مستشفى الشفاء يكتظ بالجرحى والشهداء صادف دخولنا مستشفى الشفاء صباح أمس، وصول عدة سيارات إسعاف تحمل عددا من المصابين جراء القصف المدفعي على شرق حي الشجاعية وحي الزيتون، وتابعنا دخولهم الى قسم الاستقبال والطوارئ الذي كان مكتظا بحالات سابقة يتعامل الاطباء معها وبعضها ملقى على الارض نظرا لعدم توفر أسرة كافية.. كانت هناك عدة حالات لجثث مقطعة الاطراف تم نقلها مباشرة الى غرفة العمليات ليتم إكمال بتر الاطراف المهشمة. * * طبيب جزائري عاين الكارثة في غزة: "ما يحدث هنا هو إبادة جماعية لشعب أعزل" * حماس: لن يأخذوا منا في المفاوضات ما عجزوا عنه في الحرب * * ووصلت حالات اخرى لقسم الاستقبال والطوارئ الذي يعاني فيه الاطباء والممرضون عناء شديدا، حيث ساعات النوم النادرة التي يتمكنون منها.. تم استقبال حالات قد فارقت الحياة، برغم عدم وجود أي إصابات خارجية. * وعند سؤالنا أحد الاطباء عن أسباب الوفاة أجابنا: ان الجيش الاسرائيلي يستخدم سلاحا جديدا يسبب النزيف الداخلي الشديد بدون ظهور أي أعراض خارجية.. وانتقلت الشروق بعد ذلك الى قسم العناية المركزة وكانت توجد بها 35 حالة حرجة جدا، رغم ان القسم لا يتسع الا ل 11 سريرا كان القسم يشهد حركة كبيرة من الاطباء والممرضين يسارعون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وسألنا الدكتور محمد عن نوعية الاصابات، فأجابنا قائلا: ان معظم الاصابات تعاني من كسور في الجمجمة وتهتك في الدماغ نتيجة القصف المتواصل وسقوط المباني على المواطنين الامنين.. وفي هذا القسم شاهدنا حالة صعبة جدا تعاني من كسور في الجمجمة، بالاضافة الى بتر في الاطراف السفلية، ولقد أفادنا العاملون في المستشفى انهم يعانون من نقص حاد في الادوية وتعطل كثير من الاجهزة، الا انهم يعملون بكل طاقتهم وإمكانياتهم المحدودة.. * ودخلنا بعد ذلك قسم الحروق، فشاهدنا بداخله أشخاصا قد اصيبوا بحروق شديدة نتيجة استخدام قنابل الفلسفور الابيض وهي شديدة التأثير وهي اما ان تؤدي الى الوفاة المباشرة او الى بتر الاطراف، لان الحروق الناتجة عنها تصل الى العظام مؤدية الى بتر هذه الاطراف، وفي هذا القسم استطعنا ان نعد أكثر من ستين حالة مختلفة درجات تشوهها.. * ولدى سؤالنا احد المرضى (محمد شملخ) أفاد انه في الساعة الثالثة فجرا امس، تساقطت على منزلهم كتل نارية في منطقة الشيخ عجلين تسببت في قتل معظم افراد عائلته نتيجة الحرائق وقد أصيب هو بحرق في اطرافه السفلى.. وعند انتقالنا الى قسم الامراض النفسية، فكان هناك كثير من حالات الهلع والخوف والبكاء والصراخ بسبب الصدمات النفسية التي تعرضوا لها المصابون بسبب القصف الليلي لمنازلهم وهم نيام، ولقد لاحظنا ان معظم تلك الحالات من النساء والاطفال، وعند توجهنا الى ثلاجة الموتى وجدنا في الثلاجة عديدا من الشهداء المشوهين والتي يصعب التعرف عليهم وشخصوا تحت عنوان مجهول بانتظار تعرف ذويهم عليهم، ونظرا لعدم توفر عدد من الثلاجات تم تكديس جثامين الشهداء فوق بعضهم البعض. * ونريد التنويه الى ان مستشفى الشفاء بغزة هو أكبر مستشفيات قطاع غزة وأكثرها امكانيات وهو يعاني هذه المعانة الشديدة، فكيف سيكون حال المستشفيات والعيادات الاخرى الأقل امكانيات بنسبة كبيرة. * وبينت أرقام الخسائر البشرية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، لغاية يوم 12 جانفي، أن هناك 910 شهيد، منهم 283 طفل و95 امرأة. ومن ضمن القتلى، هناك 12 عاملا في الطواقم الطبية. * وعلى صعيد الجرحى، يوجد ما لا يقل عن 3860 جريح، منهم 1485 طفل و637 امرأة. وتوجد 413 حالة تصنف على أنها حالات حرجة. فيما الخطر الذي تتعرض له الطواقم الطبية وصعوبة الوصول الى الجرحى من تحت المباني المدمرة يجعل من عملية الإجلاء الصحيحة وتقدير الخسائر البشرية أمرا بالغ الصعوبة. من غير الممكن في هذه المرحلة تحديد عدد الخسائر البشرية من ناحية تصنيف المدنيين مقابل المقاتلين. * من ناحية اخرى، وعلى الصعيد الانساني طبقا لمصلحة مياه البلديات الساحلية، لا توجد مياه لما يقرب من 500 ألف شخص، وهناك 500 ألف شخص آخر ممن يحصلون على المياه لمدة 4 الى 6 ساعات يوميا وبقية السكان يتسلمون مياها لمدة 4 إلى 6 ساعات كل 2-3 أيام. هذا وقد نزح ما بين 80 و90 الف مواطن فلسطيني من بيوتهم المهددة بالتدمير والقصف. * * شهادة طبيبين نرويجيين عن مستشفى الشفاء * * قال ماتس جلبرت وإيريك فوسي التابعين لهيئة إغاثة نرويجية: إن مستشفى الشفاء على وشك الانهيار، حيث يعاني من نقص في الأطباء الاخصائيين والمعدات الطبية الأساسية. وأضاف الطبيبان أن نوافذ المستشفى محطمة ومولدات الكهرباء تتوقف عن العمل يوميا. ونسبة كبيرة من المرضى، كما يقول طبيبا الإغاثة، مدنيون، بعضهم أطفال مصابون بجراح ناجمة عن الانفجارات والإصابة بالشظايا. * وذكر الطبيبان أن 12 من رجال الإسعاف قد قتلوا بسبب القصف، رغم وجود علامات واضحة على عرباتهم تدل على هويتهم. ويتعرض العاملون في الحقل الطبي والذين يعملون في ظروف شديدة الصعوبة بسبب الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة لإطلاق النار عليهم من الدبابات. كما واجه هؤلاء أياما طويلة من التأخير في الوصول إلى مواقع الهجمات، ليجدوا في بعض الأحيان حيوانات تنهش جثث القتلى. * * صواريخ المقاومة لا تتوقف عن دك المستوطنات * * أكدت مصادر اسرائيلية سقوط 14 صاروخا على بلدات ومواقع اسرائيلية منذ ساعات صباح امس، وأوضحت المصادر ان أربعة صواريخ سقطت على سديروت وثلاثة قرب بئر السبع وصاروخين على اشكول والنقب الغربي، كما سقط صاروخ على عسقلان، ما ادى الى اصابة منزل اصابة مباشرة. كما سقطت قذيفتا هاون على اشكول، وصاروخ على كريات غات وصاروخان على النقب الغربي. * وواصلت فصائل المقاومة امس الاثنين، قصف محيط قطاع غزة بالصواريخ والقذائف، رغم التحليق المروحي المكثف ووجود الجيش الاسرائيلي على محاور قطاع غزة الأربعة برا وبحرا وجوا. * وأعلنت كتائب القسام صباح أمس، عن إطلاقها صاروخ غراد نحو مستوطنة كريات غات واستهداف موقع المدفعية الاسرائيلية شرقي مخيم البريج وسط القطاع بصاروخ قسام، كما أعلنت عن تفجير عبوة أرضية بآلية اسرائيلية على جبل الكاشف شرقي مخيم جباليا. * من جانبها، تبنت كتائب شهداء الأقصى في فلسطين قصف مدينة عسقلان بصاروخين من طراز "فجر" المطور. * واشتبكت مجموعة من كتائب المقاومة الوطنية الجناح المسلح للجبهة الديمقراطية صباح امس الاثنين، مع قوة إسرائيلية خاصة غرب حي الزيتون، مؤكدة إصابة عدد منهم بشكل مباشر. * * قادة إسرائيليون: لقد فشلت الحملة على غزة * * اعترف ضباط ومسؤولون عسكريون إسرائيليون بفشل العملية العسكرية للاحتلال في غزة، معربين عن خيبة أملهم من إدراك رجال المقاومة الفلسطينية ل "تكتيك" المعركة وعدم اندفاعهم وراء جنود الاحتلال إلى المناطق المفتوحة ليتسنى "اصطيادهم" بالمروحيات عن طريق الجو. * وانتقد الضباط والمسؤولون العسكريون المماطلة من قبل دائرة صنع القرار الإسرائيلي في اتخاذ قرار حول استمرار أو وقف الحرب، مؤكدين على أهمية اتخاذ قرار فوري بوقف الحرب، لأن الوضع الحالي ينبئ بفشل الحملة العسكرية، مشيرين إلى خطورة تواجد القوات في "مستنقع" قطاع غزة. * وقالوا: إن "حماس لديها الوقت الكافي لتخطيط هجمات على المواقع التي يتواجد فيها الجنود"، محذرين من أن الانتشار الحالي سيقود إلى التعرض لهجمات وفقدان مزيد من الجنود. * * المواجهة الحقيقية لم تبدأ بعد * * وأشار مسؤولون عسكريون إلى أن حماس تعرضت لضربات قاسية، إلا أنها مازالت تحافظ على قوتها، مشيرين إلى أنه لا توجد مواجهة حقيقية مع فصائل المقاومة التي تبقى في مواقعها وتخطط لعمليات قنص وتفجير ضد القوات. * ويؤكد مسؤول عسكري أن الجناح العسكري لحركة حماس لم يتضرر تقريبا، وباستثناء خلايا معدودة، فإن القوات العسكرية لحركة حماس لم تأخذ بعد دورًا في القتال. * وأضاف: في غزة هناك جيش مدرب تلقى التدريب من أفضل المدربين الإيرانيين، وهو مزود بسلاح وصواريخ متطورة، على حد قوله، وقال: واضح للجميع أن الجيش الحقيقي ينتظر في شوارع وأزقة قطاع غزة، وحماس تنتظر خيارين: عملية نوعية ضد القوات الإسرائيلية أو أسر جنود لإنهاء الحرب، وهذان السيناريوهان من شأنهما تأجيج الرأي العام الإسرائيلي والضغط على الحكومة لوقف الحرب واستعادة الجنود من غزة، وسيناريو آخر لوقف الحرب: خطأ إسرائيلي يؤدي إلى مجزرة على غرار مجزرة قانا تزيد الضغوطات على إسرائيل لوقف الحرب. * ويضيف أن القادة العسكريين يؤمنون أن العملية البرية المحدودة استنفدت وأن حالة المراوحة في المكان ستؤدي إلى أحد نفس السيناريوهات، لذلك يضغطون على المستوى السياسي لاتخاذ قرار إما بتوسيع الحملة أو وقفها، مع العلم بأن رئيس هيئة الأركان جابي أشكنازي ووزير الحرب إيهود باراك يفضلان وقف الحرب والتوصل إلى تسوية، في حين ترى وزيرة الخارجية أنه ينبغي وقف الحرب بشكل أحادي مع التلويح بتجديدها إذا ما تجدد قصف الصواريخ.