كشف مدير عام ''الشروق''، شهادات وتفاصيل مثيرة حول طريقة إعتقاله بلندن، وكذا مضمون وطبيعة الأسئلة الغريبة والمرفوضة، التي وجهتها المخابرات البريطانية لعلي فضيل الذي إحتج على تلك الإستفسارات الإستفزازية وغير المبررة. * * علي فضيل فضح محاولات يائسة بائسة للمخابرات البريطانية، جهرت برغبتها في ''تجنيد'' الجريدة الأولى في الجزائر والصحافيين، بإسم ''التعاون وتبادل المعلومات''(...)، وهو العرض الوقح الذي رفضه جملة وتفصيلا فضيل، الذي أكد لمستنطقيه بعبارة شعبية: ''راكم غالطين في العنوان''، مؤكدا بقوله: ''لست من طينة بعض الجنسيات والبلدان ممن باع عدد من أبنائها ضمائرهم بإسم ما يسمى بالتعاون''. * جواب علي فضيل، جاء ردا على سؤال لضابط المخابرات البريطانية، مفاده: ''أنت تقود جريدة كبيرة غنية بالأخبار والمعلومات، فدعنا نتعاون مع بعضنا البعض''!، فرد فضيل مستغربا ومستنكرا: ''نتعاون؟.. وكيف وبأية صفة، ولماذا؟''، فقال الضابط: ''تهمنا كثير من المعلومات.. وأنتم يسهل لكم الوصول إلى مصادر الخبر، وعليه يهمنا التعاون وتبادل المعلومات''!. * الرفض الغاضب والمستنكر لعلي فضيل، حرض عميل المخابرات البريطانية، على المحاولة ثانيا، بالقول: ''لا تفهم من هذا أنك ستكون عميلا لنا، لكن كل ما في الأمر تبادل معلومات فقط''(...) !، وهنا قاطع فضيل مستجوبه بالتأكيد: ''إسمح لي أن أسألك: ما هو موقفكم لو أن مواطنا إنجليزيا بالجزائر أو غيرها من الدول، طُلب منه التعامل والتعاون مع المصالح الأمنية لتلك البلدان؟''، سؤال جعل الضابط البريطاني يتهرب من الإجابة والتعليق، لأنه لمس أن الأمر يتعلق بالتعاون مع مصالح أجنبية!. * * تجنيد وعمالة بإسم التعاون * وتبادل المعلومات! * * غضب وإستياء مدير ''الشروق''، لم يضع حدا لإستفزاز وإغراء ووقاحة ضابط المخابرات البريطانية، حيث عاود المحاولة بالقول: ''أنتم فئة راقية!، عرضنا لا علاقة له لا بالعمالة ولا بالخيانة !.. وأنت تقود جريدة كبيرة.. يهمنا التعاون لمصلحتك الشخصية ومصلحة جريدتكم !''، وهنا قاطعه فضيل بالقول: ''قلت لك وسأبقى أقول، أرفض هذا العرض لسببين: أولهما، أنه من الناحية المبدئية يستحيل تنفيذ هذه الجريمة في حق المهنة والوطن والوطنية، وثانيهما، لا أنا ولا الشروق بإمكانها إفادتكم، لأنها جريدة جزائرية للجزائريين، وليست حاملة للجنسية البريطانية''. * ضابط المخابرات البريطانية، تأسف، تنهد، ثم قال لفضيل: ''كنت أعتقد أن العرض مغري وسيلقى إستحسانا وقبولا سريعا''!، فرد عليه مدير ''الشروق'' على الفور: ''أنت مخطئ.. هذه طبيعتي وتكويني ومبادئي.. هذا أمر مرفوض ومذموم، وبإمكانكم البحث عن بدائل بعيدا عني وعن جريدتي''.. وفي ظل الإصرار على الرفض والقصف الموجه لضابط المخابرات البريطانية، قال هذا الأخير للمدير ''الشروق'': ''قلت لي بأنك لست في حاجة إلى محام يدافع عنك، إذن وقع لي على وثيقة الإستجواب (النوتيس)''. * عميل المخابرات البريطانية، بعد إنتهاء الإستجواب، وفشل مهمته في ''تجنيد'' جريدة جزائرية إسمها ''الشروق''، وكذا مديرها العام، قال لمستنطقه: ''لم نتجاوز معك الحدود''، فرد فضيل: ''طبيعة الأسئلة والإستفسارات هي في حد ذاتها تجاوز حدود ''، وعندها قال الضابط: ''لم أعرض عليك في البداية قهوة أو شاي''، وبعد عدة ساعات من الإستجواب والإستجواب والضغط، أحضر لعلي فضيل كأس ماء، قبل أن يوجه له سؤالا جديدا: ''ماذا في حقيبتك؟''، فرد فضيل: ''سؤال آخر عجيب، لقد تولت مصالح الأمن عبر المطار والميترو مهمة تفتيشها''، فقال الضابط: ''لا يهمنا الأغراض الشخصية.. تهمنا الوثائق الهامة أو الخطيرة''.. لكن الضابط البريطاني، توقف عن أسئلته أخيرا ورافق علي فضيل إلى الخارج، وأخبره بأنه سيحرر تقريرا شاملا لفحوى الإستجواب ويقدمه لمسؤوليه السامين!. * * محاولات فاشلة للمصالح الأجنبية * * المحاولات الفاشلة ل ''تجنيد'' جريدة ''الشروق'' ومديرها من طرف المخابرات البريطانية، سبقتها محاولات مماثلة إستهدفت قبل أيام أحد صحافيي ''الشروق'' من طرف مصالح ''سفارات كبيرة'' بالجزائر، ودائما تحت غطاء ما يسمونه زورا وبهتانا ''تعاونا وتبالا للمعلومات''، حيث حاول هؤلاء إستدراج وإغراء صحافيين معينين إلى مآدب غداء وعشاء مشبوهة، قوبلت بالرفض والذمّ. ويبدو أن هؤلاء الأجانب لم يتصوروا أن ينشر مثل هذا الغسيل أمام الرأي العام، ويبقى في خانة ''سري للغاية''، مثلما نجحوا في هذه المهمة مع ''أهداف سهلة'' بالإغراء والتوريط وشراء الذمم، وهو ما فشلوا فيه مع ''الشروق'' وصحفييها!. * وحتى تتضح الصورة بعيدا عن أيّ تخمينات أو تأويلات، يعود علي فضيل إلى أسباب زيارته إلى بريطانيا الأسبوع الماضي، حيث أكد أنه تلقى دعوة من شركة بريطانية تدعى ''كروس غرافيك''، من أجل معاينة بعض آلات الطباعة في بريطانيا، وبناء على الدعوى باشر مدير ''الشروق'' إجراءات السفر مع السفارة البريطانية بالجزائر، التي سلمته التأشيرة في ظروف جيدة، وبالموازاة مع ذلك، تلقى علي فضيل دعوة من قناة ''الجزيرة'' القطرية، لإجراء حوار مباشر معه حول الصحافة والوضع العام بالجزائر. * بسبب دعوة ''الجزيرة'' يقول مدير ''الشروق''، أنه تحتم عليه المرور عبر العاصمة الفرنسية باريس، للتدخل عبر ''الجزيرة''، وكان ذلك مساء الجمعة الماضي، وهو ما تم فعلا، قبل أن يستقل الأحد الموالي، علي فضيل، القطار السريع (الأوروستار) العابر لبحر المانش، وأشار فضيل إلى أنه عبر محطة القطار بباريس (لاڤار دي نور)، وبعد إجتياز شرطة الحدود الفرنسية، تم الدخول إلى شرطة الحدود الإنجليزية، حيث بمجرد أن عاين شرطي إنجليزي جواز سفر مدير ''الشروق''، قام بإستدعاء مدني طلب من فضيل مرافقته، حيث قاده إلى قاعة إنتظار. * بعد نصف ساعة -يقول فضيل في شهاداته- غادرت بعد الإجابة على أسئلة روتينية، حيث ''إستقليت القطار على الساعة ال 11 صباحا نحو لندن.. وبعد ساعتين من السفر كان الوصول''، مضيفا: ''مباشرة بعد النزول.. رجلان بالزي المدني، واقفان عند المخرج الرئيسي للمحطة، أحدهما أشار لي بالتوقف.. طلب مني جواز سفري.. وبقاعة إنتظار، أخذ الجواز، وكان يأتي إلي كل 01 دقائق، ويطلب مني عدم القلق، وأعلمني بأنهم سيحضرون لي مترجما بالعربية''. * في هذه الأثناء يقول فضيل في شهاداته: ''جاء رجل أمامي وسحب كناشا من جيب سرواله الخلفي، وأعلمني بأنهم من المخابرات البريطانية''، وأضاف مدير ''الشروق'': ''دلني على بعض تسميات الجماعات الإرهابية، بينها (الجيا) و(الجماعة السلفية)، وقال لي: هل تعرفهم؟، فقلت لهم، أسمع بهم كإعلامي''. * بعد نصف ساعة أو أكثر، جاء ضابط في المخابرات البريطانية و''أخذني نحو مكتب أبوابه تفتح بالأرقام السرية، وهناك كان مترجم بالعربية، قيل لي بأنك ستسمعه صوتا فقط عن طريق الأنترفون دون أن تراه''!. * * كيف ولماذا نجحت ''الشروق''؟ * * وبدأ الإستجواب، الذي كان في فصله الأول روتينيا، بدأ بسؤال الضابط: ''إلى أين الوجهة وسبب الزيارة''، فكان الجواب من فضيل: ''معاينة آلات طباعة''، مضيفا: ''أعتقد أن كل المعلومات متوفرة في ملف الحصول على التأشيرة بالسفارة البريطانية في الجزائر''، وكان لدى الضابط المستجوب، ملف خاص بالشركة صاحبة الدعوة، ومن بين الأسئلة الغريبة وغير المبررة: ''الشروق جريدة كبيرة، كيف وصلت إلى هذا المستوى في فترة وجيزة؟''، فرد فضيل مستغربا: ''تطورت بطاقم صحفي شاب وطموح، وبفضل الإحترافية والمهنية والمصداقية وتنوع المعلومات وصدقها''. * وهنا تساءل الضابط: ''جريدة ثرية بالمعلومات، ما هي مصادركم؟''، فجاوب فضيل متعجبا: ''لنا مصادرنا كجريدة وكصحافيين، مثلما هو معروف لدى الصحافة العالمية''، مضيفا: ''أعتقد أنكم تعرفون شيئا إسمه سرية المصادر والحفاظ عليها، وأظن أنه في الجزائر كما في بريطانيا، هناك قوانين تحمي هذه المصادر وتضمن الحق في الإحتفاظ بها''، مشدّدا: ''في الجزائر، بلدي، القوانين السارية المفعول لا تلزمنا بكشف مصادرنا، فكيف لنا أن نكشفها أمامكم !؟''. * ضابط المخابرات البريطانية، إستمر في إستفزازه، ''هل تعرفون قادة الإرهابيين؟''، فقال فضيل: ''إنهم في الجبال، حيث يختبئون خوفا من مطاردات مصالح مكافحة الإرهاب''، وسأل الضابط مرة أخرى: ''كيف تكتبون عنهم؟''، فرد مدير ''الشروق'' مبتسما: ''بالإعتماد على المصادر الرسمية، ممثلة في مصالح وزارة الداخلية ومصالح الأمن والدرك والجيش''، وورد سؤال آخر: ''وماذا عن سياسة المصالحة الوطنية والتائبين؟''، فرد فضيل: ''أثمرت على نتائج إيجابية، حيث إستفاد آلاف المسلحين من الإجراءات التخفيفية، وقد تم حل ما كان يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ، وبعد مجيء الرئيس بوتفليقة، نزل الآلاف من الإرهابيين''. * فجأة.. عاد الضابط البريطاني إلى أسئلته الغريبة: ''..وهل المعلومات التي تنشرونها تخلق ردودا؟''، فقال فضيل: ''أعتقد أنكم تعرفون بأن القضايا الأمنية حساسة.. إننا نتحرى فيها الصدق والأمانة بما لا يتسبب في ضرر لمصالح البلاد، وهي قضية الجميع، لأنها تتعلق بأرواح وممتلكات، وهي قبل ذلك، قضية لا تقبل الحياد والبقاء في صف المتفرج''، وواصل الضابط إستفساراته: ''لماذا تسمونها الجماعة السلفية للدعوة والقتال ولا تسمونها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؟''، فكان جواب فضيل: ''ببساطة، لأن القاعدة أنتم من يروج لها.. عندنا الجماعة السلفية المنبثقة عن الجيا التي قضت عليها مصالح الأمن الجزائرية، وقد إنحصر النشاط الإرهابي وأصبح فعلا معزولا، أما القاعدة فليست في الجزائر''. * وأضاف فضيل: ''الجماعة السلفية كتنظيم إرهابي يواجه ضربات مصالح مكافحة الإرهاب، وقد فشلت مؤخرا في تنفيذ إعتداءات على الطريقة الإستعراضية التي نفذت بها تفجيراتها الإنتحارية في وقت سابق، كان الهدف منها الترويج والتسويق الإعلامي بدول الغرب''، ووجه الضابط سؤالا آخر: ''هل لكم معلومات حول العقول الإرهابية؟''، فرد فضيل: ''عقولهم عندكم وأنتم أدرى بمعلوماتهم.. فأمثال أبو قتادة، المفتي بتقتيل الجزائريين يتواجد بلندن، وأمثاله المجرمين يصولون ويجولون بالأراضي البريطانية بكل حرية''. * * ما هي مصادر أخباركم؟ * * ومن بين الأسئلة الموجهة لفضيل: ''ما هي حيثيات وخلفيات قضية الشروق-القذافي؟''، قال فضيل: ''قضية عادية فصلت فيها عدالة بلادي''، وكان السؤال: ''لكن الحكم كان قاسيا؟''، وجاء الجواب: ''عدالتنا مستقلة، وأحكامها غير قابلة للتعليق، وقد إستأنفنا أمام السلطات القضائية''، وسارع الضابط البريطاني إلى التساؤل: ''..الحكومة تضامنت مع القذافي.. وقد مول الجماعة السلفية بفدية نظير الإفراج عن السائحين النمساويين؟''، فرد مدير ''الشروق'': ''هذا الأمر من إختصاص وصلاحيات السلطات الجزائرية حصريا، وهي المخولة وحدها للحديث في مثل هذه الملفات''، وتوالت الأسئلة وتعددت بطريقة سريعة، حول سبب تواجد فضيل بباريس وتصريحاته لقناة ''الجزيرة'' بشأن الباخرة الإعلامية لغزة. * وعندما قال ضابط المخابرات البريطانية لفضيل: ''من حقك أن تستعين بمحام''، رد مدير الشروق: ''أنا لست مذنبا أو مجرما حتى أطلب محاميا.. ليست لدي قضية عندكم.. سأدافع عن نفسي لوحدي''، وعندها قال الضابط: ''أنت موقوف غير محبوس''!، فقال فضيل: ''ما هي الصفة؟''، فرد عليه الضابط: ''أنت موقوف بحكم المادة 7 من قانون 0002 لمكافحة الإرهاب، الذي يسمح بتوقيف أي شخص وإحتجازه لمدة 9 ساعات، وخلال هذه المدة يحق للموقوف أن يستعين بمحام أو يرفض التصريح.. إذن فهو إجراء قانوني بالنسبة لبريطانيا''.