اليمن البلد العربي الذي لم يدخله الاستعمار الحديث ظل دوما نموذج المعاني العربية الأصيلة من كرم وايمان ونخوة رسخها مديح الرسول ومباركته لأهل اليمن في وجدان الأمة حتى عاد تخصيص اليمن واهلها بالحب والحنو احدى علامات الإيمان كيف لا وهم أصل حاتم الطائي وأخوال الرسول صلى الله عليه وسلم ..؟ * ويقال ان اليمن هم أرومة العرب والبربر جميعا، وكان لانهيار سد مأرب الفضل في انسياح القبائل اليمنية الى اصقاع الأرض.. وفي اليمن ولدت اول تجربة سياسية عرفها التاريخ البشري قائمة على الشورى، تمكنت المرأة فيها ان تتقلد أرقى مراتب الحكم ولنا في قصة بلقيس شاهد جلي خلده القرآن الكريم لأهميته. * اليمن اليوم على شفى جرف هار ويكاد سده ينهار.. انه سد وحدته الوطنية المهدد بكثير من التصدعات المقلقة والخطرة، اذ تطل كل النزعات الانفصالية والنعرات الجهوية من شقوق فساد في النظام السياسي هنا وهناك تكاد تودي بالبنيان كله.. والاختلاف كبير بين انهيار السد قديما وانهياره حاليا لا سمح الله.. فلئن كان انهياره السابق بفعل عوامل الطبيعة وكثافة الغيث، فهو اليوم بفعل كثافة المؤامرات الخارجية وعوامل الاستعمار الخارجي الذي يريد ان يسيطر تماما على القرن الافريقي وعلى باب المندب.. ثم لئن كان الانهيار السابق سببا في انتشار العرب بقيمهم الجميلة الرائعة مشرقا ومغربا فإن الانهيار الآن سيكون جلابا للبلايا والنكبات على اهل اليمن والمنطقة. * هل عبثا ما نرى في كل الإقليم؟ في السودان والصومال واليمن.. ثلاثة بلدان عربية يعبث باستقرارها وأمنها ويصار الى بعثرتها الى مكونات اثنية ومذهبية وجهوية لإحكام السيطرة على كل منها وذلك لتحقيق اهداف اسراتيجية.. فها هم قد تمكنوا من احتلال الصومال وها هو السودان مضغا بين الأسنان المتوحشة ويريدون لليمن ان يكبو على نفسه لتعمل فيه خناجر الغدر والخيانة فعلتها.. وما كل العناوين المعلنة اليوم الا ادوات لايشفع لها أي مبرر كفساد هنا او هناك في النظام او ظلم هنا او هناك في مؤسسات الدولة التي تحتاج بلا شك تطويرا وارتقاء وشفافية.. * اليمنيون لايحتاجون الى الدروس فهم من منح الكون دروسا رائعة في ان الوحدة دين وان الوحدة منهاج وان الوحدة مصير، لذلك قد يحتاج اليمنيون وهم على قدر مسؤوليتهم التاريخية ان يمنحوا القضاء فرصته في ملاحقة الفاسدين وان يضعوا حدا لمظاهر الفساد التي تزكم الأنوف وتتحدث عنها وسائل الاعلام.. ان مجتمعا اكثر نقاء واكثر شفافية هو فقط ضامن الوحدة والاستقرار وليس القوة وحدها.. قد نحتاج الآن للقوة المركزة لحسم، الأمر ونهائيا وفي فترة وجيزة؛ ولكن الجهاد الأكبر بعدها لإصلاح النظام وترقيته ونشر الشفافية فيه والاهتمام بمشكلات الناس البسطاء من تعليم وتطبيب ومعيشة وتنمية. كان الله في عون اليمن.