إذا كان العالم الذي يسمي نفسه متحضرا وديمقراطيا يصر على الدوام على عدم إقحام الدين في السياسة والرياضة في السياسة، فإن الكيان الصهيوني منذ إنشائه عام 1948 أقحم كل شيء في السياسة، بما في ذلك الرياضة، ولا يمكن أبدا نسيان آخر مونديال 2006 بألمانيا عندما كنا نتابع لقاء كرويا أحد المشاركين فيه هو منتخب غانا الإفريقي الذي تعاطف معه الجزائريون في بداية المنافسة، وفجأة بعد تسجيل هدفا غانا قام لاعب من هذا المنتخب الإفريقي بإخراج علم إسرائيل ورقص به.. * نعم علم إسرائيل، ولا أحد اعتبر ذلك فضيحة، وعندما أعلن أبو تريكة بقميصه عن تضامنه مع أبناء غزة اهتزت الدنيا ولم تقعد. وكان في عام 2004 خلال أولمبياد أثينا التي لم تتحصلت فيها الجزائر على أي ميدالية، قد ثار جدل متشعب إلى لقاء دراما بين المصارع الجزائري عمر مريجة في رياضة الجيدو بمنافس إسرائيلي، وفي ذات الأولمبياد طالب رئيس اتحادية الجيدو الإسرائيلي (إيدي كواز) الهيئات الدولية بإنزال العقاب على إيران؛ لأنها رفضت مقابلة إسرائيل، بعد أن أوقعت القرعة أبطالها ضد إسرائيليين. وكانت حجة إسرائيل عدم إقحام السياسة في الرياضة، رغم أن الغرب هم أصحاب هذه الأفكار، ونعلم جميعا ما قامت به الولاياتالمتحدة في أولمبياد موسكو 1980 عندما انسحبت من المشاركة بحجة دخول الاتحاد السوفياتي إلى أفغانستان التي تقوم حاليا باحتلالها، وتمكنت من إقناع عدة دول بالانسحاب من الأولمبياد، وأهمها طبعا إسرائيل، إضافة إلى المعسكر الغربي، باستثناء انجلترا وبعض الدول العربية، مثل مصر ودول الخليج العربي. وكانت أول دولة أدخلت السياسة في الرياضة هي فرنسا في دورة أثينا الأولى 1896، إذ هددت بالمقاطعة احتجاجا على مشاركة منتخب ألمانيا للجمباز، وكانت حينها قد وقعت حربا باردة ومناوشات عسكرية خفيفة ما بين ألمانياوفرنسا، كما قادت فرنسا حملة دعائية كبرى في دورة بلجيكا 1920 في الحرب العالمية الأولى لأجل سد الطريق في وجه الدول المنهزمة، وتمكنت فرنسا من شحن عدة دول وافقت على المقاطعة، وهي ألمانيا والنمسا وتركيا.. والنازية الألمانية أيضا كانت عنصرية في أولمبياد برلين 1936، عندما فاز الأمريكي الأسود »جيس أوينز« بذهبية 100م، فخرج هتلر غاضبا من الملعب الأولمبي، رغم أن البطل الأمريكي كان ظاهرة بإحرازه أربع ذهبيات. وأمريكا في دورة موسكو تمكنت من إقناع 62 دولة، منها حتى الإسلامية، بعدم المشاركة، وكل هاته الدول التي قاطعت دورة موسكو تتابع حاليا في صمت جرائم أمريكا في أفغانستان، بل أن البعض منها مثل فرنسا التي قاطعت دورة موسكو تشارك في احتلال أفغانستان، وكان رد السوفيات في دورة لوس أنجلس أيضا بالمقاطعة وسارت معها دول اشتراكية وبعض الدول العربية، مثل اليمن الجنوبي وسوريا وليبيا. * * إسرائيل في كأس العالم * * تمتلك إسرائيل في التصفيات الحالية لمونديال جنوب إفريقيا حظوظا كبيرة للتأهل لمونديال 2010 بسبب ضعف غالبية الفرق المشكلة لمجموعتها، وفي حال حصول ذلك ستشارك لثاني مرة في المونديال. ونتساءل دائما عندما تعزم قطر على استضافة الأولمبياد والمغرب ومصر على استضافة المونديال، كيف يكون رأيهم مع الوفود الإسرائيلي. ومن حظ الكيان الصهيوني أن الدول التي تستضيف الأولمبياد هي صديقة لها، حيث بدأت مشاركة إسرائيل بعد أربع سنوات من قيامها بوفد رمزي في دورة هلسنكي بفنلدا عام 1952، والنكتة أن إسرائيل لم تغب إلا في دورة موسكو 1980 تضامنا مع »أفغانستان«.. ما رأيكم في هاته النكتة؟!.. إسرائيل متضامنة مع بن لادن!! وفي دورة ميونيخ 1972 التف كل العالم حول إسرائيل، فسبب صفعة قوية صنعها كومندوس فلسطيني فهلك في قلب الدورة 11 رياضيا إسرائيليا وهلك أيضا 5 فدائيين فلسطنيين بعد هجوم قام به فدائيون من ثمانية أفراد احتجزوا الوفد الإسرائيلي، ليصبح التواجد الإسرائيلي خطرا على الدول المستضيفة للألعاب الأولمبية، كما حصل في بكين، حيث خصّتهم الصين بحراسة مشددة. وإسرائيل ضعيفة في عالم الرياضة، إذ لم تحصل في تاريخها إلا على ست ميداليات، أي أن الجزائر التي استقلت في الستينات أحسن منها بكثير، رغم أن تواجد إسرائيل رياضيا في أوربا يمكنها من تطوير نفسها، خاصة في كرة القدم التي لم تشارك في كأسها للعالم إلا مرة واحدة في مونديال ألمانيا عام 1974، ولحسن الحظ لم تشارك في هذه الدورة أي دولة عربية أو إسلامية، حيث مثلت الزائير إفريقيا، وكانت تأهلت في الدور الأخير على المغرب، وجاءت نتائج إسرائيل كلها هزائم، فخرجت من الدور الأول. * إسرائيل لم تحصل إلا على ست ميداليات في تاريخها وإسرائيل لم تشارك في المونديال إلا مرة واحدة، ولا تمتلك حاليا أي رقم قياسي عالمي أو أي بطل في أي رياضة كانت، ولكن همها الوحيد هو أن تكون الأقوى عسكريا وماليا وإعلاميا، فتلك هي الميداليات والكؤوس والأرقام القياسية التي تسعى إليها. *