رفيق العنقى حفيد العنقى طريح الفراش ولا مغيث/ تصوير:حفيظ يُحتفى باسمه كل سنة وتنظم على ذكراه الزردات.. لقّبوه بالكاردينال وصمّموا لأجله تمثالا شامخا في ذاكرة الجزائريين.. * * إنه الحاج محمد العنقى، الذي لسنا اليوم بصدد التعريف به، فهو غني عن كل تعريف، لكن ما قيمة الاسم إذا كان جزء من أسرة فقيد الأغنية الشعبية وعميدها على الإطلاق، تصرخ اليوم من قهر التهميش، وتستجدي الصدقة من وزارة ولد عباس، بعد أن تقطعت بها الأسباب، فرفيق، حفيد الشيخ وابن نجله الممثل الشهير مصطفى العنقى، الذي كان عاملا في مصلحة الإنتاج بالتلفزيون الجزائري، مصاب بشلل كلي ويعاني منذ عام من آلام شديدة في غياب تلقيه العلاج الطبيعي.. في ظل تلك المأساة تعمل الوالدة في التنظيف لتؤمن مصاريف الدواء المقدّرة يوميا ب أربعة آلاف دينار. ولتسد الأفواه الجائعة لأسرتها المكتظة في شقة ضيقة. * حين استأذنتُ السيدة فضة، أرملة الممثل مصطفى العنقى لأزورها في بيتها، كان ذلك بنية الحديث عن زوجها الفنان الراحل، الذي عرفناه عبر أدوار كوميدية جميلة ومميزة في "الدايم الله" و"عايش ب 12" وغيرها من الأعمال الخالدة، لكننا فوجئنا خلف باب البيت العنقاوي بمأساة حقيقة اسمها رفيق العنقى. * رفيق شاب في السادسة والثلاثين، متزوج منذ سنتين، لكن مشيئة الخالق خطفت منه نعمة الحركة، إثر حادث سيارة وقع له في رمضان الفائت، والمؤسف هو أن رفيق كان يعيل قبل مصيبته أسرة كبيرة يكتظ أفرادها في شقة ضيقة من ثلاث غرف. جلسنا إلى رفيق وهو ملقى على سريره.. كان منظر "مصل التبول" المربوط ببطنه يبعث على الشفقة والحزن، ثم راح يروي تفاصيل معاناته:"أتصدقون بأنني حفيد الكاردينال؟..أنا اليوم مشلول ولا حول لي ولا قوة..لست معترضا على مشيئة الله، لكنني مستاء من وزارة الثقافة التي تزعم مساندة المثقفين والفنانين الجزائريين، لكنها لم تكلف نفسها عناء السؤال عني والاستجابة إلى نداءاتي المتكررة ومساعدتي في السفر إلى الخارج لتلقي العلاج الطبيعي، كما أشار به علي الأطباء.. دائما تتصل والدتي بهم ولا نجني منهم سوى الوعود، واليوم أنا لا أطالب بحقي في تكفل الدولة كوني حفيد العنقى، بل لأنني كنت فاعلا في مجال السمعي البصري، فقبل مصيبتي كنت مهندس صورة ومسؤول إضاءة ممتاز والجميع يشهد لي بذلك، وإن شئتم اسألوا لخضر بوخرص عن أدائي في عمارة الحاج لخضر و"ڤربي بالاس"، واسألوا الحاج رحيم أيضا". يتنهد محدثنا ويبكي قبل أن يضيف: "ارحموني وارحموا والدتي التي تتقطع ألما لأجلي، وزوجتي التي تأبى التخلي عني رغم شللي وعسر حالي". * * أرملة مصطفى العنقى عاملة نظافة وتصرف يوميا 4 آلاف دينار على دواء ابنها * كانت والدة رفيق تبكي بحرقة ونحن نتحدث إلى ابنها المشلول..أخبرتنا بأسف شديد بأنها تعمل على إطعام أسرتها من عملها في التنظيف: "نعم أنا فام دوميناج ومستعدة للاستمرار في عملي ما حييت حتى لا تموت أسرتي جوعا أو أقصّر في تأمين الأدوية الباهظة، فالأمر لا يتعلق ب"أسبرين" وإنما بميزانية تقدر ب 4000 دج تصرف يوميا على الدواء وعلى والحفاضات". * تبكي السيدة فضة بحرقة شديدة ويقطعها بكاءها عن الكلام ثم تمسح دموعها لتواصل:"لا أريد من المسؤولين اليوم سوى إسعاف ابني المشلول المحتاج للعلاج بالخارج، لن أخاطبكم بصفتي أرملة الفنان الراحل مصطفى العنقى ابن الحاج محمد العنقى، بل كأم جزائرية تتقطع ألما وهي ترى ابنها ذو ال 36 عاما وقد سرقت من قلبه الفرحة وهو لا يزال عريسا..أغيثوني في محنتي ..أقولها اليوم دون حياء..أعينيني يا وزارة التضامن". * * 6 آلاف دينار منحة تقاعد الراحل مصطفى العنقى ولم يكرم يوما في حياته * تتذكر محدثتنا: "قالها لي زوجي، رحمه الله، وأنا اليوم أشعر بها وأتجرع ويلاتها الفنان الجزائري مهمش يا فضة ووضعيته ستزيد سوءا مع الأيام والفن في الجزائر لا ُيطعِم"، قبل أن تضيف:"أليس عيبا أن لا يقف التلفزيون الجزائري ولو لخمسة دقائق عند ذكرى الفنان مصطفى العنقى؟، ولماذا لم تفكر وزارة الثقافة في تكريم أرملته ضمن أي مناسبة من المناسبات، التي تهدر فيها أموال طائلة على الفنانين الأجانب؟، وكم شعرت بالغيض في ليلة الفنك الذهبي التي كرم فيها حمراوي الفنانين السوريين رغم غيابهم عن الحفل.. هل يعقل هذا والفنان الجزائري يموت جوعا؟". * * "اسم العنقى شيعة بلا شبعة ولم نظفر يوما بدعوة لتكريم الكاردينال" * علمنا من أسرة مصطفى العنقى أنها لم تظفر يوما بدعوة لحضور الملتقيات والتكريمات التي تنظمها الدولة احتفاء بذكرى الكاردينال، تقول السيدة فضة "لم نأخذ من العنقى الكبير سوى الاسم فقط.. شيعة بلا شبعة.. وكم أتحسّر عندما أشاهد عبر التلفاز مجريات تنظيم ملتقيات ومواعيد ضخمة على شرف الحاج محمد، لكن على المسؤولين أن يعلموا أن الكاردينال كان طول حياته في غنى عنهم لأنه بنى نفسه بنفسه بفنه الفريد من نوعه، وبنشاطه الدؤوب على إقامة الحفلات والأعراس والقعدات".