تشرع الخزينة العمومية في منح التعويضات الصادرة عن المحكمة العليا لفائدة ضحايا الحبس الاحتياطي، بداية من الشهر القادم، بحيث أفادت مصادر قضائية أن مصالح وزارة المالية انتهت من صياغة مشروع المرسوم التنفيذي الذي يحدد كيفيات تنفيذ مقررات التعويضات الصادرة عن المحكمة العليا لصالح ضحايا الحبس الاحتياطي. * * * التقارير تتحدث عن 56 ألف شخص وضحايا حملة "الأيادي النظيفة" في المقدمة * وبعد اطلاع وزارة العدل عليه في الأيام الماضية، ينتظر اليوم مصادقة الحكومة على مشروع المرسوم التنفيذي الذي سيفتح الباب أمام الشروع في تلقي الضحايا لتعويضاتهم. * وحسب مصادر "الشروق" فإنه بمجرد صدور المرسوم التنفيذي، الذي أعدته مصالح الدائرة الوزارية لكريم جودي في الجريدة الرسمية، فإنه يتعين على أصحاب مقررات التعويض الصادرة على اللجنة المكلفة بإقرار التعويض التقرب من مصالح الخزينة العمومية على مستوى ولاياتهم، قصد صرف قيمة مقررات التعويضات التي حكمت بها المحكمة العليا، وبقيت عالقة لأسباب ذات صلة مباشرة بكيفيات تنفيذها، كون الأمر يتعلق بقطاع آخر هو قطاع المالية المفوض بوضع الصيغ القانونية الكفيلة بصرف أموال الخزينة العمومية. * وحسب مصادرنا فإن عدد المعنيين بالتعويض يفوق ال56 ألف ضحية، وهو رقم تقريبي، لأن المؤسسات المعنية بإحصاء هؤلاء لا تقدم أرقاما مفصلة في مثل هذه الحالات، كما أن التعويض يبقى دائما متعلق بتقديم الضحية لطلب التعويض أمام المحكمة العليا، في آجال محددة لا تتجاوز مدة 6 أشهر من ظهور براءة ضحية السجن الاحتياطي، عملا بأحكام التعديلات التي تضمنها القانون المعدل للإجراءات الجزائية شهر جوان 2001، والمصادق عليه من طرف غرفتي البرلمان وهي التعويضات التي تضمنتها المادة 137 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية، والتي تقر بتعويض الأشخاص الذي كانوا ضحايا حبس مؤقت تعسفي، نزولا عند توصيات الإصلاح التي أمر بها الرئيس بوتفليقة، غير أن المحكمة العليا لم تشرع في دراسة طلبات هؤلاء إلا في صائفة 2006، إثر صدور المرسوم الذي يقر تشكيل لجنة تعويض ضحايا الحبس الإحتياطي على مستوى المحكمة العليا. * وحسب ما أفادت به مصادرنا فإنه من مجموع ال 56 ألف ضحية يوجد 1500 شخص غالبيتهم من الإطارات المسجونة ضحايا الحبس المؤقت الذين تمت تبرئتهم من طرف العدالة، تحصلوا على مقررات من المحكمة العليا شهر أفريل من السنة الماضية، وتقضي هذه القرارات بتعويضهم عن مدة حبسهم المؤقت تماشيا مع القيمة التي تفرزها مدة الحبس. * وإن كانت الشريحة الأوسع من ضحايا الحبس الإحتياطي، هم الإطارات المسجونة التي تمت محاكمتها في إطار ما سمي بحملة "الأيادي النظيفة" التي انطلقت بداية التسعينات، من بينها إطارات عليا أشرفت في وقت سابق على تسيير شركات عمومية عرفت إفلاسا، أو خضعت للخوصصة فإن الفئة الأخرى من الضحايا هم أشخاص تمت محاكمتهم في إطار القانون العام، والعدالة برأتهم بعد ذلك. * وكانت اللجنة المكلفة على مستوى المحكمة العليا قد تلقت انتقادات واسعة، بسبب بطء إجراءات الفصل في ملفات طلبات التعويض عن الحبس المؤقت أو ما يعرف بالحبس الاحتياطي وهو السبب الذي أنتج تراكما في الملفات على مستوى لجنة التعويض، وذلك لأسباب لخصتها العديد من الأطراف في كون اللجنة لم تعمل بالطريقة التي كان يفترض أن تعمل وفقها وبالدينامكية اللازمة للفصل في العدد الهائل من الطلبات المودعة والمقدرة بعشرات الآلاف. * تعويض ضحايا الحبس المؤقت فرضه "الريتم" البطيء الذي كانت تتعامل به العدالة مع الملفات، بسبب نقص عدد القضاة المؤهلين، وحسب مصادرنا فإن عددا جديدا من طلبات التعويض يكون قد أودع بالمحكمة، ويتعلق الأمر بشريحة من نوع خاص وهي للأشخاص المتهمين في قضايا مرتبطة بالإرهاب، هذه الفئة التي قضت مدة حبس تجاوزت مدة 44 شهرا، وهي المدة المحددة قانونا للحبس المؤقت في هذا النوع من القضايا. * وكان رئيس اللجنة الاستشارية لتطوير وترقية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني قدم تبريرات بخصوص طول مدة الحبس الإحتياطي بالنسبة للموقوفين في قضايا إرهابية، إذ قال في تصريحات سابقة أن طول مدة الفصل في هذا النوع من القضايا مبرر لارتباطه بتمكين القضاة من التحقيق في القضية عكس القضايا العادية الأخرى التي يمكن معالجتها، في مدة أقصر لا تستدعي وضع المتهمين رهن الحبس المؤقت لمدة أشهر في غالبية الأحيان.