المبدع دليل ساسي عثرت الشروق على هذا الأخير صدفة اثر زيارة قادتنا إلى جمعية أضواء السينمائية، لم يكن يقوى على الحديث بسبب الآلام التي كانت تعتريه نتيجة إصابته بسرطان على مستوى الحنجرة مثلما علمنا.وهو ما أخضعه إلى عملية جراحية خلفت له ثقبا رهيبا في الرقبة، لكن لوحاته وإبداعاته الجميلة والفريدة من نوعها عبرت عنه وعن ملكته الفنية أكثر من أي لغة في العالم. * * لوحاته قذف بها إلى الشارع بعد إقالة الزاوي من المكتبة الوطنية * * اسمه دليل ساسي، رسام موهوب في ستينات العمر حائز على شهادة ليسانس في العلوم السياسية والاقتصادية عام 1975، فلسفة فنه فريدة من نوعها وتخصصه مختلف عن روائع اسياخم و بيكاسو أو ليوناردو دافينشي ..لكن الفنان الجزائري "ساسي" عبقري في الغوص إلى ابعد ما تصل إليه العين المجرد ة..يرى في الأشياء مهما كان نوعها جامدة أو متحركة أسرارا كونية ذات أبعاد لونية ساحرة..ورغم انه مصاب بأخطر الأمراض التي يقف العلم عاجزا أمامها ، إلا ان الابتسامة لم تكن تفارق شفتيه ..رغبته في ان نطلع على لوحاته جعلته يقودنا إلى الورشة التي ولدت فيها أروع ما أنجز.. كانت واقعة على بعد 200 مترا من جمعية أضواء السينمائية وهناك شاهدنا ما لا تقوى العين على مقاومة سحره من لوحات تزاحمت فيها الألوان..حاول ان يشرح لنا بصعوبة شديدة "تقنية الأضواء " التي يطبقها على رسوماته الخارقة للعادة والتي اطلعنا انها حيرت سفير الصين بالجزائر وجعلته لا يعثر على الكلمات التي يصف بها جمالها.. * عجزه عن مواصلة الحديث معنا بعد ان حاولنا عبثا فهم ما كان يود ان يتلفظ به من كلمات ،في الوقت الذي كنا نسمع فيه صفير أنفاسه وزفراته الحادة التي بعثت فينا الأسى والحزن ..دفعه إلى التخاطب بالكتابة والتي علمنا من خلالها انه ظل منذ 1988 إلى غاية 2002 رئيسا لمتحف الفنون في الجزائر وانه أمضى ما يفوق ال60 معرضا في الكاليغراف والمنمنمات وفن الرسم على السيراميك والنقش على الخشب وغيرها من الإبداعات التي أمضتها ريشته المميزة ..حاول ان يعود إلى الكلام مجددا واخبرنا انه يعاني اليوم من التهميش واطلعنا انه وقع ضحية إقالة الدكتور أمين الزاوي من منصبه كمدير للمكتبة الوطنية، حيث كان من المزمع ان يعرض في 19ال من نوفمبر المنصرم ما يفوق المائتين لوحة، لكن المشروع سقط في الماء وألقيت لوحاته في الشارع ولم يراع أهل مكتبة الحامة قيمة تلك الإبداعات. * قبل ان نغادر ورشته ألح الرسام دليل ساسي على قول كلمة أخيرة "علها تصل إلى أسماع المسؤولين في بلادنا " ،" اعلم ان لا قانون يحمينا في الجزائر كفنانين ولا وثيقة تؤمن على حياتنا وعندما يتعرض أحدنا لمتاعب صحية، فإنه يبقى عرضة للضياع، فلا تشفع له شهرته ولا إبداعاته في التمتع بحماية اجتماعية كريمة.. لكني لم أفكر أبدا في مغادرة بلدي حتى وان لم اظفر بحقوقي في كنفها ، إلا اني أعيش اليوم على أمل فتح المجال للشباب الموهوب وان لا تحصد آلة الطمس الأجيال القادمة .."