التصنيف الأخير للدول الأكثر تضررا من الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة في العالم، وضع الجزائر ضمن العشرة بلدان الأكثر تضررا والمعرضة في السنوات القادمة للجفاف الكامل والعطش الخطير.. * * والمواطن لم يكن في حاجة إلى هذه التقارير الصادرة من الهيآت الدولية، لأنه عاش منذ شهر جوان الماضي وسنوات سابقة هذه التغيرات والارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة التي حطّمت كل الأرقام القياسية خلال شهر جويلية الحالي، وحتى التساقط القياسي للأمطار في الشتاء الأخير اعتبره المختصون بالحالة الاستثنائية التي لا يمكن أن تتحوّل إلى قاعدة وقد لا تتكرر إطلاقا.. * المشكلة لا تكمن في ارتفاع درجة الحرارة، لأن الحياة موجودة لدى أسخن البلدان، ولم تتوقف يوما في البلدان الاستوائية والصحراوية، ولكن المشكلة في كيفية التعامل مع هذا المتغيّر الجديد الذي قد يحل بالجزائر في السنوات القليلة القادمة، خاصة أن الغطاء النباتي عندنا تراجع بمتتالية هندسية توحي أننا لن نجد شجرة نستظل تحتها في أقرب الآجال، ونتورّط جميعا سلطة وشعبا في هذه الكوارث الايكولوجية التي جعلت الجزائر أكثر البلدان إصابة "بالصلع" النباتي الغابي الذي صار مزمنا وخطيرا بسبب الحرائق، وأيضا بسبب توقف حملات التشجير وزحف الإسمنت على الطبيعة حيث يستولي الأثرياء على البساط الأخضر لتشييد فيلاتهم وقصورهم الإسمنتية، ويستولي المعذبون في الأرض على البساط الأخضر لبناء أكواخهم القصديرية في معادلة "أصمت على جشعي أصمت على تجاوزاتك".. والفقراء والأثرياء أو لنقل المسؤولين والبسطاء يتحّدون فقط في القضاء على الأخضر في الجزائر، ولا يجد هذا الأخضر من يدافع عنه. * المواطنون يبحثون عن الحلول المؤقتة لتجاوز هذه الحرارة، حيث تحوّل اهتمامهم الآن إلى تحويل المكيفات الهوائية إلى ضروريات وبدأوا يبدعون في التعامل مع هذه الحرارة المتزايدة من سنة إلى أخرى، ورغم أن النشريات الخاصة والنصائح التي تقدمها مصالح الأحوال الجوية والحماية المدنية والصحة والغابات لا تتوقف نهائيا كلما اندلعت درجات الحرارة، إلا أن برنامجا حكوميا فعّالا صار ملحا الآن للتعامل مع الحرارة المرتفعة، خاصة أن مصالح سونلغاز عجزت عن توفير شروط الراحة التي يبتغيها المواطن البسيط الذي لا تقنعه كل المبررات التي تصله عن ضرورة تقليص استهلاكه للطاقة حتى ولو جاوزت الحرارة الرقم خمسين. * في بنغلاداش يوجد برنامج خاص للتعامل مع الفيضانات تسير عليه الدولة وتفرضه على المواطنين.. وفي أمريكا بدأت بوادر وزارة أعاصير تظهر للوجود.. أما عندنا فالحرارة تزحف وتحاصرنا ونحن جميعا نرحّب بها ... بحرارة؟