زياني إلتحق بركب الهاربين ومنصوري بقي وحده في فرنسا بلحاج أقسم بأن لا يعود إلى فرنسا أخيرا نجح منتخبنا الوطني في تخطي كل الحواجز النفسية التي عانى منها خلال أزيد من عشريتين.. * * وإذا كان منتخب الثمانينيات قد نجح بلاعبين محليين كان أبرزهم ينشطون في البطولة الجزائرية مثل فرڤاني وڤندوز وعصاد وماجر وبلومي، إذ لم يكن ضمن التشكيلة التي واجهت ألمانيا وفازت عليها في 16 جوان مع الاحتياطيين إلا ثلاثة لاعبين فقط ينشطون في فرنسا من ضمن 13 لاعبا واجهوا رفقاء »ليتبارسكي« وهم منصوري وقريشي ودحلب.. إذا كان هذا هو حال منتخب الثمانينيات، فإن المنتخب الحالي بلاعبيه الأساسيين الذين واجهوا مصر، ثم زامبيا لا يوجد به الآن سوى يزيد منصوري الذي ينشط في فرنسا مع نادي لوريون المتواضع بعد رحيل كريم زياني بصفة رسمية من مارسيليا ومن فرنسا.. وإذا تم ضم لبدة من بنفيكا البرتغالي ومقني من نادي لازيو روما الإيطالي، فإن التشكيلة الأساسية مرشحة لأن لا تتكون من أي لاعب ينشط في بطولة فرنسا. * * المصريون اتهموا المنتخب الجزائري بكونه "متفرنس" * بعد فوز المنتخب الجزائري أمام نظيره المصري بالثلاثية الشهيرة، صبّت بعض تعاليق النقاد والإعلاميين الأشقاء المصريين في كون المنتخب الجزائري ينشط بلاعبين من البطولة الفرنسية، وهي نظرة خاطئة، حيث يلعب المنتخب الوطني بلاعبين ينشطون في كل البطولات الأوروبية مثل إيطاليا وألمانيا واسكتلندا واليونان والبرتغال.. وأصبح التواجد الفرنسي من الأمور الشاذة في المنتخب الجزائري الذي يضم حاليا لاعبين إثنين فقط من البطولة الفرنسية سنّ أحدهما 32 وهو منصوري وسن الثاني 35 وهو صايفي، مما يعني أن المنتخب الجزائري سيلعب في أقرب الآجال بتشكيلة من دون رائحة فرنسية، ونجاح المنتخب الجزائري كان دائما بعيدا عن التشكيلات التي تنشط في فرنسا، وقد ذاق منتخبنا العلقم مع المدرب البلجيكي "واسايج" الذي اقترح على منتخبنا فقط اللاعبين الذين ينشطون في بطولات فرنسا بما فيها الدرجة الثالثة فحدثت هزائم مذلة فعلا ما كانت لتحدث لو لعبنا بعناصر محلية أو حتى بأندية جزائرية.. و"الكوكتيل" الذي يقترحه منتخبنا حاليا من مختلف البطولات الأوروبية وفي غياب "التوابل الفرنسية" هو الذي جعل منتخبنا بهذه القوة الضاربة الآن. * * فرنسا مقبرة النجوم "الجزائريين" * مع أن المنتخب الفرنسي الذهبي في عهد زين الدين زيدان كان مزيجا من الأجناس الذين أطعموا فرنسا لأول مرة وربما ستكون آخر مرة حلاوة كأس العالم، إلا أن نظرة فرنسا كرويا للاعب الجزائري بالخصوص لم تتغير.. وهذا منذ الستينيات من القرن الماضي.. ولاعب مثل مصطفى دحلب ظل على الهامش وكان من ظواهر الكرة العالمية ولعب 10 سنوات قضاها نجما في باريس سان جرمان ولو انتقل لنادي أوربي آخر لكان من نجوم الكرة الذين يضرب بهم المثل، خاصة أن فرقا برازيلية كبيرة كما قال "للشروق" ذات مرة كانت تتمنى أن يتقمص ألوانها، وقد تحولت فرنسا بالنسبة للكثير من النجوم الجزائريين إلى شبه مقبرة للمواهب، كما حدث مع بن ساولة في لوهافر وأيضا مع عصاد الذي وجد نفسه في القسم الثاني مع نادي ميلوز وعندما انتقل إلى باريس سان جيرمان صار لاعبا إحتياطيا رغم أنه أبدع في لقاء أوروبي ضد جوفنتوس، وكاد النجم الكبير رابح ماجر أن يضيع لو بقي في فرنسا، حيث وجد نفسه مع نادي راسينغ باريس ولعب معه حتى في الدرجة الثانية، وكان واضحا أن مستوى ماجر أقوى حتى من مدربه، وعندما انتقل إلى البرتغال انفجر نجمه وأحرز على لقب أبطال أوروبا وسجّل هدفا خالدا ما كان ليفعله لولا مغادرته فرنسا، كما نجح ماجر أيضا مع فالونسيان الإسباني والتاريخ لا يكاد يذكر السنوات الكثيرة التي أمضاها ماجر في فرنسا، وعانى بلال دزيري وآشيو أيضا من التهميش في فرنسا، كما عانى تاسفاوت ومصابيح وانطفأت الكثير من النجوم التي تكهن لها الجميع بأن تبلغ العالمية بسبب خياراتها الفاشلة في الأقسام الدنيا والفرق الفرنسية المغمورة، ولحسن حظ زياني أنه لحق نفسه وإلا ضاع في كرسي الإحتياط مع نادي مارسيليا الذي أوصله الجزائري الموسم الماضي للحصول على المركز الثاني واللعب في بطولة دوري أبطال أوربا، كريم الذي احتفل في مارس الماضي بعيد ميلاده 27 وهو من أم فرنسية ومن مواليد فرنسا، واجه التهميش منذ أن لعب مع نادي تروا، حيث تمت إعارته لنادي "لوريون" عام 2004 بالقسم الثاني ورغم بروزه مع سوشو وفوزه بكأس فرنسا عام 2007، إلا أن معاناته تواصلت، ولم يستطع بعد تنقله إلى مارسيليا من إقناع مختلف المدربين الذين تحججوا تارة بقدوم اللاعب فالبوينا وأخرى باختيارات المدرب الجديد ديدي ديشان، فكان خيار زياني حمل حقائبه ومغادرة فرنسا لإنقاذ نفسه وإنقاذ المنتخب الوطني، لأن بقاءه على كرسي الإحتياط يعني ضربة موجعة له وللخضر. * * بلحاج دفن في ليون وعاد للحياة في إنجلترا وبوڤرة أخذ العبرة من حمداني * كل فرنسا كانت تتكهن لنذير بلحاج بأن يكون أحد نجوم العالم وكانت صفقة إنتقاله إلى نادي أولمبيك ليون من أكبر الصفقات في تاريخ البطولة الفرنسية، ولكن ليون الذي صار ظاهرة فرنسية استكثر على نذير بلحاج أن يلعب إلى جانب بن زيمة وجنينيو فأرقدوه في دكة الاحتياط، فقرر إنقاذ نفسه فانتقل إلى بورسموث الإنجليزي الذي منحه فرصة التألق، ورغم وضعه في آخر الجولات في الاحتياط، إلا ان بلحاج يدرك أن ذلك بسبب خيارات فعلية تكتيكية، وعودته كأساسي مؤكدة، عكس ما تأكد منه في ليون وهو بقاءه على الهامش حتى لو أصيب كل اللاعبين.. أما مجيد بوڤرة الذي سيبلغ قريبا من العمر 27 سنة فكان مصيره في فرنسا الدرجة الثانية فقط مع نادي غانيون ولما طار الى انجلترا ولعب بالخصوص مع شفيلد وانزدي تذوّق الطعم الحقيقي لكرة القدم، ثم أخذ العبرة من صديقه إبراهيم حمداني الذي عانى التهميش في فرنسا قبل أن يلعب نهائي كأس الإتحاد الأوروبي مع غلاسكو رانجرس الأسكتلندي فسار على دربه، وصار مثل الملوك في مدينة غلاسكو، وسيلعب هذا الموسم مع ناديه بطولة أبطال أوروبا، وهو ما سيعود بالفائدة على منتخبنا الوطني في حالة التأهل لكأس العالم. وقد بلغت صفقة انتقال بوقرة لرانجرس 3.5 ملايين أورو، وطبعا لو بقي بوقرة مع ناديه الفرنسي غانيون ما كان شأنه كما هو الآن. * غزال وغيلاس وجبور ومطمور أيضا عانوا من التهميش أو دعونا نقولها صراحة العنصرية خلال تجاربهم مع الكرة الفرنسية المرشّحة لأن تغيب عن المونديال بفعل نتائجها السيئة لحد الآن في التصفيات، بينما ترشّح كل التكهنات الجزائر للتواجد في المونديال بلاعبين ينشطون خارج البطولة الفرنسية.. وسيكون حدثا كبيرا ينهي "الإستعمار الفرنسي الوهمي" للكرة الجزائرية.