شهدت سنة 2009 أحداثا مهمة تركت بصماتها على المجتمع الجزائري، وكان بداية انتشار وباء أنفلونزا الخنازير وما صاحبه من موجة هلع وقلق بسبب تضارب الآراء حول تجارب التلقيح هو أبرزها. * كما سجلت هذه السنة عودة الروح الوطنية عبر بوابة كرة القدم، كما شهد الجزائريون تغيير العطلة الأسبوعية وحدث بسبب ذلك كثير من الارتباك بعد 33 سنة من اعتماد يومي الخميس والجمعة كعطلة نهاية الأسبوع. * هذه السنة سجلت عددا غير مسبوق في ضحايا حوادث الطرقات، وكذا منع القروض الاستهلاكية من أجل اشتراء السيارات مقابل اجتياح موجة من الغلاء ورفع الأجور بنسبة بسيطة ولا يزال المواطن يبقى معها عاجزا عن مواجهة تكاليف الحياة.. ويتطلع الجزائريون لأن تكون سنة 2010 أفضل وأهنأ وأرغد على المستوى الاجتماعي. * * وفاة 44 جزائريا واحتمال إصابة 80 ألف مواطن بالوباء * أنفلونزا الخنازير.. أخطر وباء يهدد العالم في مطلع القرن الواحد والعشرين * * عرفت أنفلونزا الخنازير، التي ظهرت لأول مرة في المكسيك، في ربيع هذه السنة، انتشارا سريعا لم يسبق له مثيل عبر العالم، لتصبح بعد بضعة أشهر من ظهورها أخطر وباء في القرن 21. ويعد انتشار هذا الوباء، دون أي منازع، من أهم الأحداث التي ميزت سنة 2009 على مستوى الجزائر والعالم بأسره. * كانت الجزائر قد سجلت أول إصابة بالفيروس يوم 19 جوان الماضي لدى امرأة قادمة من مياميالأمريكية على متن طائرة للخطوط الجوية الألمانية »لوفتهانزا« بعد ظهور أعراض الزكام عليها وعلى أحد ابنيها المرافقين لها خلال سبعة أيام منذ تاريخ وصولها، إلا أنها لم تكن متأكدة من خلوها من الفيروس وكان ابنها قد التقط المطوية واحتفظ بها وبمجرد أن ارتفعت درجة حرارة والدته وظهرت عليها أعراض الزكام من تعب وسعال وحمى نصحها بقراءة المطوية والتوجه لأقرب مستشفى. واتجهت السيدة »س«، مساء يوم الخميس 19 جوان، إلى إحدى المؤسسات الاستشفائية في العاصمة واكتشفت حالتها بعد تأكيد المخبر المرجعي لمعهد باستور إصابتها بفيروس "اتش1أن1" بفضل يقظة ابنها وفعالية المعلومات التي تحتويها مطويات المركز الصحي للمراقبة الحدودية في إطار المخطط الوطني للوقاية من أنفلونزا الخنازير. وبعدها مباشرة طلبت الجزائر 20 مليون لقاح من معهد "غلاسكو جي آس كا" البرطاني، فرع كندا، وكانت من بين 25 دولة سارعت إلى طلب اللقاح. ومما زاد من تخوف السلطات الجزائرية من هذا الوباء، هو ظهور 50 إصابة وحالتي وفاة عشية عيد الأضحى المبارك، ويتعلق الأمر حسب ما أكده بيان لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أنذاك بسيدة من ولاية وهران تبلغ من العمر 27 سنة رفقة مولودها الحديث وكذا سيدة أخرى في الخمسينات من العمر تنحدر من ولاية بسكرة كانت تعاني من مشاكل صحية سابقا. * وبعد ظهور حالات وفيات في الجزائر، أطلقت وزارة الصحة صفارة الإنذار، ورصدت الحكومة الجزائرية أكثر من 1200 مليار سنتيم و16 مليون قناع واقي وأكثر من 6.5 ملايين علبة دواء "تامفلو" وقرابة 100 ألف علبة دواء "سايفلو" منتج محليا، وهي أرقام ضخمة وإمكانات معتبرة لحماية الجزائريين من الوباء العابر للقارات "أنفلونزا الخنازير"، كما اقتنت الجزائر مجموعة من الكاميرات الحرارية التي نصبت بأكبر المطارات والموانئ الجزائرية وفعّلت المخطط الوطني لمواجهة الأوبئة التنفسية والذي سبق للجزائر أن حركّته سنة 2003 لمواجهة وباء السارس وأعيد تحريكه بين سنتي 2005 و2006 لمواجهة أنفلونزا الطيور وأثبت نجاعته ويعمل الخبراء وأعضاء خلية الأزمة على تطويره دوريا وتكييفها مع المعطيات الجديدة لوباء أنفلونزا الخنازير. * كما استنفرت وزارة الصحة جميع الطواقم الطبية وأعضاء مراكز المراقبة الحدودية للموانئ والمطارات والمنافذ البرية للتراب الجزائري وحددت وزارة الصحة قائمة حمراء ب21 دولة وزعتها على مصالح المراقبة الصحية للمراكز الحدودية قصد إخضاع جميع القادمين من هذه الدول أو زاروها بالفحص الدقيق قصد التأكد من خلوهم من فيروس "اتش1أن1" وكلها دول سجلت العشرات من حالات أنفلونزا الخنازير. وأكدت المراقبة الوبائية أن الفيروس ينتقل من إنسان إلى الإنسان عبر الهواء في هذه الدول، وتعتبر منظمة الصحة العالمية هذه الحالات كأخطر الحالات الوبائية. * وبعد جدل كبير دار حول طول فترة تجريب لقاح الأنفلونزا لدى المخبر الوطني لمراقبة المواد الصيدلانية والذي استمر لأكثر من 21 يوما، كشفت وزارة الصحة، أمس، عن النتائج الإجابية لاختبار اللقاح، كما أعلنت بداية تلقيح المواطنين منذ عشية أمس. وتجدر الإشارة، أن وباء أنفلونزا الخنازير قتل لحد الساعة 44 جزائريا وسط احتمال إصابة أزيد من 80 ألف جزائري بهذا الوباء. * * كرة القدم تعيد الروح الوطنية والتواصل الاجتماعي * * أعادت الأفراح الرياضية التي صنعها المنتخب الوطني لكرة القدم بتأهله إلى المونديال اللحمة الاجتماعية والالتفاف حول الراية الوطنية وألوانها الزاهية وبعد أن كان رفع العلم الجزائري مقتصرا على المؤسسات الرسمية والعمومية، بات متواجدا في كل الأماكن والمنازل وعلى الشرفات وبات يرسم أيضا على جذوع الأشجار والجدران وظهر مع ذلك تواصل اجتماعي بين مختلف الفئات والأعمار وروح وطنية غيّبتها بعض الظروف وغطت عليها، لم تستطع مختلف السياسات المنتهجة من قبل بعض مؤسسات الدولة تجسيدها، غير أن الكرة صنعت المعجزة وبرهنت على حب الجزائري لأخيه وارتباطه بثوابته وتاريخه ومقدساته. * * أثقل حصيلة لحوادث المرور منذ 10 سنوات * * سجلت الجزائر أثقل حصيلة لحوادث المرور سنة 2009 مقارنة مع 10 سنوات الماضية، حيث فاقت نسبة الحوادث 19389 حادث مرور، أي بزيادة 79 حادثا مقارنة بالسنة الماضية. أما عدد الوفيات، فلقد ارتفع أيضا إلى 2947 وفاة، أي بزيادة تقدر ب76 وفاة مقارنة بسنة 2008. وتبيّن الإحصائيات الأخيرة للدرك الوطني، أن واقع حوادث المرور في الجزائر خطير جدا، بحيث تم تسجيل ارتفاع في حوادث المرور خلال 9 أشهر الأولى لسنة 2009 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية بزيادة قدرت ب79 حادث مرور وبنسبة تقدر 41,0 بالمائة، كما سجل ارتفاع في عدد القتلى ب76 وفاة وبنسبة 65,02 بالمائة، وهذا ما جعل الجزائر تحتل الصدارة عربيا في حوادث المرور العربية. * * المكفوفون... سنة انتظار الاعتراف بالإعاقة تعزز التهميش والحقرة * * في الوقت الذي كان ينتظر المكفوفون الجزائريون أن تكون سنة 2009 فاتحة خير لهم للاعتراف بهم كمعوقين بعد أن حرموا أبسط حقوق التصنيف ضمن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، أطلت عليهم وزارة التضامن الوطني بخرجة نشاز، كما وصفوها، تتعلق بالتعليمة الصادرة بتاريخ 23 ماي 2009 في إطار المرسوم التنفيذي 06-144 المحدد لطريقة استفادة الأشخاص المعوقين من مجانية النقل أو تخفيضه. وتنص التعليمات الجديدة، الموجهة لمديريات التضامن عبر الولايات، على أن يستصدر كل مكفوف ومرافقه يرغب في التنقل، قسيمة من مديريته الولائية تحدد الوجهة في كل مرة يريد السفر فيها وإلغاء صلاحية البطاقات السابقة التي كان معمولا بها، وهو ما علّق عليه مسؤولو المنظمة الوطنية للمكفوفين بالأمر غير المعقول، سيما أنه صادف تنقلهم يوم عطلة أو ساعة متأخرة من الليل. * * بعد 33 سنة.. الجزائريون يتبنون عطلة أسبوع جديدة * * تفاجأ الجزائريون بقرار اتخذه مجلس الحكومة يقضي بتغيير نظام عطلة الأسبوع من يومي الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت ابتداء من 14 أوت 2009، بعد أكثر من 33 سنة من اتباع النظام القديم. * وقد لجأت الحكومة هذه المرة إلى اتخاذ القرار دون سابق إنذار ودون فتح أي نوع من النقاشات، لأن هذا الموضوع كان دائما مثارا للجدل والنقاشات الفقهية والإيديولوجية والسياسية، حتى أنها اختارت فترة عطلة البرلمان حتى لا يتمكن المعارضون من طرح أي إشكال، ومررت القرار عبر مرسوم رئاسي وقعه الرئيس حتى تضع الجميع أمام الأمر الواقع، معللة ذلك بأن البلاد تتكبد خسائر لا تقل عن 500 مليون دولار سنويا بسبب نظام العطلة القديم الذي يتعارض مع مثيله في الغرب، ما يعني تعطيل مصالح البلد والمعاملات 4 أيام أسبوعيا. * وقد وجدت الفئات الاجتماعية المختلفة صعوبة في التأقلم مع العطلة الجديدة لنهاية الأسبوع، خاصة وأن قطاع الوظيف العمومي اعتمد هذا النظام منذ البداية، في حين تراجع عنه قطاع التربية الذي رخص بتقديم الدروس يوم السبت وهي الخطوة التي انتهجتها أيضا وزارة التعليم العالي. غير أن العديد من الشركات العمومية ذات الطابع الاقتصادي أبقت على النظام القديم. * * منع القروض الاستهلاكية يقضي على حلم شراء سيارة وأدوات كهرومنزلية * * أثار قرار منع البنوك من منح قروض استهلاكية منذ 29 جويلية 2009 غضب ملايين الجزائريين من أصحاب الدخل البسيط والمحدود الذين يستخدمون هذه القروض لشراء سلع خارج نطاق قدرتهم، حيث قضى هذا القرار على حلم آلاف العائلات في اقتناء سيارة جديدة بالتقسيط، كما حال دون حصول عائلات أخرى على قروض تمكّنها من شراء أجهزة استهلاكية منزلية، علما أن حجم القروض الاستهلاكية التي منحتها البنوك الجزائرية العام الماضي بلغ 100 مليار دينار. * وأشار مؤخرا رئيس الجمعية الجزائرية لوكلاء السيارات إلى انخفاض مبيعات السيارات بنسبة 25 بالمائة، وإلى أن أكثر السيارات تضررا من قرار توقيف منح القروض الاستهلاكية، هي تلك التي تتراوح أسعارها بين 60 و95 مليون سنتيم. * * غلاء معيشي قاهر سحق الزيادات المتواضعة في بعض الأجور * * عاش الجزائريون على مدار سنة كاملة غلاء معيشيا قاهرا ومؤشرات جنونية لأغلب أسعار المواد الاستهلاكية لم تكن مقتصرة على شهر رمضان الذي اعتاد الجزائريون فيه مثل هذا الواقع، كما وجد المواطن الجزائري نفسه أمام دخول اجتماعي صعب للغاية صادف الدخول المدرسي وحلول شهر رمضان والاحتفال بعيد الفطر في فترات وجيزة لا تفصل عن بعضها إلا بأيام معدودة، وكلها تتطلب ميزانية خاصة وثقيلة. غير أن الملفت للانتباه هذه السنة، هو امتداد الموجة الجنونية لغلاء المعيشة إلى ما بعد هذا الشهر الفضيل، سيما خلال الأشهر الأخيرة من السنة وامتدت لتشمل حتى البقوليات والحبوب التي طالما عرفت استقرارا في الثمن. وأمام هذا الوضع لم تخلف سياسة رفع أجور العمال أي تأثير إيجابي على المواطن البسيط الذي وجد نفسه يستنزف من قبل جهات عدة بدت أطماعها جليه فيما تلقاه من زيادة، كان يعلق عليها آمالا في انتشاله من المعاناة التي يغرق فيها. * * تطور عشوائي للمجتمع الجزائري واتجاه نحو المحافظة * * من أهم الميزات الأساسية التي اتسم بها المجتمع الجزائري خلال سنة 2009، حسب ما كشفت عنه دراسة مقارنة أجراها مركز الإعلام حول حقوق الطفل والمرأة "سيداف"، أن تطور المجتمع الجزائري عشوائي ويتجه نحو المحافظة، حيث شهد على مدار السنوات الثماني الأخيرة تراجعا رهيبا من حيث مفهوم وممارسة حقوق الطفل والمرأة ولم يعرف خلالها التطور المرجو، وعليه تقول مديرة مركز الإعلام حول حقوق الطفل والمرأة "سيداف"، نادية آيت زاي، كان لزاما على المركز العودة مجددا لإجراء دراسة ميدانية تجعلنا نقف عن قرب على تفاصيل هذا الواقع، فبعد الدراسة التي أجريت في سنة 2000 ارتأى المركز، بدعم من وكالة التعاون التقني الاسبانية، إجراء دراسة مماثلة انطلقت في جوان 2008 أثبتت أن المجتمع الجزائري لا يتطور وأن تطوره، إن حدث في بعض المناطق والمجالات، يبقى تطورا عشوائيا وبصفة انفرادية وهو مرتبط بالأساس بذهنيات متوارثة ويميل أكثر إلى المحافظة وتقلص الاعتراف ببعض الحقوق. ومن بين النتائج التي كشفت عنها الدراسة أن 16 بالمائة فقط من الجزائريين الراشدين محل الدراسة يتبنون فكرة المساواة بين المرأة والرجل بعد أن كانت النسبة في مرحلة مضت تناهز 27 بالمائة. وأثبتت الدراسة أيضا أن متغيّر الجنس والانتماء إلى المنطقة يتحكمان بشكل واضح وكبير في اعتناق الأفكار والتمسك بها والنتائج المقدمة، يليهما بشكل أقل متغير المستوى التعليمي وذلك على عكس الدراسة السابقة سنة 2000. * * الحرقة... ظاهرة انتقلت عدواها من الشباب إلى الأطفال والرضع * من بين أهم الظواهر الاجتماعية التي طفت إلى السطح وبشدة خلال السنة الجارية هي ظاهرة الأطفال الحرّاقة، والتي جعلت وضعية الطفولة بالجزائر في المدة الأخيرة حرجة للغاية، إن لم يتم تداركها سريعا. فأكثر من 107 طفل حرّاق عبروا البحار إلى غاية السنة الجارية، سواء لوحدهم أو بمعية آبائهم، منهم رضع لم تتعد أعمارهم الخمسة أشهر، حسب ما أكده السيد نورالدين بلموهوب، حقوقي ناشط بالرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان. هذا بغض النظر عن الأرواح البشرية البريئة التي لا يعلمها إلا الله توفيت في عرض البحار واقتاتت بها القروش. * الظاهرة تنذر بخطورة الوضع وتستدعي تحركات عاجلة لاحتوائها بمعرفة مسبباتها ومحاولة إيجاد حلول على ضوء تلك المعطيات، بعد أن انتقلت من الشباب والبالغين لتصل إلى فئة ضعيفة زج بها في معركة حياة الكبار. * توحيد لون المآزر يحدث أزمة لدى الأولياء * * من أهم الأحداث التي واجهها أولياء مع أبنائهم المتمدرسين خلال الدخول المدرسي لهذه السنة هي الأزمة التي أوجدها قرار وزارة التربية بتوحيد لون المآزر والمحددة باللون الوردي للإناث في التعليم الإبتدائي والمتوسط والأبيض بالنسبة للإناث في التعليم الثانوي والأزرق بالنسبة للذكور في جميع أطوار التعليم، بسبب الندرة التي سجلت على مدار أشهر عدة عانى خلالها أزيد من 60 بالمائة من التلاميذ من القرار الذي أدرجته وزارة التربية ضمن إصلاحاتها الجديدة. وأرجع بعض المختصين سبب الأزمة إلى تأخر الوزارة الوصية في طرح المشروع ما أدى إلى عدم منح الوقت الكافي للمستثمرين في المجال والمؤسسات العمومية أو الخاصة في مباشرة الإنتاج أو الاستيراد.