وضعت نيكول جنيسوتو، المختصة في مسائل الأمن الدولي والمديرة السابقة لمعهد دراسات أمن الاتحاد الأوروبي، ورئيسة جمعية "قارتنا الأوروبية" التي أسسها جاك دولور، وجيوفاني ڤريفي، الملكف بالبحث في نفس المعهد، صورة قاتمة للعالم سنة 2025 في الكتاب الصادر تحت عنوان "العالم سنة 2025 (le monde en 2025) عن دار روبير لافونت سنة 2007 وأعيد طبعه سنة 2008 بالجزائر على مطابع دار سيديا. * * المؤلفان طرحا جملة من الأسئلة الحساسة جدا متعلقة بمستقبل الأمن والسياسة والاقتصاد في العالم خلال الربع الأول من القرن الواحد والعشرين، وماذا ستكون عليه الصين ومستقبل الصراع في فلسطين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وماذا سيكون عليه وضع العالم بسبب ارتفاع حرارة الكوكب، وكيف سيتعامل العالم مع مشاكل الطاقة والأمن والهجرة وشيخوخة الدول الصناعية والزيادة الهائلة في عدد سكان دول الساحل الإفريقي التي سيعاني نصف سكانها من الفقر والاضطربات.. الكتاب قدم له المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، باسكال لامي. * سيجد سكان العالم الذين سيبلغ عددهم 7,9 مليار نسمة سنة 2025، متاعب جمة في اقتسام ثروات العالم لا سيما في مجالات الطاقة والمياه، مما سيرفع من حدة التوترات الجيوسياسية والنزاعات حول مصادر الطاقة والمياه، كما سيعرف العالم عند هذا التاريخ تغيرات هيكلية عميقة في تركيبته السكانية نتيجة للانفجار العظيم في عدد سكان دول الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا والشرق الأوسط الذين سيرتفع عددهم بنسب تتراوح بين 43 و48,3 بالمائة في منطقة الساحل الإفريقي و38 بالمائة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيما سيعرف سكان أمريكا اللاتينية بنسبة 24 بالمائة مقابل 21 بالمائة لسكان آسيا، وهذا على الرغم من تراجع نسبة النمو الديمغرافي من 1,2 حاليا إلى حدود 0,7 سنة 2030، وفي مقابل كل هذا لن تتجاوز نسب نمو عدد سكان دول صناعية متطورة مثل اليابان وبلدان الاتحاد الأوروبي 2,6 و2 بالمائة على التوالي مقابل 10,8 بالمائة في روسيا، أما النسبة الأحسن على الإطلاق فستحققها أمريكا ب 17 بالمائة، وهو ما سيجعل الشيخوخة التي هي ميزة العالم المتطور سنة 2025، فضلا عن تراجع عدد سكان الدول المصنعة إلى 15 بالمائة فقط، مما سيفجر مشاكل عميقة مرتبطة بسوق العمل في هذه الدول ونسب النمو الاقتصادي، وهنا ستطرح مسألة الهجرة بحدة وستزداد المشاكل المرتبطة بالأمن والمشاكل المتعلقة بزيادة عدد سكان المدن حيث سيصبح عدد سكان المناطق الحضرية في حدود 60 بالمائة على صعيد العالم، وهنا تكمن مسألة تدهور النظام البيئي بحدة. * وعلى العكس من المناطق الفقيرة والأكثر فقرا في العالم التي تعرف انفجارا ديمغرافيا، ومنها دول الساحل الإفريقي وآسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ستعرف دول مصنعة ومتطورة مثل اليابانوروسيا نموا سلبيا في عدد سكانها، حيث سيتراجع عدد سكان اليابان بحوالي 5 ملايين نسمة من 129 مليون حاليا إلى 124 مليون نسمة سنة 2025 فيما سيتراجع عدد سكان روسيا من 143,2 مليون إلى 129,2 مليون نسمة، ولن يرتفع عدد سكان أوروبا بأزيد من 12 مليون نسمة إلى غاية 2025، في حين ستسجل روسيا أعلى النسب في مجال الإصابة بالسيدا بين سكانها حيث سيبلغ عدد المصابين 11 مليون نسمة. * على الصعيد الاقتصادي ستواصل اقتصادات أمريكا واليابان والاتحاد الأوروبي هيمنتها فيما الناتج الداخلي الخام لكل من الصين والهند سيتضاعف ثلاث مرات من هنا إلى غاية 2025، بينما سيبلغ الناتج الداخلي للعالم 72 ترليون دولار مقابل 44 ترليون دولار سنة 2005. * على صعيد التنمية البشرية ستسجل دول مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية والشيلي والبرازيل واندونيسيا والمكسيك والأرجنتين وتايلاند، قفزات هائلة في مجال تنميتها، وسيعرف الناتج الداخلي الخام لها تطورا مرتفعا جدا، فيما ستواصل بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التقلب في تخلفها، وستزداد الهوة التي تفصلها عن العالم المتقدم اتساعا سنة 2025، رغم توفرها على مصادر طاقوية مهمة سيزداد الطلب العالمي عليها، وستصبح العامل الأول للتوتر في العالم، حيث سيبلغ الطلب العالمي على الطاقة عند هذا التاريخ حسب الوكالة الدولية للطاقة 17 مليار طن مقابل بترول، فيما ستبلغ أسعار النفط بالدولار الثابت 55 دولارا للبرميل مقابل 6.92 دولارا للمليون وحدة حرارية بريطانية. * وسيبلغ استهلاك العالم من البترول 116.3 مليون برميل يوميا حصة الأوبك منها في حدود 53 مليون برميل يوميا، وستبلغ نسبة الطاقة النووية من الاستهلاك العالمي 5 بالمائة مقابل 10 بالمائة بالنسبة للطاقات المتجددة، وسيتراجع إنتاج أمريكا من البترول إلى 4 ملايين برميل يوميا فقط مما يشكل ضغطا كبيرا على الدول المنتجة الأخرى، خاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (الجزائر وليبيا) التي سيرتفع إنتاجها إلى 61,3 بالمائة من إنتاج الأوبك؛ أي ما يعادل 43,7 مليون برميل في اليوم فضلا عن 900 مليار م3 من الغاز. * على صعيد القوة سيسجل العالم قدوم قوة جديدة متمثلة في الصين التي ستصبح مكافئا رئيسيا للقوة الأمريكية، مما سيفقد هذه الأخيرة وضع المسيطر على العالم وسيعيد للعالم توازنه مع بروز أقطاب جديدة في السياسة والاقتصاد والقوة العسكرية، خاصة بعد أن أصبحت الصين تلعب اقتصاديا دورا مهما في إفريقيا والشرق الأوسط وحتى أمريكا اللاتينية التي كانت إلى وقت قريب حديقة خلفية للبيت الأبيض وبعض القوى الأوروبية.