تروج للغناء الهابط بخلق فضاءات ترعاه وتحتضنه عبر المحافل والمهرجانات وتقدمه كواجهة للفن الجزائري. * وقالت ضيفة المنتدى، إنها تشعر بكثير من الاستياء حين يقوم البعض ممن يحسبون على الفن بإعادة تقديم أغانيها القديمة الموثقة بآلات موسيقية أصيلة من منطلق أنهم يبعثونها من جديد »ولكن عبثا يفعلون فهم يقتلون الجمل اللحنية الأصلية ويحرفون اللوازم الموسيقية بأداء صوتي ضعيف، ويضيفون تقنيات كالروبوتيك تتفّه الأغنية الأصيلة«. وأضافت ضيفة المنتدى، إنها رفضت تعيينها ضمن طاقم لجنة التحكيم المنوطة بالمفاضلة بين طلبة »ألحان وشباب«، من منطلق أنها تأبى تزكية الرداءة، وهو ما لا يتناسب ومكانتها الفنية ومسيرتها الحافلة بالنجاحات، »لا أستطيع أن أنسب لقب فنان لطالب ما، وهو لا يمتّ بصلة للفنان ولا يحمل مقاييس النجومية التي كانت ضرورية في زمني، لبعث موهوبين في عالم الغناء، والتي سمحت بظهور عمالقة كالحاج امحمد العنقى والهاشمي قروابي ورابح درياسة وخليفي احمد والحاج بوجمعة العنقيس وغيرهم من نجوم العصر الذهبي للأغنية الجزائرية«. * السيدة سلوى وفي سياق حديثها عرجت على الطبعة الأصلية ل»ألحان وشباب«، »التي لم يكن فيها مجال لبعث الرداءة«، وقالت إنها كانت تميل إلى الصرامة والتصنيف العادل في اختيار المواهب ضمن مهمتها كعضو ضمن لجنة التحكيم في الطبعة الأم للبرنامج رفقة الراحل معطي بشير، »لم يكن هناك مجال للمجاملة أبدا كنّا نختار الأفضل على أساس الموهبة والتفوق ونتبنى المواهب«. * وفي هذا الاتجاه أشارت ضيفة منتدى »الشروق« إلى أن »الفنانة نادية بن يوسف واحدة من الموهوبين الذين عبروا بسلام من البرنامج... عندما سمعت صوتها وهي تغني بإحساس عال استشرفت لها بالنجاح والنجومية وهمست في أذن صديقي الراحل معطي بشير بأن هذا الصوت سيحلق بعيدا بإبداعه وهو ما جعلني أسدي لها النصح والتوجيه«. * * خليفي أحمد يموت في صمت داخل حجرة ضيقة * "قانون الفنان عالق بتندوف ولم يصل بعد إلى العاصمة" * طرحت الفنانة سلوى إشكالية تهميش الفنان الجزائري من الناحية القانونية، واعتبرت بأنه »من العيب أن يجد هذا الأخير نفسه بعد رحلة عطاء طويلة بدون وثيقة تؤمّن على حياته«، مشيرة إلى أن »المسؤولين في بلادنا يغضون الطرف عن هذه المعضلة فنحن لا نجني منهم سوى وعود وخطابات، منذ أكثر من 20 سنة وهم يصرحون بأنهم يناقشون بعث قانون يحمي الفنان ولا ندري متى يتجسد هذا القانون، ربما هو عالق في تندوف أو تمنراست ولم يصل العاصمة بعد«. * وقالت محدثتنا إنها تعاني من أمراض مزمنة مثل السكري الذي يلزمها الحقن بالأنسولين بانتظام، إلى جانب الضغط الذي يتطلب قائمة باهظة من الأدوية للتخفيف من حدته، إضافة إلى مرض الحساسية الذي لا يفارقها أبدا. * كما تأسفت الفنانة للمعاناة التي يتكبدها فنانون جزائريون قدماء، منهم عميد الأغنية الصحراوية خليفي أحمد، »الفنان الكبير الذي أسمع بصوته الشجي كل العالم، يعاني اليوم في صمت بحجرة ضيقة من الضغط والسكري«. * وفي معرض حديثها عن التهميش الذي يلاقيه الفنان ببلادنا، تطرقت السيدة سلوى إلى مشكلة عدم سماح مسؤولي التلفزيون والإذاعة الوطنية باجتياز الفنان لبوابة الدخول دون استظهار هويته كأي شخص من عامة الناس، »أشعر بالغضب عندما يطلب منّي حارس أمام مبنى التلفزيون الجزائري أو الإذاعة الوطنية بياناتي الشخصية وكأني غريبة عن هذا الفضاء الذي قدمت له أجمل سنوات عمري«. * وأصرّت سلوى على مطالبة المسؤولين على المؤسستين بتخصيص قائمة إسمية للفنانين توضع في مدخل الإذاعة أو التلفزيون تجنب الفنانين حرج الاستنجاد بأحد العاملين بالمؤسستين للحصول على رخصة دخول. * * العنقى اشتكى لسلوى التهميش قبل رحيله * "لو كنت كاردينالا فعلا لامتلكت كنوز الفاتيكان" * تطرقت الفنانة سلوى في حديثها إلى الصداقة الكبيرة التي جمعتها ب"الكاردينال" الحاج محمد العنقى، حيث أخبرتنا بأنها كانت ملازمة له في مراحل من حياته، وقالت إن عميد الأغنية الشعبية كان ينقل لها دوما إعجابه الشديد بفنّها وطريقة وقوفها على المسرح »كنت أتشرف كثيرا حين يدعوني شخصيا لأحيّي حفل زفاف بنت من بناته«. * كما وصفت سلوى العنقى بصاحب العقلية الصعبة والمحق دائما في اتخاذ قراراته والرجل الذي يكره الخوض في أحاديث جانبية تافهة، وبأنه »صاحب الطلة الأنيقة والهيئة الجميلة والمثقف المحب للناس والمتواضع في شموخ، ومع ذلك لم يكن يشعر حين ينادى بلقب الكاردينال بالبهجة أو السرور وكان يجيبني كلما ناديته بهذا الإسم بسخرية ويقول: »لو كنت فعلا كاردينال لامتلكت كل كنوز الفاتيكان ولم كنت مضطرا إلى النظر في وجوهكم وهو ما كان يضحكني منه كثيرا ويدعوني إلى تقبيل رأسه«. * السيدة سلوى كشفت لنا عن جانب خفي من حياة العنقى الذي أخرج الشعبي من الحدود المغربية، وأتى به إلى الجزائر ليكون هذا اللون الغنائي لسان حال الطرب الأصيل ببلادنا، حين أخبرتنا بأن »الكاردينال ظل يعاني في أيامه الأخيرة داخل »بنغالو« بمستشفى الشراقة، وقالت إنها كانت تشعر بالأسى والحزن لوضعيته، مشيرة إلى أنها داومت على زيارته في ذلك المكان الذي لا يليق بعملاق مثله، أين شكا لها من التهميش الذي طاله رغم عطائه الفني السخي، وتقول إنها بكت عندما قال لها وبصريح العبارة »كي كنت على ديداني كانو يرشقوني بالدبلون واليوم راكي تشوفي وين وليت«، قبل أن يضيف »المسؤولون يرسلون للعلاج إلى فرنسا لمجرد نلة برد وأنا استخسروا فيّ ذلك«. * * "الفن الأصيل واجهة مشرفة لأي دولة" * قالت الفنانة سلوى إنها تحن للغناء بدعوة رئاسية، كأقصى تكريم لها على مسيرتها الفنية الحافلة بالنجاحات، مشيرة إلى أن »الرئيس الراحل هواري بومدين كان يفعل هذا من منطلق تقديره للفن والفنانين ولقناعته الراسخة بأن الفن الأصيل هو واجهة مشرفة لأي دولة«، وأضافت »لطالما شرفني الرئيس بومدين بدعوات إلى جانب خليفي أحمد ودرياسة وصليحة وبوجمعة العنقيس وكثيرون ممن صنعوا مجد الغناء الجاد والأصيل...«، لتضيف وهي تضحك: »ليت الرئيس بوتفليقة يرسل في طلبي لأغني له الأندلسي وأمنحه شيئا من غذاء الروح، ربما يلطف عليه غنائي أجواء السياسة وأعباء الحكم...«. * ومع ذلك، أفصحت لنا الفنانة بأنها لم تعد كسابق عهدها تطلب للغناء في المناسبات التي تنظمها وزارة الثقافة أو التلفزيون الجزائري »الذي لم يعد يفرش البساط الأحمر إلا للنجوم العربية وكأن الجزائر بلد عقيم لم ينجب كبارا في الفن«، مضيفة بأن »واقع إهمال الطرب بالجزائر يجعلها لا ترفض دعوة من المغرب أو تونس أين يعرفون قيمة الفنان ويقدرون أصالة ما يقدمه، ولديهم فضاءات رائعة ترفع من خلالها أصوات الطرب الأصيل«، مشيرة إلى أنها محبوبة جدا من المغاربة على وجه الخصوص »هم يكرمونني كل مرة ويبدون لي إعجابهم لأنني أسلطنهم بغنائي للطرب الأندلسي«. * * أنا واضحة وأكره التحايل على الدين * كشفت ضيفة منتدى »الشروق« بأنها خلعت الحجاب لأنها ترفض الإساءة للزي الإسلامي، وقالت إنها تناهض أي فنانة محجبة تقف على المسرح وهي تتغنى بالهيام والعشق، متوقفة عند الفتيات المحجبات اللواتي اشتركن في برنامج »ألحان وشباب«، لتشير إلى أن إحساسها بوجود تناقض صارخ في المبادئ حين كانت تغني عن العشق والحب مرتدية حجابها دفعها إلى خلعه فورا »أعترف بأنني لازلت أتغنى بقصائد الحب والعشاق... والحجاب بالنسبة لي يعني الالتزام«. * * الشروق"تدخل سلوى" عمارة الحاج لخضر * توافق نزول الفنانة سلوى ضيفة على منتدى »الشروق« مع زيارة الفنان الكوميدي لخضر بوخرص، الذي أصرّ على لقائها وسؤالها عن صحتها وجديدها بوصفه من المعجبين بفنها ومسارها، فكانت فرصة بالنسبة لها لتعود مجددا إلى عالم التمثيل الذي انقطعت عنه لمدة طويلة، حيث اقترح عليها الحاج لخضر الالتحاق بفريق عمل السلسلة القادمة من »العمارة«، ولم تتردد سلوى في الموافقة عندما قالت مازحة »وزعني في أي دور شئت، فيمكنني أن ألعب أمك أو زوجتك أو أختك«، وبكثير من الاحترام والتقدير اتفق لخضر مع سلوى على الشروع في تصوير مشاهدها مباشرة بعد عودتها من المغرب.